دروس من عاشوراء
معمر حبار
عاشوراء .. مساء هذا اليوم، وأنا أتابع فضائية لبنانية، حول يوم عاشوراء.. خيّل للمتتبع أنها مناسبة لبنانية .. ونفس الكلام يقال، وأنت تتابع بعض الفضائيات العراقية ..
إن المناسبات الدينية أكبر من أن تحصر في وطن ضيّق.. وأبطالها أعظم من أن يستولي عليهم حزب أو جماعة أو فئة.. فذلك تصغير لشأنهم .. وانتقاص من قدرهم .. واحتكار ممقوت مذموم.
في عاشوراء .. يصوم المرء .. والصوم إمساك وإمتناع ..
فليمسك الصائم وليمتنع، عن .. سفك الدماء ..وهدم البيوت .. وإنتهاك الأعراض .. وتهجير أصحاب الأرض .
نصوم عاشوراء .. لأن الله نجا سيّدنا موسى عليه السّلام ..
فلنكن وسيلة نجاة لمجتمعاتنا .. ولمن حولنا .. وللإنسانية جمعاء.
فرعون لايعنينا في شيىء .. سواء أهلك أو نجا .. فالمرء لايصوم لهلاكه .. ولم يكن الهلاك مدعاة للصوم ..
فالنجاة .. هي التي تحتاج الشكر والثناء .. والصوم وجه من هذه الأوجه ..
وخير الناس .. من شكرهم .. بتقديم طوق النجاة لهم.
عاشوراء.. يوم بذل وعطاء ونجاة ..
ومثل هذا اليوم .. لايستقبل بالدماء .. ولا الأحزان .. ولا الدموع ..
فإن ذلك يسيء .. لعظمة اليوم.
إن الذي يمنع عباد الله .. من التصدق والبذل .. في يوم عاشوراء ..
لايمكن للمرء إلا أن يقول .. البخل يحسنه الكل .. والعطاء، ميزة الكبار..
عرب الجاهلية .. جعلوا من الأشهر الحرم .. مناسبات لتوقيف الدماء ..
فكيف يحتفل بعاشوراء .. بالدماء .. والتباهي بها ..
عاشوراء .. بالمفهوم الجزائري، تعني .. العشور .. أي إخراج الزكاة لمستحقيها ..
وقد تربى المجتمع .. عبر هذه المناسبة .. على العطاء .. وينتظر بشوق لهذا اليوم .. الذي يخرج ماعليه من زكاة ..
ولعلّ من العوامل التي ساعدت على ذلك .. أن عاشوراء يوم رسمي يحتفل به .. فيحيي ذكراه .. بالصوم والعطاء .. وهذا مايميّز الجزائري عن غيره من الذين يحتفلون بنفس اليوم.