ففرّوا إلى الله

نقلها بتصرف: د.عثمان قدري مكانسي

[email protected]

أرسل إليّ أحد الأحباب قصة فيها ما ينبغي أن نكونه جميعاً حباً لله ولجوءاً إليه جل جلاله

ذكرالإمام الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله تعالى :

كان رجل يبكي وينادي : أين قلبي ، أين قلبي ؟! من وجد قلبي؟!

فدخل يوما بعض السكك ، فوجد صبيا يبكي وأمه تضربه ، ثم أخرجته من الدار ، فأغلقت دونه الباب ، فجعل الصبي يلتفت يمينا وشمالاً ، ولا يدري أين يذهب ، ولا أين يقصد ، فرجع إلى باب الدار ، فوضع رأسه على عتبته ، فنام .

فلما استيقظ جعل يبكي ويقول يا أماه من يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك؟  

ومن يدنيني من نفسه إذا طردتِني؟  ومن الذي يؤويني بعد أن غضبت علي؟

فرحمته أمه ، فقامت فنظرت من خلل الباب ، فوجدت ولدها تجري الدموع على خده متمرغاً في   التراب . ففتحت الباب ، وأخذته حتى وضعته في حجرها ، وجعلت تقبله وتقول : يا قرة عيني وعزيز نفسي ؛ أنت الذي حملتني على ذلك ، وأنت الذي تعرضت لما حلّ بك ، ولو أطعتني لم تلق مني مكروهاً .

فقال الرجل : قد وجدت قلبي ، قد وجدت قلبي .

أتدري أين وجد قلبه؟

وجده في التذلل على أعتاب رب كريم ، ومولى غفور رحيم ، والفرار منه إليه سبحانه .

فكل منْ تخافه فررتَ منه إلا الله تعالى ، فإنك حين تخافه تفر إليه  .

  سورة الذاريات(ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين)

ينادي الشاعر أبو نواس ربه سبحانه خاضعاً له ، متذللاً إليه :

     أيامنْ ليس لي منه مجير    بعفوك من عذابك أستجير

     أنا العبد المقرّ بكل ذنب     وأنت السيد المولى الغفورُ

     فإن عذبتَني فبسوء فعلي     وإن تغفر فأنت به جدير

     أفر إليك منك وأين إلاّ        إليك يفر منك المستجيرُ