العلامة الشيخ الشهيد مصطفى حورية

(1956- 2016م )

clip_image002_c00e1.jpg

هو العلامة الشيخ الشهيد مصطفى محمد كامل حورية - رحمه الله - الذي يعد من أبرز علماء مدينة إدلب في شمال سورية .

المولد والنشأة :

ولد مصطفى حورية في قرية بسامس في ريف إدلب عام 1956م، ونشأ في ظل أسرة مسلمة ملتزمة، وترعرع على قيم الخير والطهر والفضيلة .

دراسته ومراحل تعليمه :

تدرج في مراحل التعليم المختلفة في مدارس مدينته (إدلب ) .

ثم حصل على البكالوريوس في الرياضيات من كلية العلوم في جامعة حلب، وكان الأول على دفعته .

مغادرة سورية :

كان الأستاذ مصطفى حورية من العلماء البارزين في جماعة الإخوان المسلمين في منطقة أريحا في ريف إدلب في الشمال السوري الجميل .

عمل في التدريس في مدارس إدلب، وكان د. حسين قطريب من أبرز تلاميذه .

وكتب أحد شعراء الدعوة حواراً جرى بين الشهيد مصطفى حورية،  ووالدته حصل في الثمانين من القرن الماضي، وكان -رحمه الله -رجلاً صالحاً متميزاً على أقرانه - ولا نزكي على الله أحداً - ولكن حسب ما يقول من يعرفه  هو شخصية جبل  بالإيمان والتقوى، والأبيات توضح ذلك علماً أن  الشيخ مصطفى هو وحيدها :

أماه إني قد نذرت حياتي        من أجل ديني فافرحي بمماتي

أماه إني لست أرضى مذلة          وأنا العزيز وابتغي الجنات

سلب الطغاة ديارنا وتفننوا   في القتل والتعذيب في الساحات

لم تثنهم كل الروابط بيننا             لم يرعووا للدمع والآهات

قادوا الشيوخ الى السجون بقسوة    وتفاخروا باللهو واللذات

وكذا الحرائر قادها أزلامهم        للسجن للتعذيب واللكمات

أماه ماذا ترتئين فإنني              أبغي الجهاد لتنتهي مأساتي

ابني. بل أنت الرجاء لوحدتي         بعد الاله ومأمني وثباتي

لكنني أرضى الحياة كريمة        أم الشهيد، واحتسب عبراتي

فامضي إلى ساح الوغى ببسالة  لبى النداء وامثل الصيحات

واعلم بانك خالد في جنة       بين الورود واطيب النفحات

وسنلتقي في جنة الله التي          ارجو المآل اليها بعد مماتي

فأرى سمية مع أسماء التي      صبرت فكانت أسوة الأخوات

وأما إمعان الأسد الأب في مطاردة الدعاة غادر سورية؛ ليستقر في السعودية عام 1403ه ، فعمل هناك في التدريس .

واستقر في عنيزة، وسكن قريباً من جامع الشيخ محمد بن عثيمين – رحمه الله تعالى- .

 وقد تتلمذ على يد الشيخ العلامة عبد العزيز بن باز ، كما نهل العلم على يد الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله، حين كان مقيمًا في المملكة، وكان يبكر للمسجد، ويأوي إلى مؤذن الجامع المشهور ( إبراهيم الريس) رحمه الله، ويأنس به، ثم صار يجلس مستمعاً في حلقة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله.

‏وحُبب إليه طلب العلم، فلازم الدرس ملازمة تامة، وأبدى وعياً وفهماً، وشجعه الشيخ، وأعانه على الطلب حتى صار مبرزاً بين طلابه يقرأ عليه صحيح البخاري وغيره.

‏ظلّ  مصطفى حورية يتردد بين عنيزة وإدلب على مدى عشرين سنة، وقدّر للدكتور أحمد عبد الرحمن القاضي أن يزوره في ( إدلب) نحو سنة ١٤١٣ه ، فوجده يعيش مع والدته في بيت متواضع، ويملكون بعض أشجار الزيتون.

العودة إلى الوطن :

عاد  الأستاذ الشيخ مصطفى خورية إلى وطنه سورية في  عام 1992 م.

وكان منزل الشيخ مقصدًا لأهالي المدينة، يسألونه عن القضايا الشرعية، وشؤون الحياة، الأمر الذي أقلق السلطات التي اعتادت على قمع أي مشروع ديني أو توعوي لا يصبُّ في مصلحتها.

الاعتقال والسجن  :

clip_image004_42154.jpg

وكان الشيخ يستدعى إلى أفرع الأمن، وكانوا يطلبون منه أسماء من يتصل به أو يجتمع به بعد صلاة المغرب ويأخذون عنه العلم ، وكان يقول لهم : إنهم أناس عوام يسألون عن أحكام الصلاة والصيام ، والتفسير والحديث ، وكان استدعاءه شبه شهري ، وكان مصنفاً عندهم بأنه شيخ معتدل ، وكانوا يقولون له هذه إجراءات روتينية مفروضة عليهم ، ثم اقتحمت المخابرات بيوت بعض الذين يحضرون مجالسه ودروسه ، واحتجزوا بعض الكتب والحواسيب ، ثم اعتقل الشيخ مصطفى حورية رحمه الله في 28 تموز 2007 م، مع جميع من كان يرتاد منزله من تلاميذ، وطلاب شرعيين، من أمثال : أحمد عبد القادر كروم، ويوسف عمر دهنين، واعتقل حتى العوام، وأخبرت زوجة الشيخ أنه اعتقل معه قرابة الخمسين شخصاً، وتنقل الشيخ مصطفى حورية في عدة أفرع أمنية، حيث سجن في فرع فلسطين / فرع 235/ بدمشق؛ ليستقر به الحال في سجن (صيدنايا) ذائع الصيت، ولم تفلح المناشدات التي أطلقها علماء سعوديون، وعرب في إطلاق سراحه. ولم يسمح لأهله في زيارته ولم توجه له تهمة ولم يقابل محامياً، ولم يجرؤ أحد من أقاربه أن يبلغ منظمة حقوق الإنسان عنه خوفاً من بطش النظام .

وقد نشرت (شبكة الدفاع عن السنة) على موقعها في الانترنت خبر اعتقاله، وكانت  هذه الشبكة من متتبعي أخبار الشيخ رحمه الله، وكتبت عنه أكثر من موضوع منها :

1-بشار الأسد يأخذ بنصيحة الشيخ علي الكوراني، ويسجن أبرز تلاميذ العلامة ابن عثيمين ونشر المقال في :24 - 5 – 2010م :

(( استجابة لنصيحة المعمم الرافضي علي الكوراني للرئيس السوري بشار الأسد بضرب أهل السنة بيد من حديد في سوريا والسلفيين خاصة منهم، ومنعهم من مزاولة أبسط حقوقهم الدعوية، ومعاملتهم معاملة المجرمين والخارجين على القانون، قام النظام النصيري الجائر بالحكم على الشيخ السوري مصطفى حورية بالسجن عشر سنوات صبيحة هذا اليوم بتهمة نشر الوهابية في بلد لا يسمح إلا برفع ثلاث صور: وهي صور الأسد الأب، وابنه، وحسن نصر الله.

ويعتبر الشيخ مصطفى حورية من أقدم وأبرز تلاميذ العلامة الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، أخذ عنه حتى ارتوى وعاد إلى بلده لينشر دعوة الكتاب والسنة بالحكمة والموعظة الحسنة ..

أخلاقه وسماته :

 ومما عُرف عن شيخنا -فرج الله عنه، ونفس كربته - العلم الوافر، والعقل الراجح، والخلق الحسن، والرأي السديد، والابتعاد عن كل ما يثير الفتن والضوضاء، والابتعاد أيضاً عن السياسة بكل صورها موالية كانت أو معارضة، تقديماً لدعوة الناس إلى التوحيد، ومتابعة النبي - صلى الله عليه وسلم - عما هو دونها.

ولم يشفع له كل ذلك، فأُخذ من بيته، واقتيد إلى السجن، وعومل معاملة المجرمين، ومن ثم حكم عليه بالسجن عشر سنوات، ولم تكن تهمته إلا نشر ما يسمونها "بالوهابية"، وتالله ما هذا إلا لأجل تسهيل مهمة زمر المشيعين من العراقيين، والإيرانيين الذين يعيثون الفساد في مدن وقرى سوريا السنية الأبية، منعاً من أن يواجهوا بالعلم، والمنطق، والبرهان.

وأمام هذا الحزم والبطش بأهل السنة، مازال النظام النصيري يسمح لأبناء عمومته من الروافض لنشر باطلهم وبدعهم وشركهم، ويحارب، ويرهب كل من يقف في طريقهم أو يعترض على أفعالهم.

إن النظام النصيري يظن أن التاريخ لن يحاسبه، وأن الشعب السوري السني سيطول صمته، وسيغفر له جرائمه، ولكنه واهم جدا، فإن أجل الله إذا جاء لا يؤخر، ولا يحيق المكر السيء إلا بأهله.

2- أما المقال الثاني فجاء تحت عنوان : من يفك قيد الشيخ مصطفى حورية وإخوانه من سجون النصيرية في سوريا ، وقد نشر في :20 - 2 – 2011م :

((مرت ثمانية أشهر على اعتقال الشيخ مصطفى حورية إثر محاكمة عسكرية بتهمة التدين لا غير، ومن وقتها لم تسمح العصابة النصيرية حتى لأهله بالاتصال به وتقصي أحواله، ولم يشفع له عمره الذي تجاوز الستين وكذلك مرضه، بأن يحظى بظروف اعتقال تتناسب وأدنى درجات الكرامة الإنسانية.

والشيخ –فرج الله عنه- واحدٌ من عشرات آلافِ الأحرارِ الذين طالتهم يد البغي والإجرام والحقد النصيرية، وزجت بهم في سجونها التي لم تسمع البشرية بمثل قهرها وعذابها وحميمها وغسّاقها.

