كن مسلماً

أنس إبراهيم الدّغيم

أنس إبراهيم الدّغيم

جرجناز/معرّة النعمان/سوريا

[email protected]

7

أجل أيّها المسلم: كنْ في ليلكَ سراجاً، فتيلُهُ الذّكرُ، وزيتُهُ الدّموع، وزجاجتُهُ القلبُ، فإذا كنتَ كذلك، كنتَ منزلاً لوارداتِ الرضا، ومهبطاً لوافداتِ الهدى، ورقيباً على صورِ الجمالِ البديع، وخطَرِ الجلالِ الرّفيع:

ترقدُ الدّنيا ويحويها الظّلامْ

فينامُ الحسُّ في النّاسِ النّيامْ

وعيونُ الحسنِ تبقى أبداً

في خلايا الكونِ يقظى لا تنامْ

لا تراها غيرُ نفسٍ أرّقتْ

من لظى الوجدِ وتبريحِ الغرامْ

سرحتْ تلتمسُ الطّبَّ وفي

بهجةِ الحسنِ شفاءٌ وسلامْ

إنّ ما في الكونِ من حسنٍ صدىً

لجمالِ الله يا طيبَ الهيامْ[1]

أيّها المسلم: شُقَّ ليلكَ بالأنين، ونوّره بالذّكر، وقم بين يدي مولاك، وتضرّعْ إليه وبُثّ له شكواك، فإنّ لك في ذلك رأسَ مالٍ ليس ينفد:

(كنْ مثلَ الرّوميّ في حكمته، وفريد الدّين العطّار في فلسفته، والغزاليّ في ذكائه وعلمه، لنْ ترجعَ من كلّ ذلك بطائل، إذا لم تكنْ لك أنّةٌ في الأسحار)[2].

والثمْ ترابَ التّوبةِ بشفاهِ قلبك، ومُرّ عليه بحرِّ وجهك، فهنا يسقيك الحبيبُ بكفّ عطفه شرابَ الواصلين، قمْ وناجِ مولاكَ وقلْ يا ربّ:

رغبتُ عن السِّوى وإليكَ أرغبْ

ومَن يلجأْ إليكَ فليسَ ينصبْ

فماءُ الغيرِ ما روّى أُيامي

وماؤكَ في هجيرِ النّفسِ أعذبْ

وأدنو نحوَ بابكَ مطمئنّاً

وأمحو الخوفَ حينَ أقولُ يا ربّْ

فأنتَ إليَّ أدنى مِن فؤادي

ومِن حبلِ الوريدِ فأنتَ أقربْ

وتأخذني المراحلُ والثّنايا

ويذهبُ غيهبٌ ليجيءَ غيهبْ

وما لي غير بابكَ مُستقَرٌّ

ويخلصُ دونَ بابكَ كلُّ مذهبْ

أفِرُّ إليكَ جارحةً وقلباً

فتأنسُ باللّقا روحي وتطربْ

وأرشفُ من حميّا الكأسِ قطراً

يُسامرُ قلبيَ الصّادي فيشربْ

أويتُ إليكَ في جُنحِ المعاصي

ومَن لي إنْ صبا قلبي وأذنبْ؟

فَمُدَّ إليَّ ربّي كفَّ عفوٍ

تهدهدُ خاطري كيلا أُعذّبْ

وكنْ لي يا حبيبي إنَّ قلبي

من الآثامِ والأوزارِ مُتعبْ

فعبدُكَ آبِقٌ وعطاكَ جَمٌّ

وذنبي واسعٌ ورضاكَ أرحَبْ[3]

 

8

أيّها المسلم: إذا ما أُجيفتِ ستورُ الدّجى والتحفكَ الظّلامُ بكلكله، وغارت النّجوم ونامت العيون، فاذكرْ أنّ بابَ الله مفتوحٌ للقاصدين، وأنّ عينَ الله لا تنام، وأنّه هو الحيُّ القيّوم الذي لا تأخذُهُ سِنةٌ ولا نوم، فمزّقْ عنكَ ستورَ اللّيلِ بوثبةٍ من روحكَ عليّةٍ، وأرسلْ فيه من نورِ قلبك ما يضيءُ أكنافَه، وهزَّ سكونَهُ بتراتيلِ الحبِّ النّديّة، تنبعثُ من قلبكَ المشرقِ بنور التّوحيد، واهجرْ فراشك ممتشقاً سيفَ همّتك، ثائراً على عقدِ الشّيطان، تفكُّ حبائلها بأورادِ اليقين، متعالياً عن سفاهةِ النّفسِ ودَعَتها بتسابيح الحبِّ والذّكر الحكيم، نائياً عن منزل الرّاحة نازلاً عند مراد مولاك، ظاعناً عن بيتِ الذّاتِ إلى بيتِ الكريم، مردّداً أذكارَ الهدى يا قيّومُ يا قيّوم:

نائحٌ واللّيلُ ساجٍ سادلُ

يهجعُ النّاسُ ودمعي هاطلُ

تصطلي روحي بحزنٍ وألمْ

وِردُ "يا قيّومُ" أُنسي في الظّلمْ

أنا كالشّمعِ دموعي غُسَلي

في ظلامِ اللّيلِ أُذكي شُعَلي[4]

قمْ وتوضّأْ بماءِ الولاء، وبلّلْ أعضاءَك بقطراتٍ من ماءِ الهمّة، لتبدأَ يومَها رطبَةً بذكرِ الله، مُبتّلةً بدهونِ الإيمان، متندّيةً بالقطرِ العَطِر، ثمّ انهضْ إلى صلاتكَ مشتملاً قلبكَ المؤمنَ بين جنبيكَ حاملاً سرَّ الحبيبِ بواثقِ السّرائر، ملبّياً نداءَ المعشوق بصادقِ الإقبال، مقبلاً عليه بحاضرِ الحال، حينها سيقعُ لك الخيرُ وطيبُ البال، وتستشعرُ روحُكَ وكأنّها سرحتْ في مواقع الجمالِ المقيم، وقلبُك بأنّهُ قد فازَ بكوثرِ الرّضا والتّسليم:

بادرِ الفجرَ واشتملْ بإزارِهْ

وتمتّعْ بالحسنِ في أغوارهْ

ودعِ الهيكلَ التّرابيّ حيناً

واسرِ بالرّوحِ في مدى مضمارهْ

واتّجهْ في كيانك الطّلقِ واسرحْ

في هواهُ وفي مدى أفكارهْ

سترى غرّةً ليومٍ جديدٍ

كان في الغيبِ وانبرى من ستاره

والضّياءُ الحيرانُ يضفي عليهِ

حلّةً من لُجينهِ ونضارِهْ

سترى فيه سرَّ ربٍّ براهُ

وبأنواره صدى أنوارهْ

أرهفِ الحسَّ واستمعْ لِنجاوى الـ

فجرِ ما بين ديكهِ وهزارهْ

وتأمّلْ فيضَ الجمالِ على الوادي

نضيراً يشعُّ في أسحارهْ

قد تمطّى ومدَّ رجليهِ عبرَ الـ

أفقِ في البحرِ مُبرداً من أُوارهْ

والرّوابي توكّأتْ عن يمينٍ

وشمالٍ واسترسلتْ في جوارهْ

وعليها من الصّنوبر تاجٌ

ركعَ الزّهرُ خاشعاً من وقارهْ

في مثاني سفوحِها دورُ أُنسٍ

أقسمَ الصّيفُ أنْ تذودَ المكارهْ

يا لَطيبِ النّسيمِ هفَّ عليلاً

يستثيرُ الحفيفَ من أشجارهْ

ثمّ يسري في رقّةٍ ودلالٍ

مُشبعاً بالأريجِ من أزهارهْ[5]

 

9

أيّها المسلم: أجِلْ طرفَ التفكّرِ في حركاتِ الكونِ وسكناته ولا يحجبنّك متحرّكٌ أو ساكنٌ عن واهبِ الحركة وموجدِ السّكون فإنّ في هذا كسوفَ شمسِ عقلكَ وخسوفَ قمرِ بصيرتك.

نعم: كنْ كما أرادكَ اللهُ أنْ تكونَ خالصاً لهُ سبحانه:

((ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون))[6].

