رحيل شاكر مصطفى صاحب "استراتيجية الثقافة العربية"

المثقفون واحات محدودة في امتداد الصحراء

دمشق: من سلوى الاسطواني

الكويت: من فادية الزعبي

فقدت الساحة الثقافية السورية والعربية أحد أبرز وجوهها العلمية والأدبية المؤرخ والأديب السوري الدكتور شاكر مصطفى الذي توفيَّ الخميس الماضي عن عمر يناهز الثامنة والسبعين، وقد شيع جثمانه يوم الجمعة في موكب كبير ضم عدداً من المسؤولين والمثقفين والكتاب والصحافيين إلى مثواه الأخير في مدافن العائلة في دمشق.. ووصفته الأوساط الرسمية في سورية بأنه أحد أعلام الثقافة العربية في هذا القرن.

والدكتور شاكر مصطفى، وهو دمشقي ومن مواليد عام 1921م قدم العديد من المؤلفات التاريخية والأدبية وكان الدكتور شاكر مصطفى قد عمل في التدريس الثانوي في ثانويات دمشق قبل أن يصبح مديراً للتعليم في محافظة درعا ثم انتقل إلى التدريس الجامعي وأصبح أميناً عاماً للجامعة السورية ثم دخل بعدها السلك الدبلوماسي فكان ملحقاً ثقافياً في مصر ثم قنصلاً عاماً لسورية في كولومبيا والبرازيل وبعدها أصبح أميناً عاماً لوزارة الخارجية السورية فوزيراً للإعلام.

وبعدها عمل في التدريس الجامعي في الكويت أستاذاً للتاريخ الإسلامي في جامعتها وتسلم منصب عميد كلية الآداب كما شغل منصب أمين عام لجنة التخطيط الشامل للثقافة العربية في المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم في تونس الذي رشحته الكويت.

ونال الدكتور شاكر مصطفى الدكتوراه في التاريخ من سويسرا.. وتناولت أطروحته موضوعين أحدهما عن الدولة البويهية في دمشق والآخر عن التاريخ والمؤرخين في العصرين السلجوقي والأيوبي.

أصدر الفقيد أكثر من 50 كتاباً زاوج فيها بين الأدب والتاريخ، فقد كان يتمتع بلغة رشيقة سلسلة استمدها من بداياته في الكتابة الأدبية.

ومن كتاباته الفكرية والأدبية والتاريخية "القصة في سورية" و "بيني وبينكم" و"في ركاب الشيطان" و"الأدب في البرازيل" و"استراتيجية الثقافة العربية" في ستة مجلدات إضافة إلى العديد من الكتب التي تناول فيها موضوعات من التاريخ العربي على اختلاف مراحله، "التاريخ العباسي" و"فلسطين في العصرين الأيوبي والفاطمي" و"العالم الحديث" و"المدن في الإسلام" و"مختصر التاريخ وحضارة الطين" و"دليل التاريخ والمؤرخين" و"موسوعة العالم الإسلامي ورجالها" و"كتب وأوراق من التاريخ" التي تقع في أكثر من ثلاثين كتاباً، كما كتب مئات المقالات والأبحاث للصحف والمجلات المختصة، وبرحيل هذا الإنسان الذي أثبت حضوره منذ الأربعينيات وحقق إنجازات فكرية غنية في إطار الثقافة تكون سورية قد فقدت أحد أهم علامها..

وكانت (الشرق الأوسط) قد أجرت لقاءً مطولاً مع الدكتور شاكر مصطفى تحدث فيه عن التراث والثقافة العربية المعاصرة والتأثيرات الغربية بهذه الثقافة وقال الفقيد في هذا اللقاء الذي سينشر قريباً أن هناك ثلاثة مقومات تكوينية لهذه الثقافة متفاعلة فيما بينها ومتداخلة التأثير والتأثر والخطوط، وهذه المقومات هي التراث والوضع الثقافي العام، وهو مجموعة النشاطات الفكرية والفنية والأدبية والاقتصادية، أما المقوم الثالث فهو تيار التفاعل والتأثيرات القادمة إلينا وخاصةً من المغرب.

وعبر الدكتور مصطفى عن تفائله بمستقبل الثقافة العربية قائلاً:

أن هناك ثقافة خاصة بنا ومن إنتاجنا، وهي بنت ذاتيتنا، ومواقفنا، ولاحظ أن هناك تكويناً ثقافياً جديداً ومتطوراً، فهناك تقدم في الفن التشكيلي، ونجاح في القصة والرواية.

كما تحدث في هذا اللقاء عن قصور اتحادات الكتاب الرسمية التي تجتمع وتأتمر بأمر السلطات وعن مشكلة (المغارات الإقليمية) كما سماها بحجة (الوطنية) تارةً وبحجة (الحفاظ على التراث الذاتي مرةً أخرى). وانتقد الدكتور شاكر مصطفى في لقائه هذه الحكومات التي لا تصرف إلا أقل من نصف المائة من ميزانياتها الثانوية على الثقافة والتي تنظر إلى المثقف باعتباره شخصاً مشبوهاً، يحمل الكلمة كبندقية، ولذلك يرى أن مشكلة الحركة الفكرية هي المشكلة الكبرى للثقافة العربية في السنوات الثلاثين أو الأربعين الأخيرة.