الثامن
الثامن
صباح الضامن
انتظريه يا جبال فقد أتاك وانسجمي بشموخك مع تسبيحه
تعالي واسكني نفسه فأنت مثله فبما وهبه من خلقك ارتفع لا بنفسه بل بالنعم الموهوبة
ارتفع
ليكون معك وتكونين معه
وابقي طيور عشق الخلود فإنك ستسمعين من فم مسبح وسترجعين ترتيله
ويا كونا بنواميسك كلها ألا ترى أنه يفهم نسقك فيعيش نهاره ذاكرا لمن دبرك
ومهما تعاندت خصوم ومهما تسابقت لنيل فقد عاشت في أكوانه حكمة مخلوقة موهوبة من رب
العباد
فحياطة رب الأكوان له نعمة
فاجتمع مع الأكوان في حقيقة خالدة , تشرق فيها النفس وتخلص لها فقط
لم تغره قوة ولا ملك
لم تجعل سطوة الحكم في يده جلدا لمن دونه
لم تغرقه امتداد خيوله في مروج الدنيا
ولا تسور فوق العباد
ولا اختبأ من بارح ولا قر
بل كان ذاك الذي كرمه الله بحكم وقوة
وأعزه بحياطة ورعاية
فلم يتركه عند اندفاع اولي ولا تسرع لحظي بل أرسل له برق اشارة لتكون في العوالم
درسا خالدا لا انحراف فيه درس العدل في الحكم بشريعة الوهاب الخالق
الناموس الذي استقامت عليه السماوات والأرض ألا وهي شريعة الله والحكم بها ولن
تستقيم أحوال الناس إلا إن تناسقت مع هذه الشريعة وعملت فيها
فالظلم لا يصمد لأنه يصطدم مع الناموس الإلهي العادل والأقوى
تلك إشارة من خالق الأكوان العادل الرحيم إلى داوود ذي الأيد
ليتعلم ما علم
التريث في الحكم
ويعلم العدل في فصل الخطاب
وبعلم الرجوع إلى الحق في لحظة التنبه
((اصبر على ما يقولون واذكر عبدنا داوود ذا الأيد إنه أواب * إنا سخرنا له الجبال
يسبحن بالعشي والإشراق * والطير محشورة كل له أواب * وشددنا ملكه وآتينه الحكمة
وفصل الخطاب * وهل أتاك نبؤا الخصم إذ تسوروا المحراب * إذ دخلوا على داوود ففزع
منهم قالوا لا تخف خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط واهدنا إلى
سواء الصراط * إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة فقال أكفلنيها وعزني في الخطاب * قال
لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه وإن كثيرا من الخلطاء ليبغي بعضهم على بعض إلا
الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم وظن داوود أنما فتناه فاستغفر راكعا وأناب
* فغفرنا له ذلك وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب * )) سورة ص
وتنساب النفس المؤمنة باكية وجلة من الله
ودمس الليل في عالم نبي الله داوود
ولم تلهه قوة ولا ملك عن تلك الابتلاءة وعرف حقا أن طريق التوبة بركعات في جوف ليل
مستمرات حتى تشرق عليه كلمات الله بعد استغفار كثير
ويشرق لما يغفر له
وكيف لا وهو المختار من عباده وإن تعثرت بشريته بسرعة في حكم
أفلا تعي النفوس أن إشراقا في دنيا بعد توبة سيتبعه سرمدية العيش في جنة
أو لا تعي جحافل الطغاة البغاة المتجبرين آثار الغابرة المتعنتين
فلتنظري يا نفوس إلى داوود صاحب السلطة والقوة والعزة الذي خر طائعا مستجيبا عابدا
متذللا إلى من وهبه تلك النعم
فاستحق بعد الابتلاء أن يكون معلما واستحق التكريم ليكون مغفورا له
فيا طغاة قرون أتت وتأتي لا يغرنكم ملك زائل يمضي
فمن كان يملك مفتاح كون برقاع دنيا, هام برقعة صغيرة مرغ فيها جبهته عبادة وخضوعا
.....فكان ملك الأساتذة في الخضوع لملك الملوك...............
وكان أستاذي ..........