الشيخ الداعية د. عدنان بدر الدين سعيد
(1354/1935 ـ 1430/2009 )
هو الشيخ الداعية المحامي الدكتور أبو بدر عدنان بن بدر الدين بن عبد الله سعيد الذي يعدُّ مفكّراً إسلامياً من طراز فريد، وهو أحد الدعاة المربين الفضلاء، وعضو المحكمة العليا لجماعة الإخوان المسلمين في سوريّة، وعضو نقابة المحامين في اللاذقيّة، والمستشار الفني لدى الندوة العالميّة للشباب الإسلامي في الرياض بدءاً من تاريخ 12/2/1401 وانتهاء بتاريخ 12/2/1412حيثُ استقال ...
ارتبطَ بعلاقات متميزة بإخوانه الدعاة من أمثال : محمد فاروق بطل، والشهيد أمين يكن، و الدكتور موفق دعبول، والعلامة المؤرخ محمود شاكر، والعلامة الشيخ محمد علي مشعل، والشيخ الأديب محمد المجذوب وغيرهم من قادة العمل الإسلامي في سورية.. وكان لطيف المعشر طلق المحيا مع الصغير والكبير شديد التواضع، صبوراً على الشدائد وآلام الغربة ..
المولد والنشأة :
ولد الشيخ الداعية عدنان بدر الدين سعيد عام /1935/ في مدينة اللاذقية، الواقعة غرب سورية، والمطلة على البحر الأبيض المتوسط ..، ونشأ في كنف والده التاجر الحاج بدر الدين بن عبد الله سعيد ـ رحمه الله تعالى ـ وهو أحد أثرياء ووجهاء مدينة اللاذقية، تُوفي عام /1981/ بعد هجرة ولده عدنان، وبقيَتْ غصة في قلب (أبي بدر) إلى آخر يوم في حياته؛ أن يموت والده وهو بعيد عنه، لكن أبا بدر ليس الوحيد في ذلك. فكل الذين هاجروا في الله ـ على كثرتهم ـ لم يمكَّنوا من توديع أحبائهم، ولم يمكّن الآباء والأمهات من توديع أبنائهم، وهم في دار المهجر ـ اللهم انتقم من الظالمين، والعنهم لعناً كبيراً ـ.
وينتمي الشيخ عدنان إلى أسرة من الأسر العريقة والمعروفة في مدينة اللاذقية.
وتربَّى عدنان سعيد في طفولته في بيت علم وتقوى ملتزم بالقيم الإسلامية والسلوك الإسلامي، فتربى – رحمه الله تعالى - على الفضائل ...
وكان والده ـ رحمه الله تعالى ـ من قدماء الإسلاميين في هذه المدينة، ومن مؤسسي جماعة الإخوان المسلمين في اللاذقية، يعمل إلى جانب الأديب الكبير والشاعر الإسلامي الشيخ محمد المجذوب ـ رحمه الله تعالى ـ مؤسس حركة الإخوان المسلمين في اللاذقية، ورئيس إدارتها.
وكان من أوائل العاملين في ميدان التجارة والصناعة والزراعة في الساحل السوري، أمّا والدته فهي الشريفة (عالية بنت القاضي الشيخ محمد محاسن الأزهري)، نقيب الأشراف في اللاذقيّة، وكان بيت جدّه ملجأ للناس كلّما ادلهمّتِ الخطوبُ، واشتدّت ضراوة المستعمر الفرنسي وعملائه .
فمن هو القاضي الشيخ محمد محاسن الأزهري ؟؟ :
وجه منير بنور العلم والايمان من أبرز شخصيات اللاذقية
الشيخ العلامة القاضي الحسيب النسيب نقيب الأشراف محمد محاسن الأزهري أحد كبار أعيان اللاذقية ووجهائها وعلمائها، سليل أسرة علمية عريقة ، سكن حي الصباغين العريق، وداره كانت معروفة مقابل حمام الجديد.
شغل وظائف عدة أهمها القضاء في بلدات مختلفة، ونقيب الأشراف خلفا لأخيه الشيخ العلامة القاضي محمد مواهب الأزهري، ومن قبله والدهم العلامة الكبير محمد سعيد الأزهري رحمهم الله.
