الرباني أبو الحسن الندوي
هندي من سلالة رسول االله صلى الله عليه وسلم:
ومن وفيات الأعيان ووجوه الناس في رمضان: وفاة الشيخ العالم الرباني أبي الحسن الندوي سنة عشرين وأربعمائة وألف من الهجرة الكريمة:
في إشارات عديدة على حسن الخاتمة، يوم الجمعة، من العشر الأواخر من رمضان المعظم، وفي آخر يوم من السنة الميلادية التي اعتبرها الكثيرون نهاية القرن العشرين، وقبل صلاة الجمعة، وقد توضأ الشيخ واستعد للصلاة، وشرع يقرأ سورة الكهف من كتاب الله تعالى - كما تعوّد كل جمعة – وافى الأجل المحتوم العلم المفرد، والداعية الرباني، والعلامة المتميز، العربي الأرومة، الحسني النسب، الهندي الجنسية، العالمي العطاء: شيخ الأمة، ولسانها الناطق بالحق، الداعي إلى الخير - كما يصفه القرضاوي - السيد أبا الحسن علي الحسني الندوي، عن عمر يناهز التسعين عاماً.
واسمه أبو الحسن علي الحسني الندوي – والندْوي بدالٍ ساكنة على الأصح، نسبة لندوة العلماء بالهند - ابن العلامة السيد عبد الحي ابن السيد فخر الدين ابن السيد عبد العلي، يتصل نسبه بالحسن بن الحسين بن جعفر بن القاسم بن الحسن الجواد، ابن محمد بن عبد الله الأشتر، ابن محمد ذي النفس الزكية، ابن عبد الله المحض، ابن الحسن المثنى، ابن الإمام الحسن، ابن الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنهم أجمعين.
ألف الندوي كتبه بالأردية والعربية، وله ما يزيد على مائتي كتاب ورسالة، وترجمت كتب كثيرة له إلى الإنجليزية والتركية والفرنسية ولغة الملايو.
ومن أشهر مؤلفاته: ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين، وأحاديث صريحة في أمريكا، وإذا هبت ريح الإيمان، والصراع بين الإيمان والمادية، وربانية لا رهبانية، والصراع بين الفكرة الإسلامية والفكرة الغربية، والإسلام وأثره في الحضارة وفضله على الإنسانية.
يقول القرضاوي في بعض ذكرياته مع الشيخ:
مما أذكره ولا أنساه: زيارتنا للشيخ في مدينة لكنهؤ بالهند، مقر ندوة العلماء ودار العلوم، وذلك حين دعانا الشيخ - حفظه الله - للاحتفال بمرور خمسة وثمانين عاماً على تأسيس ندوة العلماء. وقد استجاب لدعوة الشيخ جمهرة من كبار علماء الأمة، من أقطار شتى، على رأسهم فضيلة الإمام الأكبر الراحل الرجل الصالح الشيخ عبد الحليم محمود، شيخ الجامع الأزهر، والذي أبى الشيخ الندوي إلا أن يجعله رئيس الاحتفال، تكريماً وتقديراً للأزهر في شيخه، وحضر معه فضيلة الشيخ الدكتور محمد حسين الذهبي وزير الأوقاف في مصر في ذلك الوقت – المغدور بأيدي دعاة التكفير، عليه رحمات الله ورضوانه - وحضر الشيخ أحمد عبد العزيز المبارك رئيس قضاء الإمارات، والشيخ عبد الله الأنصاري مدير الشؤون الدينية في وزارة التربية بدولة قطر، والشيخ عبد المعز عبد الستار مدير توجيه العلوم الشرعية، وعدد من علماء السعودية وبلاد الخليج. وكانت أياماً حافلة تلك التي قضيناها في رحاب الندوة، وكان مهرجاناً رائعاً وباهراً، اجتمع فيه المسلمون – والهندوس! - بعشرات الألوف، وعاش الضيوف في فيض من كرم الشيخ الندوي وإخوانه، حتى قال أخونا الشيخ محمد المهدي البدري: لم يبق إلا شيء واحد يقدمه لنا الشيخ، وهو أن يزوج كلاً منا فتاة هندية مسلمة!
نال الشيخ جائزة شخصية العام الإسلامية من إمارة دبي، في تكريم مهيب، كما كان رئيس ندوة
العلماء منذ العام 1961م حتى وفاته رحمه الله. وأسس جمعية تبشر بالإسلام بين الهندوس، أصدرت عدة رسائل وبحوث عن الملة الغراء باللغة الإنجليزية المنتشرة هناك.
وأسس رحمه الله المجتمع الإسلامي العلمي في لكهنؤ سنة 1960م وله نشاط وإنتاج في اللغات الإنجليزية والهندية والأوردية والعربية، وله مطبوعات قيمة في هذه اللغات.
كما أسس رابطة الأدب الإسلامي العالمية - التي يتشرف المستعين بالله تعالى بالانتساب إليها منذ إنشائها - وترأسها حتى مات رحمه الله تعالى، وأنشأ المؤتمر العام للهند للمحافظة على قانون الأحوال الشخصية للمسلمين، وهيئة التعليم الديني في الهند، واختير عضواً في المجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي في مكة المكرمة، كما اختير عضواً في المجلس الاستشاري الأعلى للجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة التي أنهيت فيها دراستي الجامعية، وفيها رأيته أول مرة. وكذلك كان عضواً في رابطة الجامعات الإسلامية. واختير عضواً في مركز الدراسات الإسلامية في أكسفورد في بريطانيا.
وكان عضواً في المجتمع الإسلامي لبحوث الحضارة الإسلامية في الأردن. واختير عضواً رحمه الله في مجمع اللغة العربية في الأردن، وعضواً مراسلاً في المجتمع العلمي العربي بدمشق سنة 1957م، كما دعي لإلقاء محاضرات كأستاذ زائر في جامعة دمشق سنة 1956م، وكان مجموع محاضراته التي ألقاها في مدرج الجامعة الكبير اثنتي عشرة محاضرة باسم: رجال الفكر والدعوة في الإسلام وكان رحمه االله كان - رغم كل هذا العلم والمترلة الرفيعة التي أوصله الله إليها -
بسيطاً في ملبسه ومأكله، يتخفف في ثيابه وفراشه، ويكره التكلف والمجاملة الزائدة، ولا يقيم للمال وزناً، ولا يحرص عليه. رحمه الله تعالى.
وقد أسعد الله تعالى عبده المستعين بالله البسيوني برؤيته مرتين: أولاهما في المؤتمر الأول للدعوة والدعاة، الذي عقد في رحاب الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة عام 1977م حين كان المستعين طالباً بها، وثانيتهما حين وفد إلى الدوحة، مدعواً من رئاسة المحاكم الشرعية والشؤون الدينية لإلقاء محاضرة بها، وأكرمني الله بالإشراف على طباعة المحاضرة، وإخراجها، وخط عناوينها.
وسوم: العدد 671