من المعجزات في وصف النبي صلى الله عليه وسلم
الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلا الله والله أكبر، ثم اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبعد: فمن المعجزات في وصف النبي صلى الله عليه وسلم التالي:- (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: "يُكْرَهُ أَنْ يَنْتِفَ الرَّجُلُ الشَّعْرَةَ الْبَيْضَاءَ مِنْ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، قَالَ: وَلَمْ يَخْتَضِبْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِنَّمَا كَانَ الْبَيَاضُ فِي عَنْفَقَتِهِ وَفِي الصُّدْغَيْنِ وَفِي الرَّأْسِ نَبْذٌ"، عَنْ أَبِي جُحَيْفَةَ، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، «هَذِهِ مِنْهُ بَيْضَاءَ، وَوَضَعَ زُهَيْرٌ بَعْضَ أَصَابِعِهِ عَلَى عَنْفَقَتِهِ» قِيلَ لَهُ: مِثْلُ مَنْ أَنْتَ يَوْمَئِذٍ؟ فَقَالَ: «أَبْرِي النَّبْلَ وَأَرِيشُهَا»، عَنْ أَنَسٍ، قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَزْهَرَ اللَّوْنِ، كَأَنَّ عَرَقَهُ اللُّؤْلُؤُ، إِذَا مَشَى تَكَفَّأَ، وَلَا مَسِسْتُ دِيبَاجَةً، وَلَا حَرِيرَةً أَلْيَنَ مِنْ كَفِّ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا شَمِمْتُ مِسْكَةً وَلَا عَنْبَرَةً أَطْيَبَ مِنْ رَائِحَةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الْأَنْصَارِيِّ، "أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ مَكَّةَ - وَقَالَ قُتَيْبَةُ: دَخَلَ يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ - وَعَلَيْهِ عِمَامَةٌ سَوْدَاءُ بِغَيْرِ إِحْرَامٍ"، عَنْ سِمَاكٍ، أَنَّهُ سَمِعَ جَابِرَ بْنَ سَمُرَةَ، يَقُولُ: "كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ شَمِطَ مُقَدَّمُ رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ، وَكَانَ إِذَا ادَّهَنَ لَمْ يَتَبَيَّنْ، وَإِذَا شَعِثَ رَأْسُهُ تَبَيَّنَ، وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ اللِّحْيَةِ، فَقَالَ: رَجُلٌ وَجْهُهُ مِثْلُ السَّيْفِ؟ قَالَ: لَا، بَلْ كَانَ مِثْلَ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ، وَكَانَ مُسْتَدِيرًا وَرَأَيْتُ الْخَاتَمَ عِنْدَ كَتِفِهِ مِثْلَ بَيْضَةِ الْحَمَامَةِ يُشْبِهُ جَسَدَهُ") صحيح مسلم، (قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، يَصِفُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: «كَانَ رَبْعَةً مِنَ القَوْمِ لَيْسَ بِالطَّوِيلِ وَلاَ بِالقَصِيرِ، أَزْهَرَ اللَّوْنِ لَيْسَ بِأَبْيَضَ، أَمْهَقَ وَلاَ آدَمَ، لَيْسَ بِجَعْدٍ قَطَطٍ، وَلاَ سَبْطٍ رَجِلٍ أُنْزِلَ عَلَيْهِ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعِينَ، فَلَبِثَ بِمَكَّةَ عَشْرَ سِنِينَ يُنْزَلُ عَلَيْهِ، وَبِالْمَدِينَةِ عَشْرَ سِنِينَ، وَقُبِضَ وَلَيْسَ فِي رَأْسِهِ وَلِحْيَتِهِ عِشْرُونَ شَعَرَةً بَيْضَاءَ» قَالَ رَبِيعَةُ: «فَرَأَيْتُ شَعَرًا مِنْ شَعَرِهِ، فَإِذَا هُوَ أَحْمَرُ فَسَأَلْتُ فَقِيلَ احْمَرَّ مِنَ الطِّيبِ») صحيح البخاري، (قَالَ: كُنْتُ مَعَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ فَأَتَاهُ فَتًى يَسْأَلُهُ عَنْ إِسْدَالِ الْعِمَامَةِ، فَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: سَأُخْبِرُكَ عَنْ ذَلِكَ بِعِلْمٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، قَالَ: كُنْتُ عَاشِرَ عَشَرَةٍ فِي مَسْجِدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَعُثْمَانُ، وَعَلِيٌّ، وَابْنُ مَسْعُودٍ، وَحُذَيْفَةُ، وَابْنُ عَوْفٍ، وَأَبُو سَعِيدٍ الْخُدْرِيُّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، فَجَاءَ فَتًى مِنَ الْأَنْصَارِ فَسَلَّمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ جَلَسَ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «أَحْسَنُهُمْ خُلُقًا» قَالَ: فَأَيُّ الْمُؤْمِنِينَ أَكْيَسُ؟ قَالَ: «أَكْثَرُهُمْ لِلْمَوْتِ ذِكْرًا وَأَحْسَنُهُمْ لَهُ اسْتِعْدَادًا قَبْلَ أَنْ يَنْزِلَ بِهِمْ أُولَئِكَ مِنَ الْأَكْيَاسِ» ثُمَّ سَكَتَ الْفَتَى وَأَقْبَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: "يَا مَعْشَرَ الْمُهَاجِرِينَ، خَمْسٌ إِنِ ابْتُلِيتُمْ بِهِنَّ وَنَزَلَ فِيكُمْ أَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ تُدْرِكُوهُنَّ: لَمْ تَظْهَرِ الْفَاحِشَةُ فِي قَوْمٍ قَطُّ حَتَّى يَعْمَلُوا بِهَا إِلَّا ظَهَرَ فِيهِمُ الطَّاعُونُ وَالْأَوْجَاعُ الَّتِي لَمْ تَكُنْ مَضَتْ فِي أَسْلَافِهِمْ، وَلَمْ يَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِلَّا أُخِذُوا بِالسِّنِينَ وَشِدَّةِ الْمُؤْنَةِ وَجَوْرِ السُّلْطَانِ عَلَيْهِمْ، وَلَمْ يَمْنَعُوا الزَّكَاةَ إِلَّا مُنِعُوا الْقَطْرَ مِنَ السَّمَاءِ، وَلَوْلَا الْبَهَائِمُ لَمْ يُمْطَرُوا، وَلَمْ يَنْقُضُوا عَهْدَ اللَّهِ وَعَهْدَ رَسُولِهِ إِلَّا سُلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوُّهُمْ مَنْ غَيْرِهِمْ وَأَخَذُوا بَعْضَ مَا كَانَ فِي أَيْدِيهِمْ، وَمَا لَمْ يَحْكُمْ أَئِمَّتُهُمْ بِكِتَابِ اللَّهِ إِلَّا أَلْقَى اللَّهُ بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ" ثُمَّ أَمَرَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ عَوْفٍ يَتَجَهَّزُ لِسَرِيَّةٍ بَعَثَهُ عَلَيْهَا، وَأَصْبَحَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدِ اعْتَمَّ بِعِمَامَةٍ مَنْ كَرَابِيسَ سَوْدَاءَ، فَأَدْنَاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ نَقَضَهُ وَعَمَّمَهُ بِعِمَامَةٍ بَيْضَاءَ، وَأَرْسَلَ مِنْ خَلْفِهِ أَرْبَعَ أَصَابِعَ أَوْ نَحْوَ ذَلِكَ وَقَالَ: «هَكَذَا يَا ابْنَ عَوْفٍ اعْتَمَّ فَإِنَّهُ أَعْرَبُ وَأَحْسَنُ» ثُمَّ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِلَالًا أَنْ يَدْفَعَ إِلَيْهِ اللِّوَاءَ فَحَمِدَ اللَّهَ وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ: خُذِ ابْنَ عَوْفٍ فَاغْزُوا جَمِيعًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقَاتِلُوا مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ، لَا تَغُلُّوا وَلَا تَغْدِرُوا، وَلَا تُمَثِّلُوا، وَلَا تَقْتُلُوا وَلِيدًا، فَهَذَا عَهْدُ اللَّهِ وَسِيرَةُ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسَلَّمَ «هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ، وَلَمْ يُخْرِجَاهُ» المستدرك على الصحيحين، ("كان فخماً مفخماً يتلألأ وجهه تلألؤ القمر ليلة البدر، أطول من المربوع، وأقصر من المشذب عظيم الهامة، رجل الشعر، إن انفرقت عقيقته فرق، وإلا فلا يجاوز شعرة شحمة أذنيه إذ هو وفره، أزهر اللون، واسع الجبين، أزج الحواجب سوابغ من غير قرن بينهما عرق يدره الغضب، أقنى العرنين، له نور يعلوه، يحسبه من لم يتأمله أشم، كث اللحية، سهل الخدين، ضليع الفم، أشنب، مفلج الأسنان، دقيق المسربة كأن عنقه جيد دمية، في صفاء الفضة، معتدل الخلق، بادنا، متماسكاً، سواء البطن والصدر، عريض الصدر، بعيد ما بين المنكبين، ضخم الكراديس، أنور المتجرد، موصول ما بين اللبة والسرة بشعر يجري كالخط، عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك، أشعر الذراعين والمنكبين وأعالي الصدر، طويل الزندين، رحب الراحة سبط القصب، شثن الكفين والقدمين، سائل الأطراف، خمصان الأخمصين، مسيح القدمين ينبو عنهما الماء، إذا زال زال تقلعاً، ويخطو تكفؤاً، ويمشي هوناً، ذريع المشية، إذا مشى كأنما ينحط من صبب، وإذا التفت التفت جميعاً، خافض الطرف، نظره إلى الأرض أطول من نظره إلى السماء، جل نظره الملاحظة، يسوق أصحابه، ويبدء من لقيه بالسلام"، في الشمائل عن هند بن أبي هالة...الشرح:- (كان فخماً) عظيماً في نفسه، (مفخماً) عظيم القدر عند صحبه ومعظماً عند من لم يره قط، (يتلألأ وجهه) يضيء ويتوهج، (تلألؤ القمر ليلة البدر) ليلة أربع عشرة وهي أحسن ما يكون ليلة البدر وأتم، فنور القمر نور محض لا إحراق فيه، (أطول من المربوع) أي عند أول نظرة نظر ربعة فإذا تأمل ظهر أنه إلى الطول أقرب، (وأقصر من المشذب) ويفسره حديث عائشة: "لم يكن أحد يماشيه من الناس ينسب إلى الطول إلا أطاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وربما اكتنفه الرجلان الطويلان فيطويهما فإذا فارقاه نسباً إلى الطول ونسب هو إلى الربعة"، (رجل الشعر) كأن شعره بأصيل خلقته مسرحاً، (إن انفرقت عقيقته أو عقيصته) أي شعر رأسه سمي عقيقة تشبيهاً بشعر المولود فإنه يسمى عقيقة لأنه يحلق، (فرق) بالتخفيف أي جعل شعره نصفين نصفاً عن يمينه ونصفاً عن يساره، (وإلا) بأن كان مختلطاً، (فلا) يفرقه بل يتركه مختلطاً بحاله معقوصاً وفرة واحدة والمراد أنه لا يتكلف لذلك، وقوله: (يجاوز) استئناف لشعره، (شحمة أذنيه إذ هو وفره)، (أزهر اللون) مشرقه نيره، (واسع الجبين) ممتدة طولاً وعرضاً وذلك محمود، (أزج الحواجب) مدققها مع تقوس وغزارة قيل جمعهما للمبالغة في امتدادهما حتى كأنهما عده حواجب، (سوابغ) بالسين أفصح من الصاد وهو منصوب على أنه حال من المجرور وهي الحواجب وهي فاعلة في المعنى إذ المعنى أزجت حواجبه، (من غير قرن) بفتح القاف والراء أي أن شقي حاجبيه لا يلتقيان (بينهما) أي الحاجبين (عرق) بكسر فسكون (يدره) يحركه نافراً، (الغضب) كان إذا غضب امتلأ ذلك العرق دماً كما يمتلئ الضرع لبناً فيظهر ويرتفع، (أقنى) بقاف ونون مخففة من القناء ارتفاع أعلا الأنف واحد يدأب وسطه (العرنين) طويل الأنف مع دقة أرنبته مع حدب في وسطه وهي أحسن صفات الأنف، (له) العرنين أو النبي وهو الأظهر، (نور يعلوه) يغلبه من