كما كان مدرسا وخطيبا في جامع الجديد ومساجد أخرى .
تخرج على يديه ثلة من علماء اللاذقية ومن بينهم أبناؤه الثلاثة الشيخ صلاح الدين الأزهري، والشيخ عماد الدين ، والشيخ حسين رحمهم الله جميعا.
مثل اللاذقية مع ابنه الشيخ صلاح الدين في مؤتمر علماء بلاد الشام الأول الذي انعقد في 6 ايلول 1938 وكان هدفه محاربة آثار الاستعمار ، والذي ترأسه مفتي حمص العلامة الشَّيخ طاهر الأتاسي رحمه الله .
وكانت وفاته في 1951/1/17 وصلي عليه في جامع الجديد، ودفن في مقبرة القلعة، رحمه الله رحمة واسعة. .)الشيخ صلاح الدين الأزهري :
وجه منير بنور العلم والايمان من اللاذقية
الشيخ الجليل الحسيب النسيب الأستاذ المربي صلاح الدين أزهري - رحمه الله- (1918-1997)
سليل أسرة علمية عريقة تلقى علومه الشرعية متربعاً في حلقات العلم التي كان يديرها والده العلامة الشيخ نقيب الأشراف محمد محاسن، وعمه العلامة الشيخ نقيب الأشراف محمد مواهب رحمهما الله كما تربع في حلقات العلم المختلفة لعلماء البلدة آنذاك، وتتلمذ وأخوته على ثلة من علماء بلاد الشام أهمهم العلامة الكبير العارف بالله الشيخ إبراهيم الغلاييني مفتي قطنا وأحد الأعلام في بلاد الشام.
أكمل دراسته في الأزهر الشريف، وتربع بحلقات العلم عند أكابر علماء مصر كالعلامة يوسف الدجوي، والعلامة زاهد الكوثري ، والعلامة محمد أبو زهرة وغيرهم من أكابر علماء ذاك العصر.
كان من أقرانه في الرواق الشامي علماء أعلام كالشيخ العلامة القاضي الشرعي محمد سيادي المراد -رحمه الله- الذي قطن معه في بيت واحد خلال الدراسة الأزهرية وأصبح صهره فيما بعد حيث تزوج من أخته السيدة عزة أزهري رحمها الله. وشاركهما بالسكن فيما بعد العلامة مفتي حماة الشيخ بشير المراد رحمه الله وكلاهما شغلا وظيفة القضاء الشرعي في اللاذقية.
وكما رافق نخبة رفيعة من طلبة العلم الشرعي من بلاد الشام آنذاك في الازهر الشريف نذكر منهم العلامة الكبير المحدث عبد الفتاح أبو غدة، والعلامة الكبير الفقيه الحنفي البارز محمد علي المراد -رحمهما الله -.
شغل وظائف عدة أهمها الخطابة والتدريس بجامع الجديد خلفاً لوالده، وكانت دروسه مميزة جداً ومحببة لقلوب طلابه، ويشهد على ذلك أحد تلامذته آنذاك ألا وهو الأستاذ ياسر صار يحفظه الله حيثُ يقول : (كان الشيخ صلاح الأزهري - رحمة الله - مدرساً في جامع الجديد السلماني , وكنت أحضر هذه الدروس , وأجد فيها شيئاً جديداً من حوار ونقاش, وربما الذي شجعنا على ذلك أنه كان يدرسنا في ثانوية التجهيز ( ثانوية جول جمال ).
كما درس في مدارس اللاذقية مادتي اللغة العربية والتربية الإسلامية وخصوصاً في مدرسة التجهيز (جول جمال)، ثم انتقل فيما بعد إلى المملكة العربية السعودية ليعمل هناك في مسلك التدريس.
مثل اللاذقية مع والده الشيخ محمد محاسن في مؤتمر (علماء بلاد الشام الأول) الذي انعقد في دمشق برئاسة العلامة الكبير مفتي حمص الشيخ طاهر الأتاسي رحمه الله وحضره أكابر علماء الشام في 6 ايلول 1938 الذي كان هدفه محاربة آثار الاستعمار السلبية.
