لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
(1)
رضوان سلمان حمدان
* بيان لحكمة الصيام وما لأجله شرع؛ فالتقوى الشرعية هي اتقاء المعاصي، وإنما كان الصيام موجباً لاتقاء المعاصي، لأن المعاصي قسمان، قسم ينجع في تركه التفكر كالخمر والميسر والسرقة والغصْب فتركُه يحصل بالوعد على تركه والوعيد على فعله والموعظة بأحوال الغير، وقسم ينشأ من دواع طبيعية كالأمور الناشئة عن الغضب وعن الشهوة الطبيعية التي قد يصعب تركها بمجرد التفكر، فجعل الصيام وسيلة لاتقائها. وهكذا تبرز الغاية الكبيرة من الصوم . . إنها التقوى . . فالتقوى هي التي تستيقظ في القلوب وهي تؤدي هذه الفريضة، طاعة لله، وإيثاراً لرضاه. والتقوى هي التي تحرس هذه القلوب من إفساد الصوم بالمعصية، ولو تلك التي تهجس في البال، والمخاطبون بهذا القرآن يعلمون مقام التقوى عند الله، ووزنها في ميزانه. فهي غاية تتطلع إليها أرواحهم. وهذا الصوم أداة من أدواتها ، وطريق موصل إليها. ومن ثم يرفعها السياق أمام عيونهم هدفاً وضيئاً يتجهون إليه عن طريق الصيام . . {لعلكم تتقون} . . فكونوا على رجاء التقوى بأن تصيروا في ستر ووقاية من عذاب الله، وحكم الله من ورائكم يفعل ما يشاء.
معنى التقوى
كلمة التقوى مأخوذة من مادة (وقي) من أصل كلمة الوقاية ووقي تعني أنه جعل بينة وبين الشي الأخر حاجزاً يحميه ويقيه. وذُكرت التقوى في 258 آية في القرآن مما يدلل على أهميتها وأنها منبع الأيمان ودليل إيمان الإنسان .
فعندما يقال لك اتق الله فإن ذلك يعني أن تجعل بينك وبين غضب الله حاجزاً واقياً وبذلك نفهم قول النبي صلى الله عليه وسلم" اتقوا النار ولو بشق بتمرة" معناها حاول بكل ما لديك من قوة طاعة الله وتجنب عذابه .
روى الترمذي برقم (2451) وابن ماجه برقم (4215)، عن عطية السعدي، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبلغ العبد أن يكون من المتَّقين حتى يدع ما لا بأس به حذرًا مما به بأس". ثم قال الترمذي: حسن غريب.
وقد قيل: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، سأل أبيّ بن كعب عن التقوى، فقال له: أما سلكت طريقًا ذا شوك؟ قال: بلى قال: فما عملت؟ قال: شمرت واجتهدت، قال: فذلك التقوى.
وقد أخذ هذا المعنى ابن المعتز فقال:
خـل الذنوب صغيرها وكبيـرهـا ذاك التقـى
واصنع كماش فوق أر ض الشوك يحذر ما يرى
لا تحقـرن صغيـرة إن الجبال مـن الحصـى
وأنشد أبو الدرداء يومًا:
يريد المرء أن يؤتى مناه ويأبـى الله إلا مـا أرادا
يقول المرء فائدتي ومالي وتقوى الله أفضل ما استفادا
وفي سنن ابن ماجه برقم (1857) عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما استفاد المرء بعد تقوى الله خيرًا من زوجة صالحة، إن نظر إليها سرته، وإن أمرها أطاعته، وإن أقسم عليها أبرته، وإن غاب عنها حفظته في نفسها وماله".
قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "التقوى هي الخوف من الجليل، والعمل بالتنزيل، والقناعة بالقليل، والاستعداد ليوم الرحيل .
يقول سيد قطب في الظلال: "التقوى حساسية القلب وشعوره بالخوف من الله وتحرجه من غضبه وتطلبه لرضاه. إنه بغير هذا الرباط (التقوى) لا تقوم شريعة ولا يفلح قانون ولا يتحرج متحرج ولا تكفي التنظيمات الخاوية من الروح والحساسية والخوف والطمع في قوة أكبر من قوة الإنسان.
ثمرات التقوى:
لما في الصيام من مراقبة الله تعالى فقد أعد للمتقين جزاء في الدنيا وفي الآخرة.
* ففي الدنيا:
1- إن التقوى: سبب لتيسير أمور الإنسان، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا}الطلاق4، وقال تعالى: {فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى (5) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى (6) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى}الليل.
