تأملات في القران الكريم ح431 سورة القيامة الشريفة
بسم الله الرحمن الرحيم
كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ{20}
تستمر الآية الكريمة رادعة ( كَلَّا ) , ردعا للمعاذير او لعدم جدواها , ( بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ ) , الحياة الدنيا .
وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ{21}
تستمر الآية الكريمة ( وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ ) , وتتركون الاخرة , فلا تعملون لها .
وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ{22}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ ) , حسنة مضيئة , {تَعْرِفُ فِي وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النَّعِيمِ }المطففين24 , وهم المؤمنون .
إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ{23}
تضيف الآية الكريمة ( إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ ) , تنتظر ثواب ربها , على اختلاف بين المفسرين في جواز رؤية وجهه جل وعلا .
( عن أمير المؤمنين عليه السلام في حديث قال ينتهي أولياء الله بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه فتبيض وجوههم إشراقا فيذهب عنهم كل قذى ووعث ثم يؤمرون بدخول الجنة فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم قال فذلك قوله تعالى إلى ربها ناظرة وإنما يعني بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى .
والناظرة في بعض اللغة هي المنتظرة ألم تسمع إلى قوله {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِم بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ }النمل35 أي منتظرة ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ{24}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ ) , ووجوه اخرى كالحة شديدة العبوس , وهي وجوه الكفار .
تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ{25}
تضيف الآية الكريمة ( تَظُنُّ ) , تيقن , ( أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ ) , ان تصيبها داهية عظيمة شديدة تكسر فقرات الظهر .
كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ{26}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( كَلَّا ) , يرى بعض المفسرين انها ردعا عن ايثار الدنيا على الاخرة , ( إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ ) , اذا بلغت النفس عظم الترقوة .
وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ{27}
تستمر الآية الكريمة ( وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ) , بمعنى ان من حول المحتضر يطلبون راقي له , لعله يشفيه .
وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ{28}
تستمر الآية الكريمة ( وَظَنَّ ) , ايقن من بلغت نفسه عظم الترقوة "المحتضر" , ( أَنَّهُ الْفِرَاقُ ) , فراق الدنيا وما فيها .
وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ{29}
تضيف الآية الكريمة ( وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ ) , التفت ساقاه , او هي تعبير خاص يعلم منه الساق الاولى مغادرة مفارقة للدنيا , والساق الثانية مقبلة داخلة في الاخرة .
إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ{30}
تضيف الآية الكريمة ( إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ ) , يساق العباد الى الله تعالى , اما الى الجنة , واما الى النار .
( عن الباقر عليه السلام إنه سئل عن هذه الاية فقال ذلك ابن آدم إذا حل به الموت قال هل من طبيب أنه الفراق أيقن بمفارقة الاحبة قال والتفت الساق بالساق التفت الدنيا بالاخرة إلى ربك يومئذ المساق قال المصير إلى رب العالمين ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى{31}
تستمر الآية الكريمة ( فَلَا صَدَّقَ ) , بما يجب التصديق به , ( وَلَا صَلَّى ) , الفرائض .
وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى{32}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَلَكِن كَذَّبَ ) , بالقرآن , او بما جاء به النبي الكريم محمد "ص واله" , او بكل ما جاءت به الرسالات السماوية , ( وَتَوَلَّى ) , اعرض عن الايمان والطاعة .
ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى{33}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى ) , يتبختر اعجابا بنفسه .
أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى{34}
تضيف الآية الكريمة ( أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) , بمعنى ويل لك , او هلاكا لك فهلاك , والخطاب للمتمطي .
ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى{35}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى ) , تكرار للتأكيد , او ان الويل يتكرر عليك ايها المتمطي .
( عن النبي صلى الله عليه وآله انه أخذ بيد أبي جهل ثم قال له أولى لك فأولى ثم اولى لك فأولى فقال أبو جهل بأي شيء تهددني لا تستطيع أنت ولا ربك أن تفعلا بي شيئا أو اني لأعز أهل هذا الوادي فأنزل الله سبحانه كما قال له رسول الله صلى الله عليه وآله .
عن الجواد عليه السلام إنه سئل عن هذه الآية فقال يقول الله عز وجل بعدا لك من خير الدنيا وبعدا لك من خير الاخرة ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى{36}
تستمر الآية الكريمة ( أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى ) , أيظن الانسان ان يترك هملا بلا تكليف , ولا حساب .
الملاحظ في القرآن الكريم , ان مفردة "انسان" غالبا ما تأتي في السلب او في مورد الذم , من قبيل :
{يُرِيدُ اللّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ وَخُلِقَ الإِنسَانُ ضَعِيفاً }النساء28 .
{وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَؤُوسٌ كَفُورٌ }هود9 .
{قُتِلَ الْإِنسَانُ مَا أَكْفَرَهُ }عبس17 .
{يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلَاقِيهِ }الانشقاق6 .
{إِنَّ الْإِنسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ }العاديات6 , الى غير ذلك .
بينما مفردة "بشر" غالبا ما تكون إيجابياً او في مورد المدح , من قبيل :
{فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ }هود27 .
{فَلَمَّا سَمِعَتْ بِمَكْرِهِنَّ أَرْسَلَتْ إِلَيْهِنَّ وَأَعْتَدَتْ لَهُنَّ مُتَّكَأً وَآتَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِّنْهُنَّ سِكِّيناً وَقَالَتِ اخْرُجْ عَلَيْهِنَّ فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا هَـذَا بَشَراً إِنْ هَـذَا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ }يوسف31 .
{أَوْ يَكُونَ لَكَ بَيْتٌ مِّن زُخْرُفٍ أَوْ تَرْقَى فِي السَّمَاء وَلَن نُّؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَّقْرَؤُهُ قُلْ سُبْحَانَ رَبِّي هَلْ كُنتُ إَلاَّ بَشَراً رَّسُولاً }الإسراء93 .
{فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَاباً فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَراً سَوِيّاً }مريم17 .
أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى{37}
تستمر الآية الكريمة ( أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى ) , ألم يكن هذا الانسان نطفة , من ماء قليل , لا حول له ولا قوة , يمنى في الارحام .
ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى{38}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً ) , ثم استحالت النطفة الى قطعة من الدم , ( فَخَلَقَ فَسَوَّى ) , فخلقه الله تعالى بقدرته , وحسّن صورته , تماما لخلقه .
فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى{39}
تضيف الآية الكريمة ( فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى ) , فجعل الباري جل وعلا من الانسان صنفين , ذكر وانثى .
أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى{40}
تختتم الآية الكريمة ( أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى ) , أليس هذا الخالق , بقادر ان يحيي الموت ؟ , سبحانك اللهم بلى .
( عن النبي صلى الله عليه وآله إنه لما نزلت هذه الآية قال سبحانك اللهم بلى , وهو المروي عن الباقر والصادق عليهما السلام وفي العيون عن الرضا عليه السلام إنه إذا قرأ هذه السورة قال عند فراغها ذلك ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
وسوم: العدد 836