توفى رحمه الله في الرياض عام ١٩٩٧ ودفن فيها.
رحم الله هذا العالم الجليل رحمة واسعة وأدخله جناته.
2- والشيخ عماد الدين الأزهري :
وجه منير من اللاذقية
الشيخ العالم الجليل نقيب الأشراف عماد الدين الأزهري رحمه الله 1916 - 1976
سليل أسرة علمية عريقة..آخر نقيب للأشراف في اللاذقية خلفا لوالده العلامه الشيخ محمد محاسن وعمه العلامه الشيخ محمد مواهب نجلا
العلامة الكبير الأديب نقيب الأشراف محمد سعيد رحمهم الله تعالى.
تلقى علومه الشرعية متربعا في حلقات العلم التي كان يديرها والده وعمه وعلماء البلدة كما تتلمذ وإخوته على ثلة من علماء بلاد الشام أهمهم العلامة الكبير العارف بالله الشيخ إبراهيم الغلاييني مفتي قطنا آنذاك رحمه الله تعالى.
شغل وظائف بالتدريس الشرعي والخطابة في عدة مساجد، وكان آخرها في جامع الإمام المغربي حيث توفي فيه في أول أيام عيد الأضحى المبارك عندما كان يرفع يديه ليدخل صلاة العيد رحمه الله تعالى عام 1396 عن ستين عاما .
ولقد أعلم لوفاته في مآذن مساجد البلدة، وشيع جثمانه من بيته الواقع مقابل حمام الجديد في حي الصبّاغين العريق، وصلي عليه في جامع الجديد، حيث أمَّ الناس صهره العلامه الحموي الشيخ محمد سيادي المراد رحمه الله تعالى، مدير التعليم الشرعي في سورية، ودفن في مقبرة القلعة رحمه الله تعالى.
وكان ذلك في ١٠ من ذي الحجة 1396
الموافق 1 من كانون الأول عام 1976
وكتب على قبره
محمد عماد الدين الأزهري مضى وأمسى
بدار الخلد يرفل بالنعيم
فبشرى من المولى بصفو
وغفران وعطف من كريم ....)[3] .
-ولقد عاش الشيخ الداعية عدنان سعيد في مثل هذه الأجواء الروحانية، حيث الوالد والجد والأخوال ، فورث الالتزام بالإسلام وخلقه وقِيمه من هذا المحضَن الطيب، وهذه البيئة الإسلامية الملتزمة.
دراسة الشيخ عدنان سعيد، ومراحل تعليمه :
أ ـ أنهى المرحلتين الابتدائية والمتوسطة في مدارس اللاذقية.
ب ـ درس المرحلة الثانوية (قسم ليلي) في المعهد العلمي بحلب، والمسمى قديماً ( الكلية الأمريكية) على عادة الأثرياء والأغنياء في سورية في إيثار المدارس الأجنبية على المدارس الحكومية ـ غفر الله لهم ـ وأصلح بالهم ـ ظناً منهم أن هذه المدارس توفّر لأولادهم التفوق العلمي، والتربية السليمة، والنظافة في السلوك، وما دَرَوْا أنها مدارس ذات أهداف تنصيرية استعمارية تريد أن تجتال الشباب عن دينهم، وأن تفسد عقائدهم، وأن يتعلَّقوا بالغرب حضارة وثقافة وسلوكاً،...
ولولا أن الله سبحانه قد عصم الأخ عدنان بمحضنه التربوي الإسلامي في بيته، والتزامه المبكر بالحركة الإسلامية، وصحبته للشباب المسلم الملتزم لانزلق في الأفكار العلمانية الماسونية، كما انزلق الكثير، وانحرفوا، ولكن الله سلَّم ، وحفظ.
جـ ـ في المرحلة الجامعية درس لفترة محدودة في الجامعة الأمريكية في بيروت، ثم التحق بكلية الحقوق في جامعة دمشق، وحصل منها على الليسانس عام /1961/ ثم حصل على إجازة في المحاماة، كما حصل على لقب أستاذ في مهنة المحاماة عام /1968/.