2- إن التقوى: سبب لحماية الإنسان من ضرر الشيطان، قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَواْ إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُواْ فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ}الأعراف:201.
3- إن التقوى: سبب لتفتيح البركات من السماء والأرض، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ}الأعراف:96.
4-إن التقوى: سببٌ في توفيق العبد في الفصل بين الحق والباطل، ومعرفة كل منهما قال تعالى: {يِا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إَن تَتَّقُواْ اللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً...}الأنفال:29، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ}الحديد:28.
5- إن التقوى: سبب للخروج من المأزق، وحصول الرزق، والسعة للمتقي من حيث لا يحتسب، قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ}الطلاق: 2.
6- إن التقوى: سبب لنيل الولاية فأولياء الله هم المتقون كما قال تعالى: {إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ}[الأنفال:34]، وقال تعالى: {وإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ}الجاثية:19.
7- إن التقوى: سبب لعدم الخوف من ضرر وكيد الكافرين، قال تعالى: {وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا}آل عمران:120.
8- إنها سبب لنزول المدد من السماء عند الشدائد، ولقاء الأعداء، قال تعالى: {وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُواْ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ إِذْ تَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَلَن يَكْفِيكُمْ أَن يُمِدَّكُمْ رَبُّكُم بِثَلاَثَةِ آلاَفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُنزَلِينَ (124) بَلَى إِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ وَيَأْتُوكُم مِّن فَوْرِهِمْ هَذَا يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُم بِخَمْسَةِ آلافٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُسَوِّمِينَ}آل عمران:123-125.
وبنزول المدد تكون البشرى، وتطمئن القلوب، ويحصل النصر من العزيز الحكيم، قال تعالى بعد ذلك: {وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ إِلاَّ بُشْرَى لَكُمْ وَلِتَطْمَئِنَّ قُلُوبُكُم بِهِ وَمَا النَّصْرُ إِلاَّ مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ}آل عمران:126.
9- إن التقوى: سبب لعدم العدوان وإيذاء عباد الله، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}المائدة:2، وقال تعالى في قصة مريم: {فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا (17) قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا}مريم:18،17.
10- إن التقوى: سبب لتعظيم شعائر الله، قال تعالى: {وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوبِ}الحج:32.
11- إنها سبب: لصلاح الأعمال وقبولها، ومغفرة الذنوب، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيدًا (70) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} الأحزاب:71،70.
12- إن التقوى: سبب لغض الصوت عند رسول الله ، وسواء كان ذلك في حياته، أو بعد وفاته في قبره قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى} الحجرات:2.
13- إن التقوى: سبب لنيل محبة الله عز وجل وهذه المحبة تكون في الدنيا كما تكون في الآخرة، أخرج البخاري (6502) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ في الحديث القدسي عن الله عز وجل: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ" قال تعالى: {بَلَى مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ وَاتَّقَى فَإِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ} آل عمران:76.
14- إن التقوى: سبب لنيل العلم وتحصيله قال تعالى: {وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ} البقرة:182.
15- إن التقوى: سبب قوي تمنع صاحبها من الزيغ، والضلال بعد أن مَنّ الله عليه بالهداية، قال تعالى: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ}الأنعام:153.
16- إن التقوى: سبب لنيل رحمة الله، وهذه الرحمة تكون في الدنيا كما تكون في الآخرة، قال تعالى: {وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُم بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ}الأعراف:156.
17- إنها: سببٌ لنيل معية الله الخاصة، فمعية الله لعباده تنقسم إلى قسمين:
معيّة عامة: وهي شاملة لجميع العباد بسمعه، وبصره، وعلمه، فالله سبحانه سميع، وبصير، وعليم بأحوال عباده، قال تعالى: {وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ}الحديد:4.
وقال تعالى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَى ثَلاثَةٍ إِلاَّ هُوَ رَابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلاَّ هُوَ سَادِسُهُمْ وَلا أَدْنَى مِن ذَلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلاَّ هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا} المجادلة:7.
وأما المعية الثانية: فهي المعيّة الخاصة: التي تشمل النصرة، والتأييد، والمعونة، كما قال تعالى: {لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا}التوبة:40 . وقال تعالى: {لا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى}طه:46. ولا شك أن معيّة الله الخاصة تكون للمتقين من عباده، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ}النحل:6. وقال تعالى: {وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ}البقرة:194.
