الحج منظومة قيم وشُحنة العمر
نبيل جلهوم
الحج من أفضل الطاعات عند ربّ العالمين ، وهل هناك شرف أفضل من شرف طاعة رب اللعالمين ؟
الحج أجلّ الأعمال الصالحة لمحو ذنوب المذنبين
وهل يسلم منا أحد من الذنوب ؟
الحج ركن فى الإسلام عظيم بل هو شِرعة شرّعها الله لأهل الإسلام من لدن ابنينا ابراهيم
حتى قدوتنا وتاج رؤوسنا سيدنا محمد صل الله عليه وسلم .
الحج اختص الله فيه بيته الحرام فيه لأمة النبى محمد خيرالأمم لتتوارثه وتنال شرف النظر اليه ولمسه والطواف به فهو لها وحدها لا لغيرها من الأمم الغير مسلمة .
فكما أن القرآن لايمسه إلا المطهرون فكذا بيت الله الحرام لايقربه الا المسلمون .
الحج قصد والحج توجّه والحج منظومة كبيرة فى دين كبير وعظيم دين الاسلام .
الحج جنة فى الدنيا وجنة فى الآخرة ,
عن عائشة رضي الله عنها قالت: قلت: يا رسول الله: نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد؟ قال: «لكنّ أفضل من الجهاد حج مبرور» رواه البخاري ..
و الحاج حين يحج ولم يرفث ولم يفسق فهو بذلك يكون قد تطهَّر من ذنوبه وآثامه فيرجع كيوم ولدته أمه، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «مَن حجَّ فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه» رواه البخاري ومسلم .
واذا كان الحج هكذا وبتلك المكانة والمنزلة وبذاك الفضل والخير من الله فى الدنيا والآخرة فحرىُّ بنا أن نهدى أخانا الحاج بعضا من همسات قيمية ومحاور ربانية تربوية ليحرص عليها فى حجه حتى يكتمل له باذن الله الفضل والخير كله .
ولن نتحدث عن فقه أو شعائر الحج وإنما سنتاول بعضا من القيم والسلوكيات والخواطر لينتفع بها الحاج إن شاء الله لتكون له روحاً يتحرك بها وينشرح بها صدره وتتفتح بها آفاقه وترتفع بها أخلاقه و يجعل منها طريقا إن شاء الله نحو قبول الحج والفوز بميلاد جديد كما ولدته أمه .
حبيبى الحاج
1. تذكر دائما أن حجك هذا هو باب مفتوح لك لدخول الجنة , فدندن بحجك هذا نحو جنة ونهر ومقعد صدق عند مليك مقتدر .. فهو فرصة فى العمر لا تعوض.
2. تعامل مع خيمتك على كونها بيتك الخاص , أنشر فيها المحبَّة والسلام ، والشورى والتفاهُم ، وأطايب الكلام .
3. كن فى خيمتك كما هو حالك فى بيتك , لاتقسو على اخوانك الحجاج ولاتكن فظّا غليظ القلب فينفض الناس من حولك وكن حنونًا رؤوفا رحيمًا .
4. انتبه أن تقع فى ظلم أحد أثناء حجك وإحذر الشتم والسب واللعن وكن منضبطا فى لسانك منضبطا فى عينك فلا ترسلها للنظرة الحرام فى بلد الله الله فى حج الفريضة .
5. أنشر فى خيمتك الأمن والأمان والراحة ولاتكن مصدر إزعاج وقلق .
6. علّم حجاج خيمتك معانى الخير والصلاح ، وحبِّبب إليهم الإيمان ، وكَرِّه إليهم الفُسُوق والعِصيان .
7. كن فى خيمتك نِعْمَ الحاج الرباني تقود الحجاج نحو طريق الخير ، والقرآن وجنات النعيم .
8. لاتكن مزعجا للحجاج سواء فى أثناء أداء الشعائر أو حال تواجدك فى الخيمة ، فلا يسمعون منك إلا الصيحات والإنفعالات ، والغضبات الصارخات , وإن لَم تَستطع أن تكون سببًا في إسعادهم ، فاحْذَر أن تكون سببًا في إشقائهم وإتْعابهم .
9. أَشْعِر من حولك أنَّك تحبُّهم ، وتَحرص عليهم ، وتسعي لراحتهم .
10. قدِّم لهم من طعامك من وقتٍ لآخر، حتى وإن كانوا لا يحتاجون ، وتفقَّد مريضهم ، وإسأل عن أطفالهم
11. ساعد ذوى الحاجات الخاصة… ففى ذلك زكاة عن صحتك .
12. لاتتأخر فى مساعدة من يحتاج المساعدة وتذكّر أن أحب الناس الى الله أنفعهم .
13. إذا اشْتَركت مع الحجاج في مدخل واحدٍ ، فأفْسِح لهم الطريق ، ولا تُضيِّق عليهم .
14. إذا مررت بالنساء فاحفظ بصرك إلا من المحارم .
