وَهُوَ يَقُولُ: «لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا»
الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، قال الله تعالى "النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلَى أَوْلِيَائِكُمْ مَعْرُوفًا كَانَ ذَلِكَ فِي الْكِتَابِ مَسْطُورًا"-الأحزاب6-، ثم عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النَّاسِ، وَأَجْوَدَ النَّاسِ، وَأَشْجَعَ النَّاسِ، وَلَقَدْ فَزِعَ أَهْلُ المَدِينَةِ ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَانْطَلَقَ النَّاسُ قِبَلَ الصَّوْتِ، فَاسْتَقْبَلَهُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ سَبَقَ النَّاسَ إِلَى الصَّوْتِ، وَهُوَ يَقُولُ: «لَنْ تُرَاعُوا لَنْ تُرَاعُوا» وَهُوَ عَلَى فَرَسٍ لِأَبِي طَلْحَةَ عُرْيٍ مَا عَلَيْهِ سَرْجٌ، فِي عُنُقِهِ سَيْفٌ، فَقَالَ: "لَقَدْ وَجَدْتُهُ بَحْرًا. أَوْ: إِنَّهُ لَبَحْرٌ" صحيح البخاري، وعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: «كُنَّا إِذَا حَمِيَ الْبَأْسُ، وَلَقِيَ الْقَوْمُ الْقَوْمَ، اتَّقَيْنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلَا يَكُونُ أَحَدٌ مِنَّا أَدْنَى إِلَى الْقَوْمِ مِنْهُ» المستدرك على الصحيحين، (وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمْ قَدْ قَتَلَ بِيَدِهِ أَكْثَرَ مِمَّا قَتَلَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم -) مختصر منهاج السنة، وعَنْ أَبِي بُرْدَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: صَلَّيْنَا الْمَغْرِبَ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ثُمَّ قُلْنَا: لَوْ جَلَسْنَا حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَهُ الْعِشَاءَ قَالَ فَجَلَسْنَا، فَخَرَجَ عَلَيْنَا، فَقَالَ: «مَا زِلْتُمْ هَاهُنَا؟» قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللهِ صَلَّيْنَا مَعَكَ الْمَغْرِبَ، ثُمَّ قُلْنَا: نَجْلِسُ حَتَّى نُصَلِّيَ مَعَكَ الْعِشَاءَ، قَالَ «أَحْسَنْتُمْ أَوْ أَصَبْتُمْ» قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، وَكَانَ كَثِيرًا مِمَّا يَرْفَعُ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «النُّجُومُ أَمَنَةٌ لِلسَّمَاءِ، فَإِذَا ذَهَبَتِ النُّجُومُ أَتَى السَّمَاءَ مَا تُوعَدُ، وَأَنَا أَمَنَةٌ لِأَصْحَابِي، فَإِذَا ذَهَبْتُ أَتَى أَصْحَابِي مَا يُوعَدُونَ، وَأَصْحَابِي أَمَنَةٌ لِأُمَّتِي، فَإِذَا ذَهَبَ أَصْحَابِي أَتَى أُمَّتِي مَا يُوعَدُونَ» صحيح مسلم، وعَنِ الْمُعَلَّى بْنِ زِيَادٍ، رَدَّهُ إِلَى مُعَاوِيَةَ بْنِ قُرَّةَ، رَدَّهُ إِلَى مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ، رَدَّهُ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَيَّ» صحيح مسلم، وعَنِ نُبَيْطِ بْنِ عُمَرَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِي أَرْبَعِينَ صَلَاةً، لَا يَفُوتُهُ صَلَاةٌ، كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَنَجَاةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَبَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ" مسند أحمد (إسناده ضعيف لجهالة نبيط بن عمر، فقد تفرد بالرواية عنه عبد الرحمن بن أبي الرجال، وتساهل ابن حبان فأورده في "ثقاته")، وبعد: أولا: فعدد ركعات الفرض في اليوم والليلة هو سبع عشرة ركعة، وعدد ركعات السنن الراتبة هو اثنتى عشرة ركعة للحديث: عَنْ أُمِّ حَبِيبَةَ، زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ: «مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّي لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا، غَيْرَ فَرِيضَةٍ، إِلَّا بَنَى اللهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ، أَوْ إِلَّا بُنِيَ لَهُ بَيْتٌ فِي الْجَنَّةِ» صحيح مسلم، وهي ركعتان قبل صلاة الفجر وأربع ركعات قبل صلاة الظهر وركعتان بعد صلاة الظهر وركعتان بعد صلاة المغرب وركعتان بعد صلاة العشاء، ثم إن عدد ركعات سنن بين الأذان والإقامة هو ست ركعات للحديث: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَيْنَ كُلِّ أَذَانَيْنِ صَلَاةٌ»، قَالَهَا ثَلَاثًا، قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: «لِمَنْ شَاءَ» صحيح مسلم، وهي ركعتان بين آذان العصر وإقامة صلاة العصر وركعتان بين آذان المغرب وإقامة صلاة المغرب وركعتان بين آذان العشاء وإقامة صلاة العشاء، ثم إن عدد ركعات قيام الليل مع الوتر هو إحدى عشرة ركعة للحديث: عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، أَنَّهُ أَخْبَرَهُ: أَنَّهُ سَأَلَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، كَيْفَ كَانَتْ صَلاَةُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَمَضَانَ؟ فَقَالَتْ: «مَا كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزِيدُ فِي رَمَضَانَ وَلاَ فِي غَيْرِهِ عَلَى إِحْدَى عَشْرَةَ رَكْعَةً يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي أَرْبَعًا، فَلاَ تَسَلْ عَنْ حُسْنِهِنَّ وَطُولِهِنَّ، ثُمَّ يُصَلِّي ثَلاَثًا» صحيح البخاري والحديث: عَنْ سَعْدِ بْنِ هِشَامٍ، عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «كَانَ إِذَا فَاتَتْهُ الصَّلَاةُ مِنَ اللَّيْلِ مِنْ وَجَعٍ، أَوْ غَيْرِهِ، صَلَّى مِنَ النَّهَارِ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ رَكْعَةً» صحيح مسلم، فمجموع الركعات في ثمانية أيام وثمان ليال يساوي ثلاث مائة وثمان وستين ركعة، لكن يكون المجموع إن عزم المهاجر على السفر في أخر ليلة قبل آذان الفجر يساوي ثلاث مائة وسبع وستين ركعة، فمن السنة أن يصلى الوتر قبل آذان الفجر بزمن قراءة سورة يوسف للحديث: عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: «مِنْ كُلِّ اللَّيْلِ قَدْ أَوْتَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَانْتَهَى وِتْرُهُ إِلَى السَّحَرِ» صحيح مسلم، ثم إن عدد درجات المقربين وأصحاب اليمين في الجنة هو ست آلاف ومئتان وست وثلاثون درجة وهذا العدد يساوي عدد آيات القرآن المجيد للحديث: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ: اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا" سنن أبي داود، وعدد منازل الجنة التي يدخلها عصاة المؤمنين هو ثلاث درجات بعدد شفاعات النبي محمد صلى الله عليه وسلم في دخول الجنة للحديث: عَنْ أَنَسٍ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَفِي قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ» صحيح البخاري، فالمجموع هو ست ألاف ومائتان وتسع وثلاثون درجة، فالمعجزة العددية هي أن ست ألاف ومائتان وتسع وثلاثون قسمة ثلاث مائة وسبع وستين يساوي سبع عشرة، فسبحان الله عما يصفون، ثانيا: إن احدى وأربعين صلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم تعدل صلاة ثمانية آلاف ومائتين يوم فيما سواه لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم «صَلاَةٌ فِي مَسْجِدِي هَذَا خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ صَلاَةٍ فِيمَا سِوَاهُ، إِلَّا المَسْجِدَ الحَرَامَ» صحيح البخاري، وهي تعدل صلاة ثلاثة وعشرين سنة وواحد وخمسين يوما، وإن فترة خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام تساوي ثلاث وعشرين سنة و مائة وخمسة وستين يوما تقريبا. والله أعلم، ثالثا: إن عدد حروف قول الله تعالى ’’اقيموا وجوهكم عند كل مسجد وادعوه مخلصين له الدين‘‘(الأعراف: 29) في الرسم الأول للمصحف هو أربعون حرفا، (مخلصين له الدين): معناه عالما بأسماء الله الحسنى التسعة والتسعين كلها، ولما كان حديث رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ صَلَّى فِي مَسْجِدِي أَرْبَعِينَ صَلَاةً، لَا يَفُوتُهُ صَلَاةٌ، كُتِبَتْ لَهُ بَرَاءَةٌ مِنَ النَّارِ، وَنَجَاةٌ مِنَ الْعَذَابِ، وَبَرِئَ مِنَ النِّفَاقِ»، فتدبر القول يكون تقديره أنه ينال البراءتين والنجاة من العذاب في الدنيا والقبر من صلى أربعين صلاة متتابعة في مسجد النبي عليه الصلاة والشلام وهو عالم بأسماء الله الحسنى كلها، ثم بعدها يكون أجر الصلاة في مسجد النبي وغيره من المساجد سواء. والله أعلم، فكأن الحديث التالي: عَنْ أَبِي أُمَيَّةَ الشَّعْبَانِيِّ، قَالَ: سَأَلْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ، عَنْ هَذِهِ الْآيَةِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ} فَقَالَ أَبُو ثَعْلَبَةَ: لَقَدْ سَأَلْتَ عَنْهَا خَبِيرًا، أَنَا سَأَلْتُ عَنْهَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلًا فَقَالَ: «يَا أَبَا ثَعْلَبَةَ، مُرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنَاهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ، فَإِذَا رَأَيْتَ شُحًّا مُطَاعًا وَهَوًى مُتَّبَعًا وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً وَرَأَيْتَ أَمْرًا لَابُدَّ لَكَ مِنْ طَلَبِهِ فَعَلَيْكَ نَفْسَكَ وَدَعْهُمْ وَعَوَامَّهُمْ، فَإِنَّ وَرَاءَكُمْ أَيَّامَ الصَّبْرِ صَبْرٌ فِيهِنَّ كَقَبْضٍ عَلَى الْجَمْرِ لِلْعَامِلِ فِيهِنَّ أَجْرُ خَمْسِينَ يَعْمَلُ مِثْلَ عَمَلِهِ» المستدرك على الصحيحين، كأنه منسوخ بأحاديث فضل الصلاة في مسجد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم لأن صحابته صلى الله عليه وسلم نالوا هذا الفضل بإذن الله آخرا، فعن ابْنَ مَسْعُودٍ ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يَقُولُ: "لَأَنْ أَقْضِيَ يَوْمًا ، وَأُوَافِقَ فِيهِ الْحَقَّ وَالْعَدْلَ ، أَحَبُّ إِلِيَّ مِنْ غَزْوِ سَنَةٍ" أَوْ قَالَ: "مِائَةِ يَوْمٍ" السنن الكبرى للبيهقي، والله أعلم. فلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، اللهم ربنا انصرنا والمرابطين وانصر المجاهدين في سبيلك لتكون كلمتك هي العليا على الروم في جميع الملاحم وعلى جميع أعدائك فإنك حق ووعدك حق ولقائك حق وقولك حق والجنة حق والنار حق والنبيين حق وعبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم حق والساعة حق، اللهم ربنا اغفر لنا ما قدمنا وما أخرنا وما أسررنا وما أعلنا وما أنت أعلم به منا أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم ربنا يسر لحجاج بيتك الحرام حجهم وتقبله منا ومنهم وبارك لنا وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم، فسبحان الله رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين.
وسوم: العدد 1079