هذه السجون التي أنشئت خصيصا لتعذيب أهل السنة وعلمائهم وقادتهم ومفكريهم ومثقفيهم وشبابهم، لتحافظ على نظامها المجرم الطائفي، وعُرف من بين هذه السجون سِجْنَا تدمر والمزة اللذان نال نزلاؤهما أصناف الويلات والأهوال والعذاب البدني والنفسي الذي يصل إلى افتعال الفاحشة بزوجة السجين أو ابنته أو أخته أمامه لقهره وإذلاله.

ومن تتبع الأخبار الواردة من السجون النصيرية –على قلتها- سيصيب قلبه الحزن والألم مما نال أهل السنة فيها من ظلم وإبادة جماعية، ولو أردنا أن نذكر نتفا منها لاحتجنا إلى مجلدات ضخام، ونكتفي بذكر واحدة منها وهو ما حدّث عنه أحد أساتذة الجامعة السورية المفرج عنه بعد 25 عاما، يقول: كان غداؤنا يأتينا في وعاء كبير، وقبل أن يصل إلينا يقع بأيدي زبانية النصيرية، فيقوم إثنان منهم بالتبول والتغوط فيه، وبعدها يجبروننا على الأكل منه، ومن يمتنع يؤخذ به إلى الجلوس على ما يعرف بالكرسي الألماني وهو: كرسي معدني له أجزاء قابلة للحركة يشد عليها وثاق السجين من اليدين والقدمين، ويتجه مسند الكرسي الخلفي إلى الوراء فيسبب توسعاً كبيراً في العمود الفقري وضغطاً مؤلماً على عنق السجين وأطرافه، ليصل الأمر بالسجين إلى أن ينقطع نفسه ويختنق ويفقد الوعي وتتكسر فقراته، ليعود الزبانية إلى حلها ويستفيق السجين، وهكذا حتى يأكل من طبخهم، سقاهم الله من ردغة الخبال هم وأسيادهم.

واليوم المطلوب من الشعب السوري السني أن يثور على طاغية دمشق النصيري ونظامه العفن، وأن ينتقم لشهدائه من أهل حماه وغيرهم الكثير من المفقودين والذين دفنوا بالسر.

نسأل الله تعالى أن يهيئ لأهل السنة في سوريا أمرا رشدا، وينصرهم على عدوهم، وينتقم لشهدائهم وعلمائهم.

أحواله الاجتماعية :

وفضيلة الشيخ مصطفى حورية متزوج من ( أم عبد الله) ، وله ولد وحيد هو الشهيد عبد الله مصطفى حورية ، وله بنيات لاجئات في تركيا، نسأل الله أن يتولاهم ، وأن يغفر للشيخ مصطفى، ويرحمه .

-الشهيـــد عبــد الله مصطفى حــوريــة :

clip_image006_43b49.jpg

هو من مواليد مدينة إدلب في شمال سورية عام 1997 م .

نشأ في كنف والده الشيخ مصطفى حورية المعتقل في سجون بشار الأسد .

 وكان مشاركاً في جميع المظاهرات المسائية، والصباحية، وشارك أيضاً في حملة كلنا حمص الاغاثية....

وانضم إلى الجيش الحر عند دخول الجيش الأسدي مدينة إدلب 11/3/2012

نشاطه في الثورة :

رغم أنه كان وحيداً إلى والديه إلا أنه انضم إلى كتيبة الشهيد خالد قبيشو للدفاع عن أرضه، وتحريرها من آل الأسد .

استشهاد عبد الله مصطفى حورية :

عندما كان يخوض المعركة  لتحرير مدينة إدلب في المرة الأولى للدخول الجيش الأسدي على مدينة أطلق النار عليه من الطيران، واستهدفه خلف كازية الأفندي فاستشهد بتاريخ 16 / 4/ 2012م ؛ ليكون شهيد الوطن ليرتقي بدمائه وجثمانه مع الشهيد يحيى مقشع، ولكن تمَّ دفنه في اليوم الثاني بجامع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه، وكانت دمائه لا تزال تسيلُ، و قد منع الأمن  أهل المدينة من تشيع جثمانه، وأن لا يخرج معها أكثر من / 15 / شخصاً، وكان دائم يردد مقولة (أنا لا أعيش في بلد يحكمها آل الأسد) .

وفاة العلامة مصطفى حورية، واستشهاده داخل السجن :

وقد لقي العلامة الشيخ الشهيد مصطفى حورية وجه ربه في سجون النظام النصيري المجرم في يوم السبت 27 شباط 2016م نتيجة التعذيب، والسجن، والمرض والظروف القاسية التي كان يعاني منها .

ونعاه العديد من العلماء السوريين، والسعوديين من أمثال د. عمر المقبل، ود. أحمد عبد الرحمن القاضي ..وغيرهما .

المراجع :

1-            موقع شبكة الدفاع عن السنة .

2-            موقع عنب بلدي .

3-            موقع د. أحمد عبد الرحمن القاضي .

4-            أرشيف شهداء الثورة السورية .

وسوم: العدد 737