المهاتما غاندي في ذكرى رحيله
ولد الزعيم والمفكر الهندي كرمشاند غاندي الملقب بـ ( المهاتما ) وتعني صاحب النفس العظيمة في 20 أكتوبر 1869 في بلدة تدعى ( بورباندر ) وهي إحدى الإمارات الساحلية الواقعة في مقاطعة كوجارت شمال غرب الهند .
ينتمي إلى عائلة هندوسية محافظة ، لها باع طويل في العمل السياسي ، عمل والده عضواً بارزاً في محكمة ثم شغل منصب رئيس وزراء الإمارة ، تعلم منه غاندي الصدق في كل شيء ، وورث عنه تعففه وصلابته في مواجهة الحياة . كما استمد من أمه طباعها وسماتها الروحية .
تزوج في سن الثالثة عشرة طبقاً للتقاليد الهندوسية ورزق بأربعة أولاد .
تلقى تعليمه في مدرسة البلدة ، وكان في مراحل دراسته طالباً عادياً ، وتابع دراسته في ( أحمد آباد ) ثم سافر إلى لندن عام 1888 لدراسة الحقوق وعاد في عام 1891 إلى بلده ليمارس مهنة المحاماة .
بدأ يشاهد أشكال التمييز العنصري الذي يمارسه الإنكليز ضد أهل بلده ، فبدأت ملامح شخصيته الثورية بالظهور والتبلور .
سافر إلى جنوب أفريقيا في مهمة قضائية عام 1893 ، وهناك رأى أيضاً التفرقة العنصرية ، ومر بتجربة مريرة طرد فيها من عربات الدرجة الأولى في القطار لأنه ليس من البيض فتولدت لديه براكين الأسى والرغبة في تغيير الواقع .
عاش هناك 22 عاماً ، تمسك فيها بحقوق العمال الهنود المقيمين هناك وأنشأ صحيفة ( الرأي الهندي ) وأسس حزب ( المؤتمر الهندي لناتال ) ولهذه الأسباب سجن واعتدي عليه أكثر من مرة وأوشك أن يعدم إعداماً تعسفياً . وظل مصراً على مواقفه ، والتف حوله أبناء الجالية الهندية والتزموا بتعاليمه ووصاياه .
عاد من جنوب أفريقيا عام 1914 ، وتزعم الحركة الوطنية الهندية ، وأصبح خلال سنوات قليلة الزعيم الشعبي الأهم في الهند ، وقاد الحملة ضد الإستعمار البريطاني رافضاً استخدام العنف مؤسساً لفلسفة المقاومة السلمية أو اللاعنف . ومن أساليبها الإمتناع عن الطعام احتجاجاً ، وفي إحدى الصراعات بين المسلمين والهندوس قرر الصيام حتى شارف على الموت ، مما دفع الجانبين لإنهاء صراعهما .
قرر أيضاً هو وأتباعه مقاطعة الأقمشة البريطانية مما ألحق خسائر فادحة بالمصانع البريطانية ، وأحرق الهنود الملابس البريطانية تقليداً لزعيمهم الذي عرف بملاءته البيضاء .
ولطالما أعلن في مسيرته النضالية ( في البدء يتجاهلونك ثم يسخرون منك ثم يحاربونك ثم تنتصر ) .
وكانت سياسته مع شعبه المتعدد الأعراق والديانات تقوم على عدم التمييز بين دين وآخر أو فئة طائفية وأخرى .
رفض قانون ( الملح ) أي احتكاره من قبل البريطانيين ، وقاد مسيرة شعبية ضد القانون ، وتوجه بالحشد إلى البحر لاستخراج الملح ، ودوى صوت هذه المسيرة في العالم أجمع . مما اضطر الحكومة البريطانية للتفاوض معه حول استقلال الهند في النهاية .. وتحقق الإستقلال عام 1947 .
وصار غاندي رمزاً للمقاومة ومناهضة الظلم والطغيان .
قرأ غاندي القرآن وأعجب بشخصية النبي محمد وخلف العشرات من المؤلفات باللغة الهندية ، ترجم بعضها إلى العربية منها ( قصة تجاربي مع الحقيقة " سيرة ذاتي " – حضارتهم وخلاصنا .. ) وجمع الكتاب أقواله وكتاباته في كتب عديدة غزت العالم وبمختلف اللغات ، وتناولت سيرته وسيرة نضاله كتابات ومؤلفات عديدة .
رشح غاندي لجائزة نوبل للسلام خمس مرات ولم يحصل عليها ، آخرها قبيل وفاته بقليل .
وفي 30 يناير ( كانون الثاني ) 1948 تلقى جسده ثلاث رصاصات من مسافة قريبة أطلقها أحد المتعصبين الهندوس ، وهو محرر في جريدة متطرفة تتهم غاندي بخيانة قضية الهندوس وتسامحه مع المسلمين ، فسلم الروح عن عمر 79 عاماً .
( عن سيرة حياته باختزال شديد )
وسوم: العدد 705