18- إن العاقبة تكون لهم، قال تعالى: وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى طه:46، وقال تعالى: {وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ}ص:49، وقال تعالى: {إِنَّ الْعَاقِبَةَ لِلْمُتَّقِينَ}هود:49.
19- إنها: سببٌ لحصول البشرى في الحياة الدنيا، سواء بالرؤيا الصالحة، أو بمحبة الناس له والثناء عليه، قال تعالى: {الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ 63 لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}يونس.
روى الإمام أحمد بن حنبل عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى {لَهُمْ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ} فَقَالَ: "هِيَ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الْمُسْلِمُ أَوْ تُرَى لَهُ"
20- إن التقوى: إذا أخذت النساء بأسبابها والتي من ضمنها عدم الخضوع في القول فإنها تكون سبباً في ألا يطمع فيهن الذين في قلوبهم مرض، قال تعالى: {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا}الأحزاب:32.
21- إن التقوى: سببٌ لعدم الجور في الوصية، قال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}البقرة:180.
22- إن التقوى: سببٌ في إعطاء المطلقة متعتها الواجبة لها، قال تعالى: {وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ}البقرة:241.
23- إن التقوى: سببٌ في عدم ضياع الأجر في الدنيا والآخرة، قال تعالى بعد أن منّ على يوسف عليه السلام بجمع شمله مع إخوته: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ}يوسف:90.
24- إن التقوى: سببٌ لحصول الهداية. قال تعالى: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ}البقرة:2.
* ثمار التقوى في الآخرة:
1- إن التقوى: سببٌ للإكرام عند الله عز وجل، قال تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ}الحجرات:11.
2- إن التقوى: سببٌ للفوز والفلاح، قال تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَخْشَ اللَّهَ وَيَتَّقْهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ}النور:52.
3- إنها: سببٌ للنجاة يوم القيامة من عذاب الله، قال تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا (71) ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}مريم:72،71. وقال تعالى: {وَسَيُجَنَّبُهَا الأَتْقَى}الليل:17.
4- إنها: سببٌ لقبول الأعمال، قال تعالى: {إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ} المائدة:27.
5- إن التقوى سببٌ قويٌ لأن يرثوا الجنة، قال تعالى: {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيًّا} مريم:63.
6- إن المتقين لهم في الجنة غُرفٌ مبنيةٌ من فوقها غُرف، قال تعالى: {لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِّن فَوْقِهَا غُرَفٌ مَّبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ} الزمر:20.
وفي الحديث: "إن في الجنة لغرفاً يرى بطونها من ظهورها، وظهورها من بطونها" فقال أعرابي: لمن هذا يا رسول الله؟ قال : "لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وصلّى بالليل والناس نيام".
7- إنهم بسبب تقواهم يكونون فوق الذين كفروا يوم القيامة في محشرهم، ومنشرهم، ومسيرهم، ومأواهم، فاستقروا في الدرجات في أعلى عليين، قال تعالى: {زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ اتَّقَواْ فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ}البقرة:212.
8- إنها: سببٌ في دخولهم الجنة، وذلك لأن الجنة أُعدت لهم، قال تعالى: {وَسَارِعُواْ إِلَى مَغْفِرَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ}آل عمران:133. وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلأدْخَلْنَاهُمْ جَنَّاتِ النَّعِيمِ}المائدة:65.
9- إن التقوى: سببٌ لتكفير السيئات، والعفو عن الزلات قال تعالى: {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا}الطلاق:5، وقال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْكِتَابِ آمَنُواْ وَاتَّقَوْاْ لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ}المائدة:65.
10 - إن التقوى: سبب لنيل ما تشتهيه الأنفس، وتلذ الأعين، قال تعالى: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَآؤُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ}النحل:31.
11- إن التقوى: سبب لعدم الخوف والحزن وعدم المساس بالسوء يوم القيامة، قال تعالى: {وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ}الزمر:61 وقال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ}يونس.
12- إنهم يحشرون يوم القيامة وفداً إليه تعالى، والوفد: هم القادمون ركباناً، وهو خير موفود، قال تعالى: {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا}مريم:85.
قال ابن كثير: عن النعمان بن سعيد قال: "كنا جلوساً عند علي فقرأ هذه الآية: يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا.. قال: "لا والله ما على أرجلهم يحشرون، ولا يحشر الوفد على أرجلهم، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحائل من ذهب، فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة".
13- إن الجنة: تقرب لهم، قال تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ} الشعراء:90، وقال تعالى: {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ}ق:21.
14- إن تقواهم: سبب في عدم مساواتهم بالفجار والكفار، قال تعالى: {أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ}ص:28.
15- إن كل صحبة وصداقة لغير الله فإنها تنقلب يوم القيامة إلى عداوة إلا صحبة المتقين، قال تعالى: {الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ}الزخرف:67.
16- إن لهم مقاماً أميناً وجناتٍ وعيوناً.. إلخ - كما قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي مَقَامٍ أَمِينٍ*فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ*يَلْبَسُونَ مِن سُندُسٍ وَإِسْتَبْرَقٍ مُّتَقَابِلِينَ*كَذَلِكَ وَزَوَّجْنَاهُم بِحُورٍ عِينٍ*يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ*لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ}الدخان:51-56.
17- إنه لهم مقعد صدق عند مليك مقتدر، قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ*فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِندَ مَلِيكٍ مُّقْتَدِرٍ}القمر:55،54.
18- إن التقوى: سبب في ورود الأنهار المختلفة، فهذا نهر من ماء غير آسن، وذلك نهر من لبن لم يتغير طعمه، وآخر من خمر لذة ااشاربين، قال تعالى: {مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ فِيهَا أَنْهَارٌ مِّن مَّاء غَيْرِ آسِنٍ وَأَنْهَارٌ مِن لَّبَنٍ لَّمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ وَأَنْهَارٌ مِّنْ خَمْرٍ لَّذَّةٍ لِّلشَّارِبِينَ وَأَنْهَارٌ مِّنْ عَسَلٍ مُّصَفًّى وَلَهُمْ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَمَغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ}محمد:15.
وفي حديث البخاري (2790): عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَصَامَ رَمَضَانَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ جَلَسَ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا" فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ: أَفَلَا نُبَشِّرُ النَّاسَ؟ قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ" قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ فُلَيْحٍ عَنْ أَبِيهِ "وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ".
19- إن التقوى: سبب المسير تحت أشجار الجنة، والتنعم بظلالها، قال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلالٍ وَعُيُونٍ*وَفَوَاكِهَ مِمَّا يَشْتَهُونَ*كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ}المرسلات:41-43، فعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله: روى البخاري 3251 عن أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "إِنَّ فِي الْجَنَّةِ لَشَجَرَةً يَسِيرُ الرَّاكِبُ فِي ظِلِّهَا مِائَةَ عَامٍ لَا يَقْطَعُهَا".
20- إن لهم البشرى في الآخرة بألا يحزنهم الفزع لأكبر، وتلقي الملائكة لهم، قال تعالى: {أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ*الَّذِينَ آمَنُواْ وَكَانُواْ يَتَّقُونَ*لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَياةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ}يونس:62-64.
قال ابن كثير: "وأما بشراهم في الآخرة فكما قال تعالى: {لا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ}الأنبياء:103."
21- إن المتقين: لهم نعم الدار، قال تعالى: {وَلَدَارُ الآخِرَةِ خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ}النحل:30.
22- إن المتقين: تضاعف أجورهم وحسناتهم، كما قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ وَيَغْفِرْ لَكُمْ}الحديد:28 . كفلين: أي أجرين.
علة ربط التقوى بالصيام
فيه بيان عدم حاجته تعالى إلى عبادات الناس، ولكنّها لصلاح أنفسهم ، كما قال { إن تكفروا فإنّ الله غنيّ عنكم ولا يرضى لعباده الكفر } [ الزمر : 7 ] .
والصوم وصلة إلى التقوى لما فيه من قهر النفس وكسر الشهوات.
ولأن في الصيام امتثالاً لأمر الله واحتسابًا للأجر عنده فتتربى بذلك العزيمة والإرادة على ضبط النفس وترك الشهوات المحرمة والصبر عنها؛ ولأن الصيام من أكبر أسباب التقوى وحقيقة التقوى اتخاذ ما يقي سخط الله وعذابه بامتثال أوامره واجتناب نواهيه وإعداد الصوم لتقوى الله يظهر من وجوه كثيرة:
منها: أنه يعود الإنسان الخشية من ربه في السر والعلن، إذ أن الصائم لا رقيب عليه إلا ربه، فإذا ترك الشهوات التي تعرض له من أكل نفيس، وشراب عذب، وفاكهة يانعة، وزوجة جميلة امتثالاً لأمر ربه شهرًا كاملاً، ولولا ذاك لما صبر عنها وهو في أشد الشوق إليها، فحري بمن يتكرر منه ذلك أن يتعود الحياء من ربه والمراقبة له في أمره ونهيه، وفي ذلك تكميل له وضبط للنفس عن شهواتها وشدة مراقبتها لبارئها فمما اشتمل عليه الصيام في التقوى: أن الصائم يترك ما حرم الله عليه من الأكل والشرب والجماع ونحوها التي تميل إليها نفسه متقربًا بذلك إلى الله راجيًا بتركها ثوابه.
ومنها: أن الصيام يضيق مجاري الشيطان، فإنه يجري من ابن آدم مجرى الدم؛ ولهذا ثبت في «الصحيحين»: «يا معشر الشباب، من استطاع منكم الباءة فليتزوج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء».
ومنها: أن الغني إذا ذاق الجوع فربما أوجب له ذلك مواساة الفقراء، وهذه من خصال التقوى.
ومنها: أن من اعتاد الحياء من ربه والمراقبة له في أمره ونهيه في السر والعلن لا يقدم غالبًا على غش الناس ومخادعتهم ولا على أكل أموالهم بالباطل ولا على اقتراف المنكرات واجتراح السيئات، وإذا ألم بشيء منها يكون سريع التذكر قريب الرجوع بالتوبة النصوح، كما قال تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُونَ} ولما للصوم من جليل الأثر في تهذيب النفس، جاء في الحديث: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، وجاء في الحديث القدسي: «كل عمل ابن آدم له إلا الصوم، فإنه لي وأنا أجزي به».
هداية الآيات
1- فرضية الصيام وهو شهر رمضان.
2- الصيام يربي ملكة التقوى في المؤمن.
3- الصيام يكفر الذنوب لحديث: "من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه" .
4- رخصة الإفطار للمريض والمسافر.
5- التخفيف عن المرأة الحامل أو المرضع يجوز لهما الإفطار مع القضاء، وكذا الشيخ الكبير فإنه يفطر ولا يقضي، والمريض مرضاً لا يرجى برؤه كذلك. إلا أن عليهما أن يطعما عن كل يوم مسكيناً بإعطائه حفنتي طعام كما أن المرأة الحامل والمرضع إذا خافت على حملها أو طفلها أو على نفسها أن عليها أن تطعم مع كل صوم تصومه قضاء مسكيناً.
6- في الصيام فوائد دينية واجتماعية عظيمة أشير إليها بلفظ: {إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
من هذه الفوائد:
أ- يعود الصائم الخشية من الله تعالى في السر والعلن.
ب- كسر حدة الشهوة، ولذا أرشد العازب3 إلى الصوم.
ج- يربي الشفقة والرحمة في النفس.
د- فيه المساواة بين الأغنياء والفقراء والأشراف والأوضاع.
ه- تعويد الأمة النظام والوحدة والوئام.
و- يذهب المواد المترسبة في البدن، وبذلك تتحسن صحة الصائم.
7- يسر الشريعة الإسلامية وخلوها من العسر والحرج.
8- إن سوء أخلاقنا هو الذي جلب علينا الويلات والمآسي والظلم على المستوى الشخصي ومستوى المجتمع كله يرجع بالدرجة الأساس إلى فقدان تقوى الله سبحانه، وعدم الخوف منه ومن بطشه ومكره الذي يتجاهله الأغبياء الذين لا يقيمون وزناً لتقوى الله ولا للخوف منه رغم أن الشواهد على غضب الله على الناس لفقدانهم التقوى وعدم مصداقيتهم فيها هي شاخصة للعيان من مآسي الحروب والكوارث الطبيعية المزلزلة والمدمرة. قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً}الإسراء16. وذلك لفقدانهم لتقوى الله والخوف منه وانغماسهم في الفساد بكافة أشكاله.
9- إن تقوى الله سبحانه هي الطريق للنهوض بالأمة الإسلامية في كافة مجالات الحياة وكذلك هي الطريق لتخليص المجتمع الإسلامي من كافة آفاته وسلبياته الاجتماعية والنفسية والأخلاقية والتربوية وحتى الاقتصادية والسياسية.
..................................
مراجع البحث:
(1) جامع لطائف التفسير، وآيات التقوى في القرآن الكريم، والأنوار الساطعات، والتحرير والتنوير، ومعالم التنزيل، وأيسر التفاسير لكلام العلي الكبير، وفي ظلال القرآن، ومختصر تفسير البغوي. وتفسير القرآن العظيم.