د ـ بعد هجرته حصل على شهادة الماجستير عام /1985/
ثم حصل على شهادة الدكتوراه في الدراسات الإسلامية من جامعة البنجاب ( باكستان) عام /1989/.
صفاته وسجاياه:
وصفه الدكتور محمد فارروق بطل فقال :
(كان ـ رحمه الله تعالى ـ أنور الوجه، أبيض البشرة، أشقر الشعر، طويل القامة، كثَّ اللحية، جميل البسمة، ودود العشرة، هادئ الطبع، سَمْح الأخلاق، حلو اللسان، صادق العاطفة، ملتزماً بالسنة في عبادته ولباسه ولحيته، شديد التواضع، خدوماً للضيف، بل ومتفانياً في أداء حقه.
والله ما أقول هذا تكلفاً، ولا عن جموح عاطفة، وشدة حب... وإنما أقول ما أقول ـ والله شهيد على ما أقول ـ: إنها صفات وأخلاق لمستُها وعايشتُها خلال صحبتي الطويلة له بدءاً من عام /1954/ وخاصة بعد هجرتنا معاً إلى المملكة العربية السعودية، وزياراتي المتكررة له في الرياض، وقد قامت بيننا أخوة صادقة، ومحبة ودودة، وعلاقات قوية، استمرت هاتفياً حتى قبل يومين من وفاته، ما يكاد يوم يمر، إلا ويهتف لي مطمئناً على صحتي وأحوالي وأفراد أسرتي.
هذه العلاقة الوطيدة والأخوة الصادقة هي التي أمْلَتْ عليَّ ما ذكرت من صفات، بل وجسَّدت هذه المعاني، وأوحت لي بهذه الخصال خلال كتابتي لهذه الترجمة.
أعماله والوظائف التي تقلدها :
أ ـ عمله في سورية:
عمل بعد تخرجه مديراً لدائرة التعاون الزراعي والشعبة القانونية بمديرية الزراعة في محافظة اللاذقية في فترة /1960ـ1964/.
وقام بجولات في المناطق الجبليّة الساحليّة دعا فيها المزارعين لزراعة الأشجار المثمرة ذات الناتج العالي، وحثّ الفلاّحين على تعلّم أساليب الزراعة الحديثة، وابتعث إلى ألمانيا الغربيّة لحضور دورة في التعاون الزراعي.
ثم استقال من عمله، وتفرّغ لأعماله الخاصّة، فعمل مستشاراً قانونيّاً وشرعيّاً، وافتتح مكتباً للمحاماة والمرافعة أمام محاكم اللاذقية في فترة:/1965ـ1980/.
ب ـ عمله في الندوة :
ـ بعد أن غادر سورية مهاجراً إلى الرياض في المملكة العربية السعودية عام /1980/ عمل مستشاراً قانونياً وفنياً في الأمانة العامة للندوة العالمية للشباب الإسلامي في فترة /1980ـ1993/ :
-وعمل مستشاراً فنيّاً لدى الندوة العالميّة للشباب الإسلامي سنة 1402/1980، -ثم مستشاراً شرعيّاً وقانونيّاً ورئيساً للجان التحقيق وكتابة العقود في سنة 1403/1983... واستمر بهذا العمل مع الندوة حتى عام 1993م ..
وبالرجوع إلى شهادة الأمانة العامة للندوة الصادرة بتاريخ 8/3/1412 أقتبس أهم المهمات التي نهض بها الأخ أبو بدر في خدمة هذه المؤسسة الإسلامية العالمية الرائدة في العمل الشبابي، والتي تأسست في عهد الملك فيصل ـ رحمه الله تعالى ـ. مِن هذه المهمات:
1 ـ رئاسة لجنة التحقيق وكتابة العقود في الندوة.
2 ـ إدارة المكتب الفني وقسم شؤون الموظفين.
3 ـ مدير المكتب التنفيذي بالإنابة.
4 ـ سكرتير اللجنة التحضيرية لمؤتمر الندوة السادس الذي انعقد بتاريخ 12/5/1406 و 22/1/1986.
5 ـ سكرتير لجنة رعاية الأيتام، ولجنة الدعوة الإسلامية وتعريف الجاليات بالإسلام.