حسنه وبهائه ورونقه، (يحسبه من لم يتأمله أشم) مرتفعاً قصبة الأنف، كان (كث اللحية) من كثت اللحية كثاثة وكثوثة وكثيثاً: كثرت أصولها وكثفت وقصرت وجعدت، (سهل الخدين) هو مثل أسيل الخدين أي ليس فيهما نتوء ولا ارتفاع، (ضليع الفم) عظيمه أو واسعه، (أشنب) أبيض الأسنان مع بريق وتحديد فيها، أو هو رونقها وماؤها أو بردها وعذوبتها، (مفلج الأسنان) مفرق ما بين الثنايا، (دقيق) بالمهملة ويروى بالراءـ (المسربة) بضم الراء وفتح الميم وسكون المهملة الشعر وسط الصدر إلى البطن كان كالخيط منه - صلى الله عليه وسلم - سائلاً إلى السرة، (كأن عنقه جيد) بكسر فسكون، (دمية) بالمهملة بزنة عجمة ومثناة تحتية الصورة المنقوشة من نحو رخام أو عاج، شبه عنقه بعنقها لأنه يتأنق في صنعتها مبالغة في حسنها وخصها لأنها كانت مألوفة عندهم، (في صفاء الفضة) قال الزمخشري: وصف عنقه بالدمية في الاستواء والاعتدال وظرف الشكل وحسن الهيئة والكمال، وبالفضة في اللون والإشراق والجمال، (معتدل الخلق) متناسب الأعضاء خلقاً وحسناً، (بادناً) ضخم البدن لا مطلقاً بل بالنسبة إلى ما يأتي من كوثه شثن الكفين والقدمين، ولما كانت البدانة قد تكون من كثرة اللحم وإفراط السمن الموجب لرخاوة البدن وهو مذموم عقبه بقوله: (متماسكاً) في النهاية معتدل الخلق كأن أعضاءه يمسك بعضها بعضاً، إن قيل: في رواية البيهقي: ضرب اللحم وهو ضعيف اللحم الممشوق المستدق فكيف يلائم قوله بادناً؟ قيل: القلة والكثرة والخفة والتوسط من الأمور النسبية المتفاوتة، فحيث قيل: بادناً أراد عدم النحولة والهزال، وحيث قيل: ضرب أريد عدم السمن التام، (سواء البطن والصدر) بالإضافة والتنوين كناية عن كونه خميص البطن والحشا، (عريض الصدر) واسع الصدر، قال البيهقي: كان بطنه غير منقبض فهو مساو لظهره، (ضخم الكراديس) رؤوس العظام واحدها كردوس، (أنور المتجرد) أي ذو نور ما تجرد من جسمه والمراد جسمه كله كما تقدم أنه أظهر اللون، (موصول ما بين اللبة) بفتح اللام المنحر، (والسرة بشعر) يتعلق بموصول، (يجري) بالجيم والراء، (كالخط) وهو معنى دقيق المسربة، (عاري الثديين والبطن مما سوى ذلك) أي ليس عليهما شعر سوى ذلك، (أشعر الذراعين) تثنية ذراع: من طرف المرفق إلى طرف الأصبع الوسطى. (والمنكبين وأعالي الصدر) أي كان على هذه الثلاثة شعر غزير، (طويل الزندين) تثنية زند وهو ما انحسر عنه اللحم من الذراع، (رحب الراحة) واسعها، قال الزمخشري: رحب الراحة أي الكف دليل الجود، وصغرها دليل البخل، (سبط) بالمهلمة فموحدة محركات، (القصب) بفتح القاف وفتح المهملة جمع قصبة: كل عظم أجوف فيه مخ، أي ليس في ذراعيه وساقيه وفخذيه نتوء ولا تعقد، (شثن الكفين) جليل المساس والكبد في أنامله غلظ بلا قصر، وذلك محمود في الرجال مذموم في النساء (والقدمين) ولا يعارضه حديث أنس عند البخاري "ما مسست حريراً لا ديباجاً ألين من كفه" لأن المراد اللين في الجلد والغلظ في العظام، فيجتمع له نعومة البدن وقوته، قال ابن بطال: كانت كفه ممتلئه لحماً غير أنها مع ضخامتها لينة، (سائل الأطراف) فسره البيهقي وغيره بممتد الأصابع طوال غير منعقدة ولا متثنية وتؤيده رواية "كأن أصابعه قضبان فضة"، (خمصان الأخمصين) الأخمص من القدم الموضع الذي لا يلصق بالأرض عند الوطء والخمصان المبالغ فيه أي