عدتنا
الإمام الشهيد حسن البنا
عدتنا هي عدة سلفنا من قبل، والسلاح الذي غزا به زعيمنا وقدوتنا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته معه العالم، مع قلة العدد وقلة المورد وعظيم الجهد :
لقد آمنوا أعمق الإيمان وأقواه وأقدسه وأخلده :
بالله ونصره وتأييده : (إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللهُ فَلا غَالِبَ لَكُمْ) (آل عمران:160) .
وبالقائد وصدقه وإمامته : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) (الأحزاب:21).
وبالمنهاج ومزيته وصلاحيته : (قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ، يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلامِ) (المائدة:15-16).
وبالإخاء وحقوقه وقدسيته : (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) (الحجرات:10) .
وبالجزاء وجلاله وعظمته وجزالته : (ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لا يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلا نَصَبٌ وَلا مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَطَأُونَ مَوْطِئاً يُغِيظُ الْكُفَّارَ وَلا يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَيْلاً إِلا كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) (التوبة:120) .
وبأنفسهم : فهم الجماعة التي وقع عليها اختيار القدر لإنقاذ العالمين، وكتب لهم الفضل بذلك،فكانوا خير أمة أخرجت للناس .
لقد سمعوا المنادي ينادي للإيمان فآمنوا، ونحن نرجو أن يحبب الله إلينا هذا الإيمان، ويزينه في قلوبنا كما حببه إليهم وزينه من قبل في قلوبهم ... فالإيمان أول عدتنا .
واجباتنا
أيها الإخوان ..
آمنوا بالله واعتزوا بمعرفته والاعتماد عليه والاستناد إليه، فلا تخافوا غيره ولا ترهبوا سواه. وأدوا فرائضه واجتنبوا نواهيه .
وتخلقوا بالفضائل وتمسكوا بالكمالات . وكونوا أقوياء بأخلاقكم أعزاء بما وهب الله لكم من عزة المؤمنين وكرامة الاتقاء الصالحين.
وأقبلوا علي القرآن تتدارسونه، وعلي السيرة المطهرة تتذاكرونها، وكونوا عمليين لا جدليين ؛ فإذا هدي الله قوما ألهمهم العمل ؛ وما ضل قوم بعد هدي كانوا عليه إلا أوتوا الجدل.
وتحابوا فيما بينكم، واحرصوا كل الحرص علي رابطتكم فهي سر قوتكم وعماد نجاحكم، واثبتوا حتى يفتح الله بينكم وبين قومكم بالحق وهو خير الفاتحين .
واسمعوا وأطيعوا لقيادتكم في العسر واليسر والمنشط والمكره، فهي رمز فكرتكم وحلقة الاتصال فيما بينكم .
وترقبوا بعد ذلك نصر الله وتأييده .
والفرصة آتية لا ريب فيها، (وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ، بِنَصْرِ اللهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (الروم:4-5) .
لنا في الله أعظم الأمل
ثقوا في وعد ربكم
إن الأمل والثقة واليقين بنصر الله يملأ قلوبنا همةً وعزيمةً، وعملاً واجتهادًا، وتضحيةً وفداءً؛ لأننا نُدرك وعد الله لنا..
(إِنْ تَنصُرُوا اللهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد: من الآية 7)، (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمْ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) (النور: من الآية 55)، (يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنْ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ (171) الَّذِينَ اسْتَجَابُوا للهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ مَا أَصَابَهُمْ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ (172)) (آل عمران).
فيا أحبةَ القلوب..
كونوا على عهدكم مع ربكم، وابذلوا كل ما في وسعكم، واثبتوا على طريقكم ومنهاجكم، والتفوا حول قيادتكم الراشدة، وثقوا في وعدِ ربكم، واصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون.
الإمام حسن البنا