حب رسول الله صلي الله عليه وسلم
(معجزة)
عزة الدمرداش
المعجزات التي ايد الله بها رسله كثيرة و متنوعة منها معجزات مادية حسية ومنها
معجزات أدبية معنوية . فمن المعجزات المادية السابقة للأنبياء، ناقة صالح وعصا موسى و إبراء الأكمه و الأبرص و إحياء الموتى بإذن الله لعيسى . و قد أيد الله نبينا محمدا صلى الله عليه و سلم بمعجزات كثيرة مادية و معنوية فمن المعجزات المادية تكثير الطعام بدعائه ، و نبع الماء من بين أصابعه ، و نصره بالرعب ، و إنباؤه بالغيب... و غيره، مما إستفاضت به كتب الحديث و السيرة . و من المعجزات المعنوية التي تلزم العقل و تهدي للحق و تكون بذاتها آية على صدقه صلى الله عليه و سلم هذا القرآن العظيم و ما تضمنه من حقائق العلم و أنباء الغيب، و ما أثر في نفوس عباد الصنم و رعاة الغنم، فكون منهم خير أمة أخرجت للناس . و من معجزات النبي الأدبية غير القرآن هدايته لقوم ماأتاهم نذير قبله على مابهم من شموخ على الحق، و شرود عن الهدى، و استكبار في الأرض، و عناد و قسوة و ظلم و جاهلية فكون منهم خير أمة ( يهدون بالحق و به يعدلون ) 181 الأعراف .
و يرحم الله الشاعر محمود غنيم إذ يقول :
يا من تريد من المختار معجزة يكفيه شعب من الأجداث أحياه
و من المعجزات الخارقة الداله على صدقه صلى الله عليه و سلم و إن لم يقع التحدي بها (حب الصحابة للنبي صلي الله عليه و سلم )، فقد أحبوه، و عظموه، وعزروه، و نصروه، و قدموه على أعز عزيز لديهم من أموالهم و أولادهم و أنفسهم، و أحلّوه في قلوبهم منزلة عالية رفيعة لم تُعرف لإنسانٍ في الوجود قبلَه بعد ما كان من عداوتهم له، و كفرهم به، و صدهم عنه مما يعتبر آية باهرة دالة على صدقه صلى الله عليه و سلم لم تقع لنبي قبله، أيده الله بها، و جعلها من أعلام نبوته ، ودليلا على صدق رسالته . وروى ابن هشام أن سعد بن الربيع وجدوه جريحا بين القتلى يوم أحد و به، رمق قال أبلغوا رسول الله عني السلام ، و قولوا له إن سعد بن الربيع يقول لك : جزاك الله عنا خير ما جزى نبيا عن أمته . و أبلغوا قومكم عني السلام و قولوا لهم : إنه لا عذر لكم بين يدى الله إن خلص إلى نبيكم (أصابه أذى) وفيكم عين تطرف.
هذا أحد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي وهو في النزع الأخير لا ببناته و لا بزوجته و لا بأهله ، و إنما يوصي قومه بالمحاماة و الدفاع عن نبيه إلى الموت .
و روى بن هشام أيضا أن أمرأة أصيب زوجها و أخوها و أبوها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم احد فلما نعوا إليها ، قالت : فما فعل رسول الله صلