الهادي عبد الفتاح الشريف
(يونيو 1938- ديسمبر 1986م )
الهادي عبد الفتاح يوسف الشريف ( يونيو/1938-ديسمبر1986 م) العمر (48 عام) ، سياسي وأديب سوداني من الشخصيات التي كان لها أثر بارز في مسيرة جماعة الإخوان المسلمين في السودان منذ ستينيات القرن الماضي .
المولد و النشأة :
ولد في منتصف عام 1938م في مدينة ود مدني بوسط السودان في أسرة غلب عليها طابع التصوف بإقليم وسط السودان ، فجده الأكبر عيسى الغدة من مشايخ الصوفية في السودان ومؤسس قرية ود الهندى بمنطقة جنوب الجزيرة ، أما جده لأمه فهو الشيخ محمد الأمين بن الشيخ مدنى خليفة الشيخ محمد مدنى السنى مؤسس مدينة ود مدنى من كبار مشايخ السودان .
المراحل الدراسية :
بدأ الهادي تعليمه الاولى في منتصف الاربعينيات بمدرسة النهر الاولية بود مدنى ثم انتقل إلى الاهلية الوسطى عام 1948م وكان ترتيبه الأول على زملائه.
السفر إلى مصر :
عند اكماله دراسة المرحلة الوسطى قرر والداه ان يكمل تعليمه خارج البلاد فسافر إلى مصر في الخامسة عشر من عمره بعد عام على قيام ثورة 23 يوليو او ما يعرف ب تنظيم الضباط الأحرار لينتسب إلى الأزهر الشريف فبلة انظار الطلاب في العالم العربى والإسلامي ، فأكمل به دراسة المرحلة الثانوية وبعد أربع سنوات تحصل على بكالوريوس الآداب قسم اللغة العربية من جامعة القاهرة في العام 1962م.
الالتحاق بجماعة الاخوان المسلمين :
أثناء فترة دراسته بالأزهر الشريف وكذلك فترة الجامعة ( 1953-1962م) تفتق ذهنه على كيفية رؤيته للإسلام على أسس صحيحة ومناهج قويمة ، ففي الفترة التي تلت الحرب العالمية الثانية ازدادت الأوضاع السياسية والاجتماعية في مصر سوءا وكانت اوضح الجماعات حركة وانتشارا آنذاك هي جماعة الإخوان المسلمين التي أسسها الشيخ حسن البنا في أوائل عام 1928م ، فأخذت تجذب بدعوتها طلاب العلم من الجامعات وغيرها وجميع المثقفين والوطنيين، ونظراً للبيئة التي نشأ بها الأستاذ فقد وضح ميله لهذه الجماعة بدا متأثراً بدعوتها وأفكارها ومبادئها ونضالها في فلسطين ووقوفها في وجه الاستعمار، فانضم اليها في مطلع الخمسينيات وكان من الذين التقوا الشيخ حسن الهضيبي المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين في تلك الفترة ، وكذلك الشهيد سيد قطب أحد أبرز الأدباء والمنظرين الإسلاميين في العصر الحديث والذي أعدمه الرئيس جمال عبد الناصر فيما عرف ب المحاكمات العسكرية للإخوان المسلمين في العام 1966م.
العودة إلى الوطن :
عاد الأستاذ الهادي إلى السودان بعد تخرجه من الجامعة في مطلع الستينيات فعين معلماً بوزارة التربية والتوجيه ومنها بدأ مسيرته التعليمية مدرساً للغة العربية والعلوم الإسلامية بالمدارس الثانوية بمدينة ود مدنى ثم معلماً بمدرسة حنتوب الثانوية ، ثم بخت الرضا بالدويم ، ثم انتقل إلى كلية المعلمات ب أم درمان، ثم تنقل في مناطق عديدة داخل السودان ومنذ الستينيات ظل يعمل بالتعليم إلى أواخر حياته .
العمل السياسي :
كانت عودة الهادي إلى السودان في أواخر فترة الحكم العسكري الأول أو ما يعرف ب الديكتاتورية الأولى فاندفع بقوة مشاركاً في الثورة الشعبية التي قامت ضد العسكر وأطاحت بحكم الفريق إبراهيم عبود في أكتوبر 1964م والتي فتحت الطريق أمام الديموقراطية مرة ثانية ، فمنذ عودته أخذ يبث فكر الجماعة، ويدعو إليه فكان من الكوادر النشطة للحركة عن طريق عقد الاجتماعات والندوات بود مدنى، واتسعت دائرتها بعد الانتخابات التي تلت الثورة رغم ان الجماعة خاضت تلك الانتخابات تحت اسم جبهة الميثاق الإسلامي بقيادة الدكتور حسن الترابي، ولم تفز فيها الا بسبعة فقط من مقاعد البرلمان آنذاك، وكذلك ازداد توسعها بعد المصالحة الوطنية في العام 1977م التي بموجبها تم الاتفاق بين الحكومة متمثلة في حزب الاتحاد الاشتراكي بقيادة الرئيس جعفر النميري وبين بعض أحزاب المعارضة مثل حزب الأمة (السودان) بقيادة السيد الصادق المهدي، والحزب الاتحادي الديمقراطي حسين الهندى، وعندما اندلعت الثورة الشعبية الثانية في ابريل 1985م التي أطاحت بالرئيس جعفر النميري دعا الهادي مؤيداً زوال نظام مايو أو ما يعرف ب الديكتاتورية الثانية ومسانداً قيام انتخابات حرة تحقق الديموقراطية المنشودة للبلاد .
الحس الأدبي :
ظهر حب الأستاذ للغة العربية في مراحل سابقة من حياته الشيء الذي جعله يتخذ من دراستها هدفاً يصبو إليه ونظراً للبيئة التي نشأ بها فهو متأثر بالمديح النبوي بدءاً بمديح الأشراف، فقرأ مدائح يوسف الهندي، وأيضاً مدائح السادة المدنيين وكذلك مشايخ العركيين بابى حراز الذين تربطه بهم علاقة النسب فأعجب بقصائد الشيخ عبد الله محمد يونس التي جمعت في " الدر النظيم في مدح النبي العظيم" وغيرها ، كما قرأ الأدب الجاهلي والمعلقات والأدب العباسي، فأعجبه أبو تمام و المتنبي، وكان يرى فيه ما كان يراه المتنبئ في نفسه عندما قال :
( أنا الذي نظر الأعمى إلى أدبى واسمعت كلماتي من به صمم)
كما أعجب أيضا بـــــــــ( أحمد شوقي )، وكان يرى أن شوقي قد تلمس خطى المتنبئ في كثير من الأحيان في صياغة شعره ومدحه للخديوي انزوائه عن عامة الشعب فترة من حياته ، وفى السودان تأثر بشعراء التجديد مثل محمد المهدي المجذوب فجاءت أبياته على نهج الشعر العمودي لا تخلو من رصانة.
أسرته :
تزوج الشريف الهادي من الأستاذة إقبال حامد الحاج عمر من أسرة الحاج عمر بأم سنط جنوب ود مدنى والتي تنتمى إلى فرع الجابراب أحد فروع الجعليين ( عينت بمنتصف السبعينيات بوزارة التربية والتعليم معلمة للغة العربية والعلوم الإسلامية بالمدارس) له من الأبناء المهندس محمد الهادي عبد الفتاح ولمياء.
وفاته :
توفي صباح السادس والعشرين من ديسمبر للعام 1986م بمدينة ود مدني إثر علة صدرية لم تمهله طويلاً عن عمر يبلغ 48 عام ، ودفن بنسيم الجنة.
وسوم: العدد 681