أن ذلك من أسفل قدميه شديد التجافي عن الأرض، (مسيح القدمين) أملسهما مستويهما لينهما بلا تكثير ولا تشقق جلده، (ينبو عنهما الماء) يسيل ويمر سريعاً، إذا صب عليهما، (إذا زال زال تقلعاً) أي إذا ذهب وفارق مكانه رفع رجليه رفعاً بائناً متداركاً إحداهما بالأخرى مشية أهل الجلادة، أي ذهاب يقلع، والقلع في الأصل انتزاع الشيء من أصله أو تحويله من محله وكلاهما يصلح أن يراد هنا أي ينزع رجله من الأرض أو يحولها بقوة، (ويخطو تكفؤا) بالهمز وتركه أي تمايلاً إلى قدام من قولهم: كفئت الإناء إذا قلبته، (ويمشي) تفنن في العبارة، وبعداً عن تكرر اللفظ، (هوناً) صفة لمصدر محذوف أي مشياً هيناً بلين ورفق، (ذريع) بالمعجة كفريع وزناً ومعنى، (المشية) أي سريعاً مع سعة الخطوة فمع كون مشيه بسكينة كان يمد الخطوة كأن الأرض تطوى له، (إذا مشى كأنما ينحط من صبب) ينحدر من الأرض وأصله النزول من علو إلى سفل، ومنه صببت الماء والمراد أنه لا إسراع في مشيته ولا إبطاء وخير الأمور أوسطها، (وإذا التفتَ التفت جميعاً) أي شيئاً واحداً فلا يسارق النظر ولا يلوي عنقه، كالطائش الخفيف بل يقبل ويدبر جميعاً، قيل: ينبغي أن يخص بالتفاته وراءه، أما التفاته يمنة أو يسرة فبعنقه، (خافض الطرف) لا يرفعه، وقد فسره بقوله: (نظره إلى الأرض) حال السكون وحال التحدث، (أطول من نظره إلى السماء) لأنه كان دائم المراقبة متواصل الفكرة، والنظر إلى ما تحت أجمع للفكر وأتم للتأمل (جل نظره) بضم الجيم معظمه وأكثره (الملاحظة) النظر بشق العين مما يلي الصدغ أي نظره كذلك في حال الخطاب فلا ينافيه إذا التفت التفت جميعاً، (يسوق أصحابه) يقدمهم أمامه ويمشي خلفهم كأنه يسوقهم تواضعاً؛ ولأن الملائكة تمشي خلفه كما وردـ (ويبدء) وفي لفظ يبدر، (من لقيه بالسلام) حتى الصبيان تأديباً لهم وتأنيساً، في الشمائل عن ابن أبي هالة ربيب النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن خديجة كان وصّافاً لحلية النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل مع علي في الجمل، وقيل: مات في طاعون عمواس) التنوير في شرح الجامع الصغير بتصرف، وفي الحديث: أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ رَآنِي فِي المَنَامِ فَسَيَرَانِي فِي اليَقَظَةِ، وَلاَ يَتَمَثَّلُ الشَّيْطَانُ بِي» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: قَالَ ابْنُ سِيرِينَ: «إِذَا رَآهُ فِي صُورَتِهِ» صحيح البخاري، أي إذا رآه على وصفه المعروف في حياته، فلا يرى على خلاف ذلك، ومن خلاف ذلك أن يتكلم بحديث لم يتكلمه صلى الله عليه وسلم في حياته وأن يكون في مكان لم يكن فيه في حياته وأن يتكلم بحديث في مكان لم يحدث به فيه في حياته وأن يكون مرتديا ثوبا لم يرتديه في حياته أو لم يكن مرتديه حين تكلمه بذلك الحديث والله أعلم، (فَسَيَرَانِي فِي اليَقَظَةِ) أي سيرى النبي صلى الله عليه وسلم عند حوضه يوم القيامة وسيشرب منه إن شاء الله، فاللهم إني أسألك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم أن تغفر لنا وترحمنا في الدنيا والآخرة، وأسألك أن تنصرنا والمجاهدين في سبيلك على الروم وجميع أعدائك في جميع الملاحم، فسبحان الله رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
وسوم: العدد 1088