تأملات في القران الكريم ح386، سورة الطور الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَل لَّا يُوقِنُونَ{36}
تستمر الآية الكريمة ( أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ ) , تفيد النفي , وتأكيد ان الخالق هو الله جل جلاله , ( بَل لَّا يُوقِنُونَ ) , لو أيقنوا لما اعرضوا عن الايمان والتصديق .
أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ{37}
تستمر الآية الكريمة ( أَمْ عِندَهُمْ خَزَائِنُ رَبِّكَ ) , خزائن رزقه جل وعلا , فيرزقوا ويتفضلوا على من شاءوا بما شاءوا من النبوة والرزق والفتوح , ( أَمْ هُمُ الْمُصَيْطِرُونَ ) , على ادارة الاشياء كيفما شاءوا .
أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ{38}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( أَمْ لَهُمْ سُلَّمٌ يَسْتَمِعُونَ فِيهِ ) , ام ان لديهم مرتقى الى السماء , فيستمعون الى كلام الملائكة , ( فَلْيَأْتِ مُسْتَمِعُهُم بِسُلْطَانٍ مُّبِينٍ ) , اذا فليأت مدعي الاستماع بحجة واضحة تدل على صدق استماعه .
أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ وَلَكُمُ الْبَنُونَ{39}
تستمر الآية الكريمة ( أَمْ لَهُ الْبَنَاتُ ) , حيث ينسبون البنات الى الله تعالى عن ذلك علوا كبيرا , وكذلك يدعون ان الملائكة بنات الله جل وعلا , ( وَلَكُمُ الْبَنُونَ ) , ويحتفظون لأنفسهم بالبنين الذين فيهم رمز القوة .
أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ{40}
تستمر الآية الكريمة ( أَمْ تَسْأَلُهُمْ أَجْراً ) , ام انك يا محمد "ص واله" تسألهم ان يدفعوا لك مقابلا لتبليغ الرسالة , ( فَهُم مِّن مَّغْرَمٍ مُّثْقَلُونَ ) , فهم عند ذاك في جهد ومشقة وعناء من التزام دفع الغرامة .
أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ{41}
تستمر الآية الكريمة ( أَمْ عِندَهُمُ الْغَيْبُ ) , اللوح المحفوظ , حيث تثبت المغيبات , ( فَهُمْ يَكْتُبُونَ ) , منه , فينازعونه "ص واله" في ما يعدهم به من البعث وغيره .
أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ{42}
تستمر الآية الكريمة ( أَمْ يُرِيدُونَ كَيْداً ) , ام يريدون ان يكيدوا بك , وهو ما جرى في دار الندوة , حيث عزموا على الكيد برسول الله "ص واله" كما تقدم الحديث في هذا المضمون , ( فَالَّذِينَ كَفَرُوا هُمُ الْمَكِيدُونَ ) , هم المغلوبون , او يرجع اليهم كيدهم ووباله عليهم , يرى اغلب المفسرون ان ذلك نزل بالكفار يوم بدر .
أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ{43}
تستكمل الآية الكريمة الموضوع ( أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ ) , ام لهم معبود مستحقا للعبادة غير الله جل جلاله , يحميهم ويحرسهم من عذاب الله جل وعلا , ( سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ ) , تنزيها له جل وعلا عن اشراكهم وعن كل ما ينسبونه اليه .
وَإِن يَرَوْا كِسْفاً مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ{44}
تضيف الآية الكريمة ( وَإِن يَرَوْا كِسْفاً ) , قطعا , ( مِّنَ السَّمَاءِ سَاقِطاً ) , ساقطا عليهم بالعذاب , وهو قولهم { فَأَسْقِطْ عَلَيْنَا كِسَفاً مِّنَ السَّمَاءِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ }الشعراء187 , ( يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ ) , فأنهم ولفرط طغيانهم سيقولون "هذا تراكم سحاب , بعضها فوق بعض" .
فَذَرْهُمْ حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ{45}
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" ( فَذَرْهُمْ ) , دعهم , اتركهم يا محمد "ص واله" , ( حَتَّى يُلَاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ ) , النفخة الاولى في الصور , او حين يموتون , او هو يوم القيامة على اختلاف اراء المفسرين .
يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ{46}
تستمر الآية الكريمة ( يَوْمَ لَا يُغْنِي عَنْهُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً ) , في دفع العذاب عنهم , ( وَلَا هُمْ يُنصَرُونَ ) , ولا من ناصر ينصرهم بمنع العذاب عنهم .
وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ{47}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَإِنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا عَذَاباً دُونَ ذَلِكَ ) , وهو نزول العذاب عليهم في الدنيا , كالقتل والاسر والتشريد ... الخ , ( وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ ) , اكثرهم لا يعلمون ان العذاب نازل بهم في الدنيا قبل الاخرة .
وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ{48}
تخاطب الآية الكريمة النبي الكريم محمد "ص واله" ( وَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ ) , بإمهالهم , واستمرار معاناتك منهم , فلا يضيق صدرك , ( فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا ) , في حفظنا وحرزنا , ( وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ حِينَ تَقُومُ ) , سبح بحمده جل وعلا حين تقوم من مجلسك او منامك او قيامك لصلاة الليل على اختلاف الآراء .
وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ{49}
يستمر الخطاب في الآية الكريمة ( وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ ) , على بعض الآراء هي صلاة الليل , ( وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ) , أي بعد ان تدبر النجوم وتغرب , وذلك فجرا .
( عنهما عليهما السلام في هذه الاية قالا إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقوم من الليل ثلاث مرات فينظر في آفاق السماء ويقرأ الخمس من آل عمران التي آخرها إنك لا تخلف الميعاد ثم يفتتح صلاة الليل الحديث . وعنهما عليهما السلام وإدبار النجوم يعني الركعتين قبل صلاة الفجر ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني".
وسوم: العدد 774