تأملات في القران الكريم ح466 سورة الفلق الشريفة
للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص , لعل ابرزها ما جاء في كتاب ثواب الاعمال عن الباقر عليه السلام : من أوتر بالمعوذّتين و قل هو اللَّه احد قيل له يا عبد اللَّه ابشر فقد قبل اللَّه و ترك .
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ{1}
تستهل السورة الشريفة بمخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ ) , قل مستعيذا مستعصما برب الفلق , والفلق له عدة معاني يرويها المفسرون , منها :
- الصبح .
- الْفَلَقِ جبّ في جهنمّ يتعوذّ اهل النار من شدةّ حرهّ سأل اللَّه أن يأذن له ان يتنفسّ فأذن له فتنفسّ فأحرق جهنمّ الحديث . "تفسير القمي" .
مِن شَرِّ مَا خَلَقَ{2}
تستمر الآية الكريمة ( مِن شَرِّ مَا خَلَقَ ) , من شرور وأذية كل مخلوق ذو شر وأذية .
( قيل خص عالم الخلق بالاستعاذة منه لانحصار الشر فيه فان عالم الامر خير كلهّ ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ{3}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( وَمِن شَرِّ غَاسِقٍ ) , الليل المظلم , ( إِذَا وَقَبَ ) , اذا دخل في ظلامه , ففي ظلمة الليل تكمن الاخطار التي يصعب ويعسر دفعها , حتى قيل "الليل يخفي الويل" .
وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ{4}
تضيف الآية الكريمة شرا اخر ( وَمِن شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ ) , ومن شرور الساحرات , اللائي يعقدن الخيط , وينفخن في عقدته , مع ترديد بعض الكلمات المناسبة , من اجل ايقاع الاذى بشخص ما , وهذا النوع من السحر كان مشهورا ومتعارفا لدى عرب الجاهلية , وهو من الموروثات السلبية التي لازالت متداولة حتى هذه اللحظة .
وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ{5}
تختتم الآية الكريمة مضيفةً شراً اخر ( وَمِن شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ ) , ومن شر حاسد اظهر حسده وعمل به , والحسد تمني زوال النعمة وايقاع الاذى بمن يبغضهم "الحاسد" .
( عن الصادق عليه السلام قال قال رسول اللَّه صلىّ اللَّه عليه و آله كاد الحسد ان يغلب القدر .
عن الصادق عليه السلام ان جبرئيل اتى النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فقال يا محمد قال لبيّك يا
جبرئيل قال ان فلاناً سحرك و جعل السحر في بئر بني فلان فابعث اليه يعني البئر أوثق النّاس عندك وأعظمهم في عينيك و هو عديل نفسك حتىّ يأتيك بالسحر قال فبعث النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله عليّ بن أبي طالب عليه السلام و قال انطلق الى بئر أزوان فان فيها سحر اسحرني به لبيد بن اعصم اليهودي فأتني به قال فانطلقت في حاجة رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله فهبطت فإذا ماء البئر صار كأنهّ الجنا من السحّر فطلبته مستعجلًا حتىّ انتهيت الى أسفل القليب فلم اظفر به قال الذّين معي ما فيه شيء فاصعد قلت لا و اللَّه ما كذبت و لا كذب و ما نفسي بيده مثل أنفسكم يعني رسول اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله ثم طلبت طلباً بلطف فاستخرجت حقاًّ فأتيت النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فقال افتحه ففتحته و إذا في الحق
قطعة كرب النخّل في جوفه و تر عليها احدى عشرة عقدة و كان جبرئيل انزل يومئذ المعوذتين على النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فقال النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله يا عليّ اقرأها على الوتر فجعل امير المؤمنين عليه السلام كلمّا قرأ آية انحلتّ عقدة حتىّ فرغ منها و كشف اللَّه عز و جلّ عن نبيّه ما سحر و عافاه .
و في رواية ان جبرئيل و ميكائيل أتيا النبيّ صلّى اللَّه عليه و آله فجلس أحدهما عن يمينه و الآخر عن شماله فقال جبرئيل لميكائيل ما وجع الرجّل فقال ميكائيل هو مطبوب فقال جبرئيل و من طبّه قال لبيد بن اعصم اليهودي ثم ذكر الحديث ) . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
سورة الناس الشريفة
للسورة الشريفة جملة من الفضائل والخصائص ذكرت في خصائص وفضائل سورة الفلق الشريفة .
بسم الله الرحمن الرحيم
قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ{1}
تستهل السورة الشريفة بمخاطبة الرسول الكريم محمد "ص واله" ( قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ ) , قل اعوذ واعتصم برب الناس , خالقهم ومالكهم , فأن مما يخفوه في صدورهم يخاف ويحذر .
مَلِكِ النَّاسِ{2}
تستمر الآية الكريمة ( مَلِكِ النَّاسِ ) , مالكهم والمتصرف في امورهم , الغني عنهم .
إِلَهِ النَّاسِ{3}
تستمر الآية الكريمة مضيفة ( إِلَهِ النَّاسِ ) , الههم , ولا معبود لهم سواه .
مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ{4}
تضيف الآية الكريمة شرا اخر له دور كبير في الحياة العامة ( مِن شَرِّ الْوَسْوَاسِ ) , الشيطان الرجيم , ( الْخَنَّاسِ ) , يخنس ويتأخر عند ذكر الله تعالى , وهو من اسماء الشيطان الرجيم على بعض الآراء .
الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ{5}
تستمر الآية الكريمة ( الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ ) , الذي يبث الشكوك والارتياب في قلوب الناس , حين يغفلوا عن ذكر الله تعالى .
مِنَ الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ{6}
تختتم الآية الكريمة مبينة انواع شياطين الوسوسة ( الْجِنَّةِ وَ النَّاسِ ) , ان يكون الشيطان الموسوس من الجن او من الانس , وهو قوله جل وعلا { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوّاً شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُوراً وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ }الأنعام112 .
( عن الصادق عليه السلام قال ما من مؤمن إلا ولقلبه اذنان في جوفه اذن ينفث فيها الوسواس الخناس واذن ينفث فيها الملك فيؤيد الله المؤمن بالملك فذلك قوله وأيدهم بروح منه ) . "تفسير العياشي" .
(عن الصادق عليه السلام ما من قلب إلا وله اذنان على أحدهما ملك مرشد وعلى الاخر شيطان مفتن هذا يأمره يأمره وذلك يزجره كذلك من الناس شيطان يحمل الناس على المعاصي كما يحمل الشيطان من الجن ) . "تفسير القمي" .
أسباب النزول :
مما يروى في اسباب نزول السورتين الشريفتين "المعوذتين" , عن الامام الصادق "ع" : كان سبب نزول المعوذّتين انهّ وعك رسول اللَّه صلىّ اللَّه عليه و آله فنزل عليه جبرئيل بهاتين السورتين فعوذّه بهما . "تفسير القمي" .
مسألة خلافية :
هناك خلاف بين المفسرين واصحاب الرأي في كون المعوذتين من القرآن , ام انهما مضافتان اليه ؟ ! , فمما يروى في ذلك :
- عن الباقر عليه السلام قيل له ان ابن مسعود كان يمحو المعوذّتين من المصحف فقال كان أبي يقول انمّا فعل ذلك ابن مسعود برأيه و هما من القرآن . "تفسير القمي" .
- عن جابر قال أمنّا ابو عبد اللَّه عليه السلام في صلاة المغرب فقرأ المعوذّتين ثم قال هما من القرآن . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
- عن الصادق عليه السلام انّه سئل عن المعوذّتين أ هما من القرآن فقال نعم هما من القرآن فقال الرجل ليستا من القرآن في قراءة ابن مسعود و لا في مصحفه فقال عليه
السلام اخطأ ابن مسعود و قال كذب ابن مسعود هما من القرآن قال الرجل فاقرأ بهما
في المكتوبة قال نعم و هل تدري ما معنى المعوذتين و في ايّ شيء أنزلتا ان رسول
اللَّه صلّى اللَّه عليه و آله سحره لبيد بن عاصم اليهودي فقال ابو بصير و ما كاد أو
عسى ان يبلغ من سحره قال الصادق عليه السلام بلى كان يرى النبيّ صلّى اللَّه عليه
و آله انه يجامع و ليس يجامع و كان يريد الباب و لا يبصره حتى يلمسه بيده و
السحر حقّ و ما سلطّ السحّر الاّ على العين و الفرج فأتاه جبرئيل فأخبره بذلك فدعا
علياًّ عليه السلام و بعثه ليستخرج ذلك من بئر أزوان و ذكر الحديث و روت العامةّ ما
يقرب من ذلك . "تفسير الصافي ج5 للفيض الكاشاني" .
وسوم: العدد 890