ولا تحبسنّك المكوّناتُ عن المكوّنِ العظيمِ ولا البدائعُ عن المبدعِ الكريم، واسلكْ عقلَكَ في مذاهب الإدراك والتفكّر فإنّها خيرُ ما يسلكُ في حياته الدنيا:

"لا تنتقلْ من كونٍ إلى كونٍ فتكونَ كحمارِ الرّحى، المكانُ الذي ارتحلَ إليه هو الذي ارتحلَ منهُ ولكن انتقل من المكوّنات إلى المكوِّن، "وأنّ إلى ربّك المنتهى")[7].

أجل أيّها المسلم: إذا ما خَطَرتْ بك النّسماتُ فاذكرْ بارئَ النّسَم، وإذا ما رأيتَ الأثمارَ الزاكيةَ تنوسُ في الأغصان الحانية، فاذكرْ واهبَ النّعم، وموائسَ الأوراق تترنّحُ في قلب الشّجر فتسبي العقولَ والأذواقَ فاذكر محييَ الرّمم.

وعوانسَ الأقحوان تميلُ بها النسائمُ يمنةً ويسرةً فتختلبُ العقولَ وتسكرُ الأذهانَ فاذكرْ موجدَ الأكوانِ من عدم:

تأمّلْ في نباتِ الأرضِ وانظُرْ

إلى آثارِ ما صنعَ المليكُ

عيونٌ من زبرجدَ شاخصاتٌ

على أطرافها الذّهبُ السّبيكُ[8]

أجلْ أيّها المسلم: تأمّلْ في كلِّ خبيّةٍ، وسرّحْ نظرَكَ في كلّ طويّةٍ، أما ترى شدوَ البلابلِ في تقاسيمِ الخمائل، وسريانَ النّسيم في الرّوضِ البسيم، وانبساطَ النّدى على ثغرِ الورد، وانعطافَ الأفانين على خدِّ الأرض، وانبعاثَ العودِ الأخضرِ من قلبِ الحجرْ، وتفتّقَ الأكمامِ عن أحلى الزّهَرْ، وترقرقَ الماءِ الفراتِ في النّهَرْ، وسلوكَ الأريجِ في السّهلِ المريج،وانتظامَ اللّونِ في أوراقِ وردة، وترانيمَ الأطيارِ في ساعاتِ الأسحار، وتغريدَ الهزارِ بين الأشجار، وتموّجَ الأوراق جرّاءَ النّسيم، وتعلّلَ الأرواحِ بالصّوتِ الرّخيمْ:

واللّيلَ كيف إذا أتى فكأنّهُ ما كان ضوءٌ أو صباحْ

والصّبحَ كيفَ إذا تهادى سافرَ اللّيلُ وَراحْ

وتكسّرَ الأنهارِ ما بين الشّعابْ، وترقرقَ الغدرانِ في شُعبِ الهضابْ، واحتمالَ الرّياحِ اللّواقحِ أسبابَ الحياة، واعتلاجَ القلوبِ بمحاسنِ الآثار، واختلاجَ الأرواح بروائعِ الأذكار:

(اِملأِ عينيكَ من زينةِ هذه الكواكبْ، وأَجِلْهما في جملةِ هذه العجائب، متفكّراً في قدرةِ مقدّرها، متدبّراً في حكمةِ مدبّرها، قبل أن يسافرَ بك القدر، ويُحالَ بينكَ وبين النّظر)[9]هنا إلى بلدٍ ميتٍ، فإذا ما هلّ القطرُ هشّتِ الأرضُ بمائساتِ الزّهَرْ، وطربتِ الأرضُ القفرُ بسائغاتِ النّهَرْ، واهتزّت وربَتْ وأنبتتْ من كلِّ زوجٍ بهيج، واستمعْ حينَها إلى نجاوى نفسكَ تجدْها هاتفةً:

وللهِ في كلِّ تحريكةٍ

وتسكينةٍ أبداً شاهدُ

وفي كلِّ شيءٍ له آيةٌ

تدلُّ على أنّهُ واحدُ

فواعجباً كيفُ يُعصى الإلهُ

أمْ كيفَ يجحدُهُ الجاحدُ[10]

تأمّلْ في الطّيرِ تنتقّلُ في مداراتِ الفضاءِ صافّاتٍ ويقبضن، هل لهنّ ممسكٌ إلا الله؟ ثمّ انظرْ إلى أسرابها في السّماء وكأنّها إنّما التقتْ على ميعاد، تغدو خماصاً وتروحُ بطاناً‍‍‍‍‍‍!!!!

أليسَ هذا مشيراً ببنانِ الإثبات إلى قيّومِ الأرض والسماوات؟

رازقِ الطّيرِ في السّماء، والحيتانِ في الماء، شديدِ القُوى، فالقِ الحَبِّ والنّوى، تأمّلْ في هذا وذاك، حينها ستهتفُ كلُّ خليةٍ من خلاياك:

((ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك))[11].

أجل، سبحان الله ألفَ مرّةٍ، أو بقدرِ ما يحبُّ ربُّنا ويرضى.

(سُبْحَانَ مَنْ جَعَلَ حَديقَةَ أرضِهِ مَشْهَرَ صَنْعَتِهِ، مَحْشَرَ فِطْرَتِهِ، مَظْهَرَ قُدْرَتِهِ، مَدَارَ حِكْمَتِهِ، مَزْهَرَ رَحْمَتِهِ، مَزْرَعَ جَنَّتِهِ، مَمَرَّ المَخْلُوقَاتِ، مَسِيلَ المَوجُودَاتِ، مَكَيْلَ المَصْنُوعَاتِ.

فَمُزَيَّنُ الحَيْواناتِ، مُنَقَّشُ الطيُّورات، مُثَمَّرُ الشَّجَرات، مُزَهَّرُ النَبَاتات؛ مُعْجِزَاتُ عِلمِهِ، خَوَارِقُ صُنْعِهِ، هَدايَا جُودِهِ، بَراهِينُ لُطْفِهِ.

تَبَسُّمُ الأزهَارِ مِنْ زِينَةِ الأثْمَارِ، تَسَجُّعُ الأطيَارِ في نَسْمَةِ الأسْحَارِ، تَهَزُّجُ الأمطارِ عَلى خُدُودِ الأزهَارِ، تَرَحُّمُ الوالِدَاتِ على الأَطفَالِ الصِّغَارِ، تَعَرُّفُ وَدُودٍ، تَوَدُّدِ رَحمن، تَرَحُّمُ حَنَّانٍ، تَحَنُّنُ مَنَّانٍ، لِلجِنِّ وَالإِنسَانِ، وَالرُّوحِ وَالحَيَوانِ وَالمَلَكِ وَالجانِّ. وَالبُذُورُ وَالأثْمَارُ، والحُبُوبُ وَالأزهَارُ، مُعجِزَاتُ الحِكمَةِ.. خَوَارِقُ الصَّنْعَةِ.. هَدَايا الرَّحْمَةِ.. بَرَاهينُ الوَحْدَةِ.. شَوَاهِدُ لُطْفِهِ في دارِ الآخِرَةِ.. شَوَاهِدُ صَادِقَةٌ بأنَّ خَلَّاقَهَا عَلى كُلِّ شيءٍ قَديرٌ وَبِكُلِّ شيءٍ عَلِيمٌ. قَدْ وَسِعَ كُلَّ شيءٍ بِالرَّحْمَةِ وَالعِلْمِ وَالخَلْقِ وَالتَّدْبيرِ والصُّنْعِ وَالتَّصْوِيرِ. فَالشَّمسُ كَالبَذرَةِ، وَالنَّجْمُ كَالزَّهْرَةِ، والأَرضُ كَالحَبَّةِ، لا تَثْقُلُ عَلَيْهِ بِالخَلْقِ وَالتَّدْبيرِ، وَالصُّنعِ والتَّصْويرِ. فَالبُذُورُ والأَثْمَارُ مَرَايا الوَحْدَة في أَقْطَارِ الكَثْرَةِ، إشَاراتُ هنا رُمُوزَاتُ القُدْرِةِ؛ بِأنَّ تِلكَ الكَثْرَةِ مِنْ مَنْبَعِ الوَحْدَةِ، تَصْدُرُ شَاهِدَةً لِوَحْدَةِ الفَاطِرِ في الصُّنْعِ والتَصْويرِ، ثُمَّ إلى الوَحْدَةِ تَنْتَهي ذَاكِرَةً لِحِكمَةِ الصَّانعِ في الخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ)[12].

قدرةُ مقدّر، وحكمةُ مدبّر، تقصرُ عن استقصائها الأحلام، وتحولُ قبلَ إدراكها العقولُ والأفهام.

نجومٌ وأفلاك، وأزهارٌ وأشواك، وملكوتٌ وأملاك، ونعمٌ تترى عن يمينك وشمالكَ وأسفلك وأعلاك، لا يطغى عنده شيءٌ على شيء، ولا يصرفُهُ شيءٌ عن شيءٍ، فالزّهرةُ كالمجرّة، وفي الأرضِ نجمٌ تطيبُ برؤيتهِ العيون، وفي السّماءِ نجمٌ وبه يهتدون، وفي الأرضِ أزهارٌ وفي السّماءِ أقمار، و((كل شيء عنده بمقدار))[13].

أحصى النّسيمَ إذْ خَطَر، والماءَ إذْ تحدّر، وعلم مُستودعاتِ الغيوب، ورعشاتِ القلوب، وصرّفَ الأمورَ خيرَ تصريف، كلُّ ذلك في كتابٍ لا يغادرُ صغيرةً ولا كبيرةً إلا أحصاها، ذلكم اللهُ، ملتجأُ كلِّ ضائع، وهدى كلّ حيران، ومنزلُ كلّ فقير، يعطي من سأله، ولا يردُّ من أمّله، ولا ينقصُ ذلك من ملكهِ إلا كما ينقصُ المخيطُ من ماءِ البحر إذا غُمسَ فيه.

انظُرْ إليهِ تجدْهُ حاضراً في كلّ شيءٍ: في تهادي النّسيمِ في الرّوضِ البسيم، وفي سوادِ اللّيلِ وبياضِ النّهار، وفي تغريدِ الأطيارِ وتمايلِ الأزهار، وفي حركات النّجومِ وأسرار العلوم، وفي ترقرقِ الغدير بالماء النّمير، وفي تراقصِ الصّفصافِ على جوانبِ الضِّفاف، و((وفي أنفسكم أفلا تبصرون))[14]، فللسّمعِ ميزانٌ وللبصرِ ميزان، لا يحيطُ بكنههِ العلماءُ، ولا يصفُهُ الواصفون، ((لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار))[15] فسبحانه وتعالى عمّا يصفون. (لا يعزبُ عن علمهِ مثقالُ ذرّةٍ في الأرضِ ولا في السّماء، بل يعلمُ دبيبَ النّملةِ السّوداء، على الصّخرةِ الصّمّاء، في اللّيلةِ الظّلماء، ويدركُ حركةَ الذَرِّ في جوِّ الهواء، ويعلمُ السّرَّ وأخفى، ويطّلعُ على هواجسِ الضّمائر، وحركاتِ الخواطرِ، وخفيّاتِ السّرائر، لا يخرجُ عن مشيئتهِ لفتةُ ناظر، ولا فلتةُ خاطر، ولا يعزبُ عن سمعهِ مسموعٌ وإنْ خَفي، ولا يغيبُ عن رؤيتهِ مرئيٌّ وإنْ دقّ)[16].

               

[1] عمر بهاء الدين الأميري رحمه الله.

[2] محمد إقبال رحمه الله.

[3] من ديوان: سمّيتُكَ الشّعرّ الحنيف، للمؤلّف.

[4] محمد إقبال رحمه الله.

[5] عمر بهاء الدّين الأميري رحمه الله.

[6] فصّلت: الآية /37/.

[7] ابن عطاء السّكندري رضي الله عنه.

[8] لم أقع على اسم صاحب هذا الكلام فمعذرةً من روحه الكريم.

[9] من كتاب: (أطواق الذّهب في المواعظ والخطب) لأبي القاسم الزّمخشريّ رضي الله عنه.

[10] لأبي العتاهية رحمه الله.

[11] آل عمران: الآية /191/.

[12] من المثنوي العربي النوري: لبديع الزّمان سعيد النورسي رحمه الله.

[13] الرّعد: الآية /8/.

[14] الذّاريات: الآية /21/.

[15] الأنعام: الآية /103/.

[16] من كتاب: (الأربعين في أصول الدّين) للإمام أبي حامدٍ الغزاليّ رضي الله عنه.