الشهيد خليل عكاوي "أبو عربي"
(1955 – 1986م )
هو المجاهد الشهيد خليل عكاوي أبو عربي رئيس لجنة الأحياء والمساجد الإسلامية في مدينة طرابلس بشمال لبنان ، ولد رحمه الله عام 1955 في التبانة هو من أصل فلسطيني في حداثة سنه كان مسكوناً بحاجة الفقراء وآلام المساكين وتأمين احتياجاتهم وهو الذي نشأ في أفقر أحياء طرابلس في باب التبانة شارك مع أخيه علي في الكفاح من أجل الفقراء ودفع تسلط السلطة الأمنية اللبنانية وما عرف يومها بالـ ”المكتب الثاني” حيث أسس علي مع مجموعة من أصدقائه في التبانة مجموعة عرفت بـ “خمسة ثائرون”.
الشهيد خليل عكاوي(أبو عربي)
بعد رحيل شقيقه الأكبر علي رحمه الله تعالى التحق باليسار والماركسية كردة فعل على غول المال والرأسمالية المتوحشة ثم التحق بفصائل المقاومة الفلسطينية بعد الصعود الثوري بعد النكبة والنكسة.
أطلق بعد ذلك حركة «المقاومة الشعبية» في عاصمة الشّمال بالتزامن مع اندلاع الحرب الأهلية عام 1975، مرتكزاً في أسسها الفكرية وعناوين تحرّكها على خلفية يسارية أقرب إلى الماركسية الماوية، ورافعاً شعارات المقاومة ووحدة الشعب والوحدة العربية ودعم الثورة الفلسطينية. وكان واضحاً تأثر الحركة بالمدّ القومي والناصري.
وفي ما بعد تأثر بالثورة الإسلامية في إيران بعد عام 1979، وهو ما دفع «المقاومة الشعبية» برئاسة عكاوي إلى إجراء مراجعات فكرية، فشارك في نهاية السبعينات ومطلع من الثمانينات من القرن الماضي في جلسات النقاش والحراك الفكري الذي أفضى بجميع تلك النخبة النضالية إلى اعتناق الإسلام كفكر سياسي وإيديولوجي تغييري يأخذ الحق للمظلوم من الظالم .
سعى بجد وجهد لتأسيس عمل بأرضية واسعة على مستوى لبنان كله، لا في باب التبّانة أو طرابلس وحدهما، فأنشأت لهذه الغاية صلات وثيقة مع أفرقاء عديدين في أكثر من منطقة لبنانية.
وبعد جلسات نقاش فكرية ودراسة الواقع المحلي والإقليمي بشكل معمق عقب الاجتياح الإسرائيلي للبنان خطا خطوة غيرت مجرى حياته وحياة ممن معه إنها الحركة الإسلامية ولماذا .. لا … لن يتغير شيء إننا في محور الدفاع عن الفقراء والمستضعفين والمظلومين في وجه الظالمين والمستكبرين لكن بالإسلام فالإسلام أولى فهو ليس أفيون الشعوب كما قالوا بالفكر العلماني بل هو الفكر الأصيل المتجذر في مواجهة كل أشكال الظلم المحلي والإقليمي والدولي الرسمي وغير الرسمي فقرر أن يخطو بشجاعة مع الدكتور عصمت مراد والشيخ سعيد شعبان رحمهم الله فأطلقوا حركة التوحيد الإسلامي وانطلقت بجناحيها حركة لبنان العربي والمقاومة الشعبية .
وتعدّ حركة التوحيد الإسلامي الإطار الأوسع الذي شكّل تجمعاً للعديد من القوى، وكان أبو عربي بمجموعته أشبه بعمودها الفقري المقاتل.
كان محبوباً كثيراً من أهله في باب التبانة ومهاباً في نفس الوقت كان بسيطاً يتنقل بين الأزقة يصلي في مساجد المنطقة لا سيما مسجد حربا يحضر الدروس في المساجد ويقيم الحلقات أسس مع مجموعة من إخوانه مدرسة الدعاة والخطباء، ومدرسة لمحو الأمية .
بقي ذكره العطر وبقيت محبته في قلوب من عرفه ومن لا يعرفه فلا تكاد تمر في أحد أحياء باب التبانة وتذكر اسمه إلا يتمتم الناس بالرحمة عليه.
اغتيل خليل عكاوي ”أبو عربي” في شهر فبراير بالمدينة نفسها، مصاباً بحوالي خمسين رصاصة . .على يد الأجهزة الأمنية التي كانت تحكم البلد يومها فنصبت له كميناً في منطقة باب الحديد بعد عودته من اجتماع لحركة التوحيد الإسلامي في منطقة أبي سمراء فقضى شهيداً عام 1986 …ووري الثرى في جبانة الشهداء في باب الرمل قرب مسجد الأمير المملوكي سيف الدين طينال.
وقد رثاه الشاعر الشيخ أكرم خضر رحمه الله فقال فيه :
مثل الصحابة في الأخلاق والأدبِ كأنما عمر الفاروق لــــــــم يغبِ
يطوف ليلاً على الأيتام يطعمهم يطعم الجوعى والأمعاء في سغبِ
قد قاتل البغي والطاغوت منفرداً كل الطواغيت خافت من أبي عربي
كما رثاه الشيخ سعيد شعبان في مرثية مؤثرة ومما جاء فيها :
يا خليلاً بين خلان التقى نال حمداً نال مجداً سؤددا
كنت للإسلام تدعو صابراً لائماً من فرقونا قددا
كنت في المحراب عبداً خاشعاً كنت تبكي كنت تهوى المسجدا
لم تخن يوماً وإني شاهد كنت عفاً مستقيماً سيدا
كنت تأتيني صباحاً كلما هاجك الشوق إلينا قاصدا
أو تمسينا بوجه مشرق كلما أظلم ليلي ساجدا
قد عفا الله وإني شاهد كنت تدعو أن نشد العضدا
يا خليلاً كنت أفقاً واسعاً كنت رحباً ورحيماً مرشدا
يا خليلاً ملأ الحي علاً وضيــاء ومضــاء وفـــــــدا
كنت للخائف أمناً يا أخي كنت للمسكين ركناً صامدا
كنت للأيتام أمــاً وأبــاً ولمن مات بنوهم ولــدا
كنت حراً وأبيـــاً وفتى تقتفي آثار طه أحمــدا
تقلب الشهيد في فكره فتأثر بالفكر القومي الناصري ثم بالفكر الشيعي ولكنه لم يكن ذنباً أو إمعة لذا قتلته المخابرات السورية، واعتقلت الشيخ سعيد شعبان ...وسجنت الشيخ هاشم منقارة ومع الأسف مازال شيخنا مخدوعاً بأعداء الأمس ..مؤيداً لتيار الممانعة ...نسأل الله تعالى الثبات .
ورحم الله خليل عكاوي أبو عربي، وأسكنه فسيح جنانه، فلقد كان رحمه الله تعالى مثال البطل الزاهد، والشجاع المجاهد، والشامخ المتواضع.
مصادر الترجمة :
-موقع حركة التوحيد الإسلامي في لبنان .
-تتمة الأعلام : محمد خير رمضان يوسف : 1/ ص 163 .
-المجتمع : ع 755 (9/6/1406ه ) – ص 19 .
وسوم: العدد 709