تأملات في القران الكريم ح387، سورة النجم الشريفة
للسورة الشريفة خصائص وفضائل كثيرة منها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الامام الصادق عليه السلام : من كان يدمن قراءة والنجم في كل يوم أو في كل ليلة عاش محمودا بين الناس وكان مغفورا له وكان محبوبا بين الناس إن شاء الله .
بسم الله الرحمن الرحيم
وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى{1}
تستهل السورة الشريفة بالقسم ( وَالنَّجْمِ ) , يقسم الباري جل وعلا بالنجم , ( إِذَا هَوَى ) , اذا سقط او غاب على اختلاف المفسرين .
مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى{2}
تضمنت الآية الكريمة جواب القسم ( مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ ) , ما انحرف وما زاغ الرسول الكريم محمد "ص واله" عن الطريق المستقيم , ( وَمَا غَوَى ) , ما لابس الغي , ولم يعتقد باطلا , وهو الجهل المترتب على المعتقدات الفاسدة .
وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى{3}
تستمر الآية الكريمة ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى ) , ما نطق "ص واله" مما اتاكم به من هوى نفسه الكريمة .
إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى{4}
تستمر الآية الكريمة مقررة ( إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ) , ان ما ينطقه "ص واله" ما هو الا وحي منه جل وعلا .
عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى{5}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) , يختلف المفسرون في النص المبارك , فمنهم من يقول ان ( شَدِيدُ الْقُوَى ) هو الله تعالى , واخرون يذهبون الى انه جبرئل "ع" , بينما هناك غيرهم من يرى انه ملك ذو شأن عظيم .
ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى{6}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( ذُو مِرَّةٍ ) , ننقل رأيين في النص المبارك :
1- قوة وشدة أو منظر حسن أي جبريل عليه السلام . "تفسير الجلالين للسيوطي" .
2- ذو حصافة في عقله ورأيه . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
( فَاسْتَوَى ) , يختلف المفسرون في النص المبارك ايضا , كل يفسره حسب فهمه :
1- يرى السيوطي في تفسيره الجلالين : ( فاستوى ) استقر .
2- ويرى الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج5 : فاستقام قيل يعني جبرئيل استقام على صورته الحقيقية التي خلقه الله عليها فإنه روي ما رآه أحد من الانبياء في صورته غير محمد صلى الله عليه وآله مرة في السماء ومرة في الارض .
3- اما القمي فيرى انه النبي الكريم محمد "ص واله" .
وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى{7}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَهُوَ ) , يختلف المفسرون في كون الضمير يعود الى النبي الكريم محمد "ص واله" او جبريل "ع" , ( بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى ) , يرى السيوطي في تفسيره الجلالين انه افق الشمس , ويرى اخرون انه مقام رفيع في الملكوت .
ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى{8}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( ثُمَّ دَنَا ) , يستمر اختلاف المفسرين :
1- قيل يعني جبرئيل من رسول الله صلى الله عليه وآله . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
2- اما القمي فيرى : يعني رسول الله صلى الله عليه وآله من ربه عز وجل .
( فَتَدَلَّى ) , فزاد منه قربا ودنوا .
فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى{9}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( فَكَانَ ) , منه , ( قَابَ قَوْسَيْنِ ) , قدر , مقدار , ( أَوْ أَدْنَى ) , او ادنى من ذلك .
( عن الصادق عليه السلام أول من سبق من الرسل إلى بلى رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك أنه أقرب الخلق إلى الله وكان بالمكان الذي قال له جبرئيل لما اسري به إلى السماء تقدم يا محمد فقد وطأت موطأ لم يطأه ملك مقرب ولا نبي مرسل ولو لا أن روحه ونفسه كانت من ذلك المكان لما قدر أن يبلغه وكان من الله عز وجل كما قال قاب قوسين أو أدنى أي بل أدنى . عن السجاد عليه السلام أنه سئل عن الله عز وجل هل يوصف بمكان فقال تعالى الله عن ذلك قيل فلم اسري بنبيه محمد صلى الله عليه وآله إلى السماء قال ليريه ملكوت السماوات وما فيها من عجائب صنعه وبدائع خلقه قيل فقول الله عز وجل ثم دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله دنا من حجب النور فرآى ملكوت السماوات ثم تدلى فنظر من تحته إلى ملكوت الارض حتى ظن أنه في القرب من الارض كقاب قوسين أو أدنى . وعنه عليه السلام فلما اسري بالنبي صلى الله عليه وآله وكان من ربه كقاب قوسين أو أدنى رفع له حجاب من حجبه ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى{10}
تستمر الآية الكريمة ( فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى ) , في ذلك المقام وفي تلك المنزلة تلقى النبي الكريم محمد "ص واله" الوحي من الباري جل وعلا .
مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ مَا رَأَى{11}
تستمر الآية الكريمة ( مَا كَذَبَ الْفُؤَادُ ) , قلبه "ص واله" , ( مَا رَأَى ) , يختلف المفسرون في انه "ص واله" قد رأى بعينه الباصرة ام بقلبه , فأما ان كان المقصود العين الجارحة فيعني انها وافقت وطابقت قلبه "ص واله" أي بصيرته , واما ان كانت تلك الرؤية قلبية , فيكون ( مَا رَأَى ) للبصيرة وليست للبصر .