15. تحبّب إلى رجال وشباب الخيمة , قدّم لهم الهدية من الأذكار والكتيبات وغيرها , وجامِلهم إذا علمت أن أحدهم لديه مناسبة سعيدة , وواسهم إذا علمتِ أن أحدهم مكلوماً أو حزيناً أو لديه أزمة يمرّ بها . وكذلك الحال للنساء أن يفعلن ذلك للنساء .
16. إذا كنت متميزا عنهم في درجة علمية ، فلا تتكبَّر ولا تتشدَّق ، وكن لهم ومعهم وبينهم متواضعًا ألوفا, فلا خير فيمن لايألف ولايؤلف .
17. إحذر أن توقع عداوة وبغضاء فى محيط الخيمة بين الناس , فالمكان للعبادة والموسم للعبادة , فالحج ركن ركين من أركان دينك .
18. أسرع فى الوساطة بين مَن يختلفون ويَتناحرون - إذا وجدت ذلك .
19. كن لين الجانب ، وكن لهم نورًا يهتدون به نحو كلِّ خيرٍ .
20. ذكّرهم بالصلاة وأعمال الآخرة ، وذكِّرهم بالله بحُسنى ورِفق، تأسِرْ قلوبهم .
21. ألْقِ السلام عليهم ، ورُدَّه - إن أُلقِيَ عليكِ - بمثله أو أحسن.
22. لاتكن فى الخيمة نمّاما ، فتُشعل الحرائق فى القلوب ، وتَزيد الفوارق والخلاف .
23. لا تُضايق غيرك وإرحم ذَوِي الإحتياجات الخاصة وكبار السن .
24. لا تَقذف بالقاذورات يمنة ويسرة وكن نظيفا وضع ذلك فى مكانِه , فالإسلام دين النظافة .
25. لاتتخطّ الصفوف عند الصلاة داخل خيمتك ، فتؤذِي المصلين بتخبُّطك بهم .
26. لاتمرّ من أمام المصلِّين ؛ حتى لا تقطع عليهم روحانيَّتهم مع ربِّهم .
27. لا ترفع صوتك أثناء الحج وفى الخيمة أكثر مما يحتاج إليه السامع فإن فى ذلك رعونة وايذاء .
28. احرص على الرجوع كيوم ولدتك أمك, متطهرا من كل ذنب فهى فرصتك
29. إحرص فى الحج أن تحجز بيتا لك بالجنة , وكن دائم الحذر من الأعداء الألداء الهوى المتبع والإعجاب بالنفس والشح المطاع فهن المهلكات المضيّعات حسبنا الله اللطيف منها الرحمن .
30. لاتنسى الدعاء للمسلمين فى كل مكان بأن يفرج كرب المكروبين ويزيل الهم عن المهمومين ويفك أسر المأسورين و ينتقم من الظالمين و يرحم ضعف المستضعفين ويحفظ الإسلام والمسلمين.
وأن يولى عليهم من عباده الصالحين .
31. لو قلنا أن إنسانا يشتاق للجنة ويتمناها ويرجوها سكنا له ومقرّا فإن ذلك أمر مألوف طبيعى فطرى لاشيء فيه , كذلك فإن الجنة أيها الحاج تشتاق إليكِ بل إلى كل مؤمنٍ صالحٍ عابدٍ عاملٍ لدينه ناصرا لرسوله محبا للصالحين .
إن الجنة تشتاق ؟
نعم تشتاق ..
تشتاق للعابدين .
لمن سمت أرواحهم وصفت نفوسهم .
الذاكرين كثيرا لله .
الذين عملوا وبذلوا لرفعة دينهم والإنتصار لرسولهم .
الذين إذا ذٌكر الله وجلت قلوبهم .
الصابرين فى البأساء والضراء .
الكاظمين الغيظ العافين عن الناس .
المحسنين الطاهرين المحمديين الربانيين .
الذين كُانوا أولياءاً لله .
الذين كُانوا جنودا لله .
الذين عملوا بمراتب التقوى التى قال عنها على رضى الله عنه وكرّم الله وجهه :
الخوف من الجليل ::: فخافوا ربهم .
العمل بالتنزيل ::: فعملوا بالقرآن .
القناعة بالقليل ::: فقنعوا ورضوا بعطيّة الله .
الإستعداد ليوم الرحيل ::: فسهروا لله وقُاموا لله وأتعبوا أقدامهم بالوقوف بين يدىالله
هؤلاء الذين حملوا للدنيا مشاعل النهضة والخير والتقدم ...
وأخذوا بأيدى الناس بُغية إنقاذهم من النار ليلحقوا بالنبى الحبيب المختار .
أخى الحاج هنيئا لك بمحو الذنوب وبحج مبرور وذنب مغفور وتجارة مع الله لاتبور وكل عام وأنتم بخير ومن كل ذنب معتوق ومن الله مجبور ومستور .