دلالة عبادة النحر
من المعلوم أن أسرار العبادات التي تعبدنا بها الله عز وجل قد استأثر بعلمها سبحانه وتعالى ، ولن يفلح الإنسان مهما حاول في إدراك تلك كنه تلك الأسرار، وما يذكره بعض الناس منها إنما هو ما يتوهمونه فقط . وما جدوى أن ينفق الإنسان جهدا ووقتا لمعرفة سر القيام والركوع والسجود والتكبير والتشهد والتسليم في عبادة الصلاة أو سر الطواف والوقوف بعرفة ورمي الجمرات في عبادة الحج أو سر الإمساك من طلوع الفجر إلى غروب الشمس والسحور في عبادة الصيام ...إلى غير ذلك مما تعبدنا به خالقنا .
وما قيل عن عبادات الصلاة والحج والصيام يقال عن عبادة النحر، ذلك أنه لا جدوى من الانشغال بسر التضحية بالأنعام دون غيرها أو بسنها أو بما يشترط فيها من شروط السلامة من العيوب أو بوقت نحرها ...، فكل ذلك سره عند من تعبدنا بها سبحانه وتعالى . وحدود ما يمكن العلم به في عبادة النحر هو أننا نطيع أمرا إلهيا ، وهذا ما أخبرنا به سبحانه وتعالى في قوله :(( لن ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم كذلك سخرها لكم لتكبروا الله على ما هداكم وبشر المحسنين )) . هذا ما كشفه الله عز وجل من سر هذه العبادة ، ولا طائل من وراء البحث عن أسرار تتعلق بالذبائح دما ولحما ....التي استأثر الله عز وجل بعلمها .
ومعلوم أن الله عز وجل يدعو الإنسان إلى استعمال عقله لمعرفة خالقه ، ولا يدعوه إلى ذلك لمعرفة أسرار ما تعبده به من عبادات ، بل يكشف له ما شاء سبحانه منها ، ويستأثر بعلم ما شاء، فهو يخبره على سبيل المثال أن عبادة الصلاة تنهاه عن الفحشاء والمنكر ، ولا يخبره لماذا فيها قيام وركوع وسجود وتشهد ، ولماذا لا تصح دون فاتحة الكتاب ؟ وكذلك الشأن بالنسبة لعبادة النحر، فقد أخبره أنها من تقواه ، ولم يخبره لماذا الجذع والثني من الأنعام ، ولماذا حدد سنها بزمن معلوم ، ولماذا تنحر ، ولا تقتل بطريقة أخرى كما أصبح الغربيون يشترطون ذلك على المسلمين وهم سواء معهم في الجهل بسر النحر الذي استأثر بعلمه الخالق جل وعلا ؟
وسوم: العدد 837