( عن أمير المؤمنين عليه السلام إن محمدا صلى الله عليه وآله رأى ربه بفؤاده .
عن الكاظم عليه السلام إنه سئل هل رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ربه عز وجل فقال نعم بقلبه رآه أما سمعت الله يقول ما كذب الفؤاد ما رأى لم يره بالبصر ولكن رآه بالفؤاد .
عن الرضا عليه السلام إنه سئل عن ذلك فقال ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وآله ما رأت عيناه ثم أخبر بما رأى فقال لقد رأى من آيات ربه الكبرى فآيات الله غير الله ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
أَفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرَى{12}
تستمر الآية الكريمة مخاطبة المشركين ( أَفَتُمَارُونَه ) , أتجادلونه "ص واله" وتغلبونه في المراء , ( عَلَى مَا يَرَى ) , من آيات الله تعالى وقدرته وعظم خلقه .
وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى{13}
تستمر الآية الكريمة محققة مؤكدة ( وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى ) , مرة اخرى , بنزول ودنو .
عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى{14}
تستمر الآية الكريمة ( عِندَ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى ) , يختلف المفسرون في تلك السدرة , فمنهم من يقول :
1- هي منتهى اعمال الخلق .
2- هي شجرة نبق عن يمين العرش , لا تجوزها الملائكة .
3- يرى القمي انها في السماء السابعة .
عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى{15}
تضيف الآية الكريمة ( عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَى ) , يأوي اليها المتقون .
( عن الرضا عليه السلام لما اسري به إلى السماء وبلغ عند سدرة المنتهى خرق له في الحجب مثل سم الابرة فرأى من نور العظمة ما شاء الله أن يرى . وعن الباقر عليه السلام قال فلما انتهى إلى سدرة المنتهى تخلف عنه جبرئيل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله يا جبرئيل في مثل هذا الموضع تخذلني فقال تقدم أمامك فوالله لقد بلغت مبلغا لم يبلغه خلق من خلق الله قبلك فرأيت من نور ربي وحال بيني وبينه السبحة قيل وما السبحة فأومى بوجهه إلى الارض وبيده إلى السماء وهو يقول جلال ربي جلال ربي ثلاث مرات . وعنه عليه السلام ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى يعني عندها وافى به جبرئيل حين صعد إلى السماء فلما انتهى إلى محل السدرة وقف جبرئيل دونها وقال يا محمد إن هذا موقفي الذي وضعني الله عز وجل فيه ولن أقدر على أن أتقدمه ولكن امض أنت أمامك إلى السدرة فوقف عندها قال فتقدم رسول الله صلى الله عليه وآله إلى السدرة وتخلف جبرئيل عليه السلام قال إنما سميت سدرة المنتهى لان أعمال أهل الارض تصعد بها الملائكة الحفظة إلى محل السدرة والحفظة الكرام البررة دون السدرة يكتبون ما يرفع إليهم الملائكة من أعمال العباد في الارض قال فينتهون بها إلى محل السدرة قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وآله فرأى أغصانها تحت العرش وحوله قال فتجلى لمحمد صلى الله عليه وآله نور الجبار عز وجل فلما غشى محمد النور شخص ببصره وارتعدت فرائصه قال فشد الله عز وجل لمحمد صلى الله عليه وآله قلبه وقوى له بصره حتى رأى من آيات ربه ما رأى وذلك قول الله عز وجل ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى يعني الموافاة قال فرأى محمد صلى الله عليه وآله ما رأى ببصره من آيات ربه الكبرى يعني أكبر الايات قال عليه السلام وإن غلظ السدرة لمسيرة مائة عام من أيام الدنيا وإن الورقة منها تغطي أهل الدنيا ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى{16}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( إِذْ يَغْشَى السِّدْرَةَ مَا يَغْشَى ) , يختلف المفسرون في معنى النص المبارك , فمنهم من يرى :
1- يرى الفيض الكاشاني في تفسيره الصافي ج5 : تعظيم وتكثير لما يغشاها بحيث لا يكتنهها نعت ولا يحصيها عد .
2- بينما يرى القمي في تفسيره : لما رفع الحجاب بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وآله غشى نوره السدرة .
مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى{17}
تستمر الآية الكريمة مؤكدة ( مَا زَاغَ الْبَصَرُ ) , ما مال بصره "ص واله" عما رآه , ( وَمَا طَغَى ) , وما تجاوزه " بل اثبته إثباتا صحيحا مستقيما" - تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني - .
لَقَدْ رَأَى مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى{18}
تؤكد الآية الكريمة محققة ( لَقَدْ رَأَى ) , فيها "ص واله" , ( مِنْ آيَاتِ رَبِّهِ الْكُبْرَى ) , أي بعضا من اعظم الآيات .
( عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال وقوله في آخر الايات ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى رأى جبرئيل في صورته مرتين هذه المرة ومرة اخرى وذلك أن خلق جبرئيل عظيم فهو من الروحانيين الذين لا يدرك خلقهم وصفتهم إلا الله رب العالمين وقيل ما رآه أحد من الانبياء في صورته غير محمد صلى الله عليه وآله مرتين مرة في السماء ومرة في الارض .
عن الصادق عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال رأى جبرئيل على ساقه الدر مثل القطر على البقل له ستمائة جناح قد ملا مابين السماء والارض ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
وسوم: العدد 774