6 ـ مقرر اجتماعات مجلس الأمانة العامة للندوة.
7 ـ تكليفه بإعداد مشاريع الندوة، وإعداد الدراسات المتعلقة بأوضاع المسلمين في مواطن الأقليات.
8 ـ تكليفه بإلقاء المحاضرات على الطلاب لتوعيتهم بالأخطار التي تواجههم.
9 ـ تمثيل الندوة في المؤتمرات العالمية التي انعقدت في كل من المغرب وإسبانيا والهند.
حيث مثّل الندوة في المؤتمرات العالميّة التالية:
أ - ندوة الدفاع الاجتماعي والسياسة الجنائيّة سنة 1401/1981 في المغرب .
ب - وندوة الصحوة الإسلاميّة في إسبانيا سنة 1402/ 1982 .
ج - والمؤتمر الإسلامي بالهند سنة 1404/1984.
10 ـ رئاسة لجنة السكرتارية للإعداد لمؤتمر الندوة العالمية السابع.
11 ـ تكليفه بإعداد كتاب وثائقي عن التنصير في دول الخليج، وإعداد دراسة عن المنظمات الإسلامية جنوب الهند، وإعداد تعريف بمشاريع المنظمات الإسلامية العالمية وخدماتها.
هذه بعض المهمات التي اضطلع بها الأخ أبو بدر في خدمة الندوة ورسالتها، وقد قام بها بكل إخلاص ونشاط ودأب ومتابعة ـ كما ورد في شهادة الندوة ـ تقبَّل الله منه وأجزل مثوبته، وأكرم مثواه.
جـ الاستشارات القانونية والشرعيةـ ولمَّا لم يكن مسموحاً لغير السعوديين بممارسة المحاماة، أو المرافعة أمام محاكمها، فقد آثر الأخ عدنان بعد استقالته من الندوة عام /1993/ ـ أن يعمل مستشاراً قانونياً وشرعياً لدى بعض مكاتب المحامين في الرياض في فترة: /1993ـ2008/. كذلك كان خبيراً محكَّماً لدى الغرفة التجارية الصناعية السعودية، ووزارة التجارة السعودية، وديوان المظالم خلال تلك الفترة.
دوره في الحركة الإسلامية والتزامه الدعوي :
انتسب إلى جماعة الإخوان المسلمين في وقت مبكّر، وتشبّع بفكر الإمام الشهيد حسن البنا، وكان مثال الرجل الأمين على حقوق أمّته وبلاده.
ويشهد له د. محمد فاروق بطل، ويثني عليه ويزكيه، فيقول : عرفُته ملتزماً بجماعة الإخوان المسلمين مذ كان يافع الصبا، أو منذ كان طالباً في المرحلة الثانوية بالمعهد العلمي بحلب، صحبة الأخ الشهيد أمين يكن ـ رحمه الله تعالى ـ، وقد أنشآ معاً حركة إسلامية شبابية في المعهد، ضاقت بهما إدارة المعهد وهددتهما بالفصل، وكانت بينهما أخوة كاملة ودودة، وتعاون مشترك في خدمة الدعوة.
وفي الستينات وبعد الانفصال كانا عضوين قياديين في مجلس الشورى والمكتب التنفيذي (قيادة الجماعة)، الأخ أمين يمثل حلب، والأخ عدنان يمثل اللاذقية، إضافة إلى رئاسة الأخ أبي بدر ادارة اللاذقية، واستمر الأخوان في مسؤولياتهما حتى حال بينهم وبين ذلك الاعتقال والهجرة، وأشهد أنهما منحا الجماعة شبابهما وجهدهما، وذلك من فضل الله عليهما وتوفيقه لهما.
*كما أن الأخ أبو بدر شغل عضوية المحكمة العليا في الجماعة بصفته خبيراً قانونياً وأخاً ذا سابقة في الدعوة والجماعة. وذلك منذ الثمانينات من القرن الماضي، وإلى قبل وفاته بشهور قليلة ـ بسبب مرضه ـ... والمعلوم أن رئيس المحكمة العليا وأعضاءها يُنتخَبون من قبل مجلس شورى الجماعة بأكثرية معينة، مما يدل على مكانة الأخ أبي بدر في قلوب إخوانه أعضاء مجلس الشورى الذين يمثلون كافة المراكز والمحافظات في سورية.
