إشراقة

دروس وعبر من عاشوراء

د. أبو بكر الشامي

* غداً السبت ، هو العاشر من محرّم الحرام ، الموافق للثالث والعشرين من تشرين الثاني / نوفمبر ، هو يوم عظيم من أيام الله ، فيه نجى الله موسى عليه السلام والمؤمنين معه ، وأهلك الطاغية فرعون ومن معه من الشبّيحة ...

* ولذلك فقد صامه رسول الله صلى الله عليه وسلّم وأمر أمته بصيامه ، وبشّر بأن صيامه يكفّر ذنوب السنة السابقة بإذن الله .

* لقد ورد ذكر عاشوراء في أكثر من ثلاثين آية من القرآن الكريم ، وفي أربع سور قرآنية عظيمة ، لما له من أهمية كبيرة في إشاعة الأمل في نفوس المظلومين ، بحتمية الانتصار على القوم الكافرين .

* لقد ذهبت عاشوراء في التاريخ مثلاً على حتمية انتصار المؤمنين الصابرين ، على الطواغيت المتجبّرين ، مهما كانت قوّتهم ، بشرط أن يستمسك المؤمنون المستضعفون بدينهم ومبادئهم (( وكان حقّاً علينا نصر المؤمنين )).

* إن الأمل المغيب في نفوس المؤمنين الراسخين أقوى بكثير منالألم الظاهر أمام أعينهم ، ولذلك فقد كذّب موسى بعين بصيرته وإيمانه ، ما كان قد رآه بعض أصحابه بعيون بصرهم من قوة العدوّ وعنفوانه (( إنا لمدركون ))!!!

فقال بلغة الواسق الراسخ : ((كلاّ ...  )) وهي لفظة نفي قاطع لا لبس فيه ((إنّ معي ربي سيهدين  ))

وتكرر الموقف ذاته في الغار ، إذ يرى العبد الصالح أبو بكر الصديق رضي الله عنه بعيون بصره ، الأعداء وهم يحيطون بالغار إحاطة السور بالمعصم ، فيقول بلغة المحب المشفق على حبيبه رسول الله صلى الله عليه وسلّم : ( لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا ) فيأتي الجواب الراسخ الواثق من المؤمن الواسق الراسخ : (( لا تحزن إنّ الله معنا ))

(( يا أبا بكر ، ما ظنّك باثنين ، الله ثالثهما )) .

* عاشوراء ، قصّة إيمان ، وإخلاص ، ورسوخ ، وشموخ ، وصبر ، وأمل ، وثقة ، وانتصار ...

وهي أعظم بكثير من تلك الشركيات ، والشعوذات ، واللطميات ، والتفاهات ، التي يؤديها اليوم بعض الجهلة والمنافين من أدعياء التشيّع وحبّ الحسين ، والحسين منهم براء ، وحرب عليهم إلى يوم القيامة ...

* عاشوراء تنادي السوريين المؤمنين المجاهدين المظلومين بلغة القرآن ، والتاريخ ، والنواميس ، والسنن، والعبر ، بأنكم منتصرون لا محالة ، ومعكم أهل غزّة ، وفلسطين ، وأفغانستان ، وكل مؤمن مظلوم ...

كما تنادي طواغيت الشام النصيريين ، وطواغيت غزّة الصهاينة ، وكل طواغيت الأرض : بأنكم مهزومون ، مخذولون مندحرون ...

(( ولقد كتبنا في الزبور من بعد الذكر أنّ الأرضَ يرثُها عباديَ الصالحون ، إنّ في هذا لبلاغاً لقومِ عابدين )) الأنبياء 103

(( فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ( 61 ) قَالَ كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ ( 62 ) فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ( 63 ) وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ الآخَرِينَ ( 64 ) وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ ( 65 ) ثُمَّ أَغْرَقْنَا الآخَرِينَ ( 66 ) إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ ( 67 ) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ )) الشعراء

(( يا أيها الذين آمنوا ، مالكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله اثّاقلتم إلى الأرض ، أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة ، فما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل * إلا تنفروا يعذّبكم عذاباً أليماً ، ويستبدل قوماً غيركم ، ولا تضرّوه شيئاً ، والله على كلّ شيء قدير * إلا تنصروه فقد نصره الله ، إذ أخرجه الذين كفروا ، ثانيَ اثنين ، إذ هما في الغار ، إذ يقول لصاحبه لا تحزن إنّ الله معنا ، فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها ، وجعل كلمةَ الذين كفروا السفلى ، وكلمةُ الله هي العليا ، والله عزيزٌ حكيم ))

التوبة 40

اللهم نصرك الذي وعدت لعبادك المؤمنين ...

اللهم انصر المجاهدين في سورية كما نصرتهم في غزّة ...

اللهم ثبّت أقدامهم ، ووحّد صفوفهم ، وسدّد رميهم ، وبارك في عديدهم وعدّتهم ، وانصرهم على القوم الظالمين ...

اللهم اجعل نار الأسديين برداً وسلاماً على أهلنا في سورية ، كما جعلت نار اليهود برداً وسلاماً على أهلنا في غزّة ...

الله ارحم شهداءنا ، وداو جرحانا ، وفك أسرانا ، وانصر مجاهدينا ، وأنزل سحائب رحماتك وبركاتك على عوائلنا المهجّرة والنازحة والمنكوبة في فصل الشتاء القارس يا أرحم الراحمين ...

اللهم آمين ، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين ...