بعضهم أولياء بعض
لبنى شرف / الأردن
يا أخي في الهند أو في لا تسل عن عنصري عن نسبي إخـوة نـحـن بـه مؤتلفون | المغربأنـا منك ، أنت مني، أنت غـنـه الإسـلام أمي وأبي مـسـلـمون مسلمون مسلمون | بي
إن المؤمنين قلوبهم متحدة في التواد والتحاب والتعاطف ، بسبب ما جمعهم من أمر الدين وضمهم من الإيمان بالله ، قال تعالى في سورة التوبة (71) :" والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويطيعون الله ورسله أولئك سيرحمهم الله إن الله عزيز حكيم " .
يقول الأستاذ سيد قطب –يرحمه الله- :" إن طبيعة المؤمن هي طبيعة الأمة المؤمنة ، طبيعة الوحدة وطبيعة التكافل ، وطبيعة التضامن ، ولكنه التضامن في تحقيق الخير ودفع الشر " يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ".. ، وتحقيق الخير ودفع الشر يحتاج إلى الولاية والتضامن والتعاون ، ومن هنا تقف الأمة المؤمنة صفا واحدا ، لا تدخل بينها عوامل الفرقة ، وحيثما وجدت الفرقة في الجماعة المؤمنة فثمة ولابد عنصر غريب عن طبيعتها وعن عقيدتها هو الذي يدخل بالفرقة ، ثمة غرض أو مرض يمنع السمة الأولى ويدفعها ، السمة التي يقررها العليم الخبير !."
ويبرز الولاء بين جماعة المؤمنين ، ويبرز التضامن في ما بينهم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، من خلال التواصي بالحق وبالصبر ، فالمهمة عسيرة ، والأمانة كبيرة ، وقد كان الرجلان من أصحاب النبي – عليه الصلاة والسلام – إذا التقيا لم يفترقا حتى يقرأ أحدهما على الآخر :" والعصر إن الإنسان لفي خسر " ، ثم يسلم أحدهما على الآخر .لقد كانا يتعاهدان على الإيمان والصلاح ، وعلى التواصي بالحق وبالصبر ، ويتعاهدان على أنهما حارسان لهذا الدستور ، وعلى أنهما من هذه الأمة القائمة على هذا الدستور .
يقول سيد قطب :" والتواصي بالحق ضرورة ، فالنهوض بالحق عسير ، والمعوقات عن الحق كثيرة : هوى النفس ، ومنطق المصلحة ، وتصورات البيئة ، وطغيان الطغاة ، وظلم الظلمة ..، والتواصي تذكير وتشجيع وإشعار بالقربى في الهدف والغاية ، والأخوة في العبء واللأمانة ، فهو مضاعفة لمجموع الاتجاهات الفردية ، إذ تتفاعل معا فتتضاعف ، تتضاعف بإحساس كل حارس للحق أن معه غيره يوصيه ويشجعه ويقف معه ويحبه ولا يخذله ..، وهذا الدين – وهو الحق – لا يقوم إلا في حراسة جماعة متعاونة متواصية متكافلة متضامنة على هذا المثال .
والتواصي بالصبر كذلك ضرورة ، فالقيام على الإيمان والعمل الصالح ، وحراسة الحق والعدل ، من أعسر ما يواجه الفرد والجماعة ، ولابد من الصبر ، لابد من الصبر على جهاد النفس ، وجهاد الغير ، والصبر على الأذى والمشقة ، والصبر على تبجح الباطل ، والصبر على طول الطريق وبطء المراحل ، وانطماس المعالم ، وبعد النهاية .
والتواصي بالصبر يضاعف المقدرة ، بما يبعثه من إحساس بوحدة الهدف ، ووحدة المتجه، وتساند الجميع ، وتزودهم بالحب والعزم والإصرار ... إلى آخر ما يثيره من معاني الجماعة التي لا تعيش حقيقة الإسلام إلا في جوها ، ولا تبرز إلا من خلالها ... وإلا فهو الخسران والضياع ."
أيها المسلمون ، لن يتحقق الولاء في الجماعة المؤمنة إلا إن تحقق في الأسر المسلمة ، فلا تمزق ، ولا خصومات ، ولا قطيعة رحم ، بل تعاون فيما بين أفرادها في سد حاجة فقيرهم ، وتزويج أيمهم ، ونصرة ضعيفهم ، وإصلاح ذات بينهم .
ولن يتحقق الولاء إلا إن تحقق بين الجار وجاره ، يقول عليه الصلاة والسلام :" كم من جار متعلق بجاره يقول : يا رب! سل هذا لم أغلق عني بابه ، ومنعني فضله ؟" ، ويقول :" ليس بمؤمن من لا يأمن جاره غوائله " ، ويقول :" خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه ، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره " .
ولن يتحقق الولاء إلا إن كان المؤمنون إخوة متحابين متعاونين مؤتلفين ، يعين بعضهم بعضا ، وينصر بعضهم بعضا ، يسأل الأخ عن أحوال أخيه ، ويتفقد الغني أخاه الفقير ،فرحمة الله في صلاح الجماعة وتعاونها وتضامنها ، فالجماعة رحمة والفرقة عذاب ، كما قال عليه الصلاة والسلام ، وقال أيضا :" مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد ، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى " .
أيها المسلمون ، لابد أن تكون أمة الإسلام أمة خيرة قوية واعية ، قائمة على حراسة الحق والخير ، متواصية بالحق والصبر في مودة وتعاون وتآخ ، وإلا فإنه الضياع والخسران .
اللهم ألف بين قلوبنا ، وأصلح ذات بيننا ، واهدنا سبل السلام .