*وقد يكون من المناسب أن أشير في هذا الجانب من حياته أن رسالة الأخ أبا بدر في الدكتوراه كان موضوعها يتعلق بتاريخ الحركة الإسلامية في سورية وبخاصة تاريخ جماعة الإخوان المسلمين، أؤمل من أولاده الأبرار وأرجوهم أن يحفظوا هذه الرسالة لأهميتها البالغة، وأن يعملوا على نشرها قريباً، لأن ما كتبه الأخ أبو بدر يعتبر توثيقاً لمرحلة مهمة عاشها، ولمهمات مارسها، ولتاريخ شارك في صنعه.
محنته وهجرته:
*عمل ـ رحمه الله رحمة واسعة ـ منذ نعومة أظفاره في الدعوة إلى الله سبحانه، وتلقَّى في سبيل ذلك الأذى، وكان صابراً محتسباً، راضياً بقضاء الله وقدره، وهو يعلم ـ يقيناً ـ أن هذا قدر الله على الدعاة، فلله الحمد على كل حال، وله الشكر في كل آن.
*تمَّ سجنه عدداً من المرات في سورية، وكان أطولها في سجن المزة بدمشق في الفترة /1973ـ1975/ صحبة عدد من الإخوة المسؤولين في الجماعة، منهم الشيخ سعيد حوى ـ رحمه الله تعالى ـ والشيخ محمد علي مشعل حفظه الله تعالى، وقد تعرضوا لتحقيق شديد، وتعذيب رهيب، يحكي حقد الطغمة الحاكمة في سورية على الإسلام ودعاته.
*خرج عام /1980/ مهاجراً إلى الله ورسوله، فاراً بدينه من بلده سورية إلى المملكة العربية السعودية بضغط النظام البعثي الحاكم، وشراسته في ملاحقة الدعاة والحركة الإسلامية، وقد خلَّف وراءه كل ما يملك بعد أن حجر عليها الحاكم العرفي في سورية... ومات ـ رحمه الله تعالى ـ دون أن يتمكَّن من استرداد شيء منها، رغم أنه عاش في مهجره بحالة مادية قاسية، وظروف عسر شديد، كنت عايشتُه في كثير منها، وحكى لي بعضها.
يقينه بربه ومولاه :
انتقل إلى جوار ربه والإيمان يعمر قلبه، واليقين يملأ جوانب نفسه، وكثيراً ما كان يردد قوله سبحانه:.[فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللهِ وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ] {آل عمران:195} .
ومن الآيات الكريمة التي كان يتملَّاها ويعيش في جوها قوله سبحانه:[وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ المَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكَانَ اللهُ غَفُورًا رَحِيمًا] {النساء:100} .
وهكذا كان الراحل الكريم يحسن الظن بربه كثيراً، نسأله سبحانه أن يغفر له ويرحمه، ويكون عند حسن ظن عبده به، اللهم أسكنه فسيح جناتك، وارزقه صحبة نبيك، وأجزل مثوبته، واجعل قبره روضة من رياض الجنة، اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده ....)[5] .
المراجع :
1-ترجمة عدنان بدر سعيد – بقلم د. محمد فاروق بطل - رابطة أدباء الشام - يشرف عليه أ. عبد الله الطنطاوي .
2-مجلة الغرباء - الكترونية - يشرف عليها محمد علي شاهين .
3-مركز الشرق العربي – يشرف عليه الأستاذ زهير سالم .
4-رابطة العلماء السوريين .تحت إشراف الشيخ الداعية مجد مكي .
[2] - مقالة الأستاذ مصطفى فرحات - منشورة في موقع رابطة العلماء السوريين .
[4] - رابطة أدباء الشام - محمد فاروق البطل – جدة – بتاريخ 16/2/1430 - 11/2/2009
[5] - مجلة الغرباء – يشرف عليها محمد علي شاهين، ورابطة أدباء الشام – يشرف عليها عبد الله الطنطاوي .
وسوم: العدد 741