تأملات فى الابتلاء والتعثر
قال الله تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ} [البقرة:155-157].
مفهوم تربوي هام
يجب أن نؤمن بأن ابتلاء المؤمن ما هو إلا دواء له، فهو يطهره تطهيراً ويستخرج الأدواء تلك التي لو بقيت فيه لسببت هلاكه وأنقصت أجره وخفضت درجاته ودمرته تدميراً.
فيأتيه الكرم من الله في صورة ابتلاء ليستخرج منه كل هذه الأدواء من الذنوب والآثام قبل أن تهلكه ثم يترقى بعدها لينال كثير الأجر وترتفع مكانته عند ربه و منزلته، ولا يكون ذلك إلا للمؤمن.
قال رسول الله صل الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده لا يقضي الله للمؤمن قضاء إلا كان خيرا له، وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابه سراء شكر فكان خيراً له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيراً له" (رواه مسلم)
يجب أن نؤمن بأن ابتلاء المؤمن ما هو إلا دواء له، فهو يطهره تطهيراً ويستخرج الأدواء تلك التي لو بقيت فيه لسببت هلاكه وأنقصت أجره وخفضت درجاته ودمرته تدميراً
فى الخير أيضاً ابتلاء
من سنن الله في الابتلاء أنه يمتحن عباده بالخير كما يمتحنهم بالبلايا والمصائب والشدائد وما يشق على نفوسهم. ومن الحكم المستفادة من هذا:
- الابتلاء بالخير أشد وأصعب.
- قد تجد من يتحمل الابتلاء بالشر لكنه لا يمكن له أن يصمد أمام الابتلاء بالخير والنعم .
- قد تجد من يصبر على ابتلائه بمرض في جسده، لكنه لا يستطيع الصبر أمام نعمة الصحة والعافية.
- قد تجد من يصبر على الفقر وضيق العيش فلا يذل نفسه ولا يفرط في مبادئه ويظل ثابتاً، لكنه في الوقت ذاته غير قادر على الصبر أمام خيرات الثراء الفاحش والغنى الذي يصيبه فتزداد أطماعه ويظل يلهث ويلهث حول تجميع المال غير عابىء بمصادره، حتى لكأنه قد يأكل الحقوق دون أن تتحرك له شعره وقد يحللها ويفلسفها بحسب هواه.
- قد تجد من يصبر على الكفاح والجراح، إلا أنه لا يصبر على الدعة والراحة فينزلق إلى حيث الهلكة.
- قد تجد من يصبر على صغر مكانته وجنديته ويحتسب ذلك ويكون على خير خلق مع الناس، إلا أنه لا يصبر حين يترفع منصبه وترتقي مسؤلياته فيتحول إلى شخص غير محبوب بين إخوانه وأقرانه بعدما كان يشار إليه بالبنان من كثرة تواضعه وسمو جنديته.
يا كل متعثر
- إذا وقفت أحلامك وتعثرت آمالك رغم تخطيطك الجيد لها ربما ولوقت طويل، فاعلم أنك مبتلى، والمبتلى عند الله عزيز، فاصبر وثق في كرم الله، فعاجلاً سيأتيك الفرج.
- إذا أخذت بأسباب النجاح ووسائل السلامة ثم فوجئت بعدم توفيقك في أمر من الأمور، فاعلم أنك مبتلى، والمبتلى عند الله عزيز، فلا تيأس من رحمات الله وكرر محاولاتك وتأكد أن كرم الله آت لا محالة.
- إذا ظلمك الناس وأكلوا حقوقك، فاعلم أنك مبتلى، وأنك عند الله عزيز، ارفع ملف مظلمتك إلى السماء وثق بأن دعوة المظلوم ليس بينها وبين الله حجاب وحتماً هو ناصرها ولو بعد حين.
وسائل لمواجهة التعثر في الحياة
أيها المبتلى، أيها المتعثر، إليك بعض السبل، الزم المحافظة عليها وسيأتيك الخير والفرج من أوسع أبوابه بإذن الله.
- القراءة في سير الأنبياء والصحابة والصالحين.
- الدعاء والإلحاح على الله.
- المحافظة على قراءة القرآن ففيه الفرج السريع.
- المحافظة على الاستغفار، لا تجعله أقل من مائة في اليوم.
- المحافظة على الصلاة على النبي-صل الله عليه وسلم- فلا تقل عن مائة مرة في اليوم.
- الصلاة على وقتها والمحافظة على النوافل الخاصة بها.
- ارقِ نفسك بالرقية الشرعية وحصّنها من جند إبليس وأعوانه.
- انتظر دوماً فرج الله، فانتظار الفرج عبادة.
- كثرة ذكر الله خاصة الذكر المضاعف مثل: سبحان الله وبحمده عدد خلقه خلقه ورضا نفسه وزنة عرشة ومداد كلماته، وهكذا.
- التسليم التام لله والإيمان بأن أمر المؤمن كله له خير.
- إذا أصابتك الضراء فاصبر واحتسب وإذا أصابتك السراء فأكثر الشكر والحمد لله تدوم النعمه وتبقى.
- الدعاء بقولك: اللهمَّ إنّي أسألك مسألة البائس الفقير، وأدعوك دعاء المفتقر الذّليل، لا تجعلني بدعائك ربّي شقيّاً، وكن بي رؤوفاً رحيماً يا خير المسؤولين، يا أكرم المعطين، يا ربّ العالمين.
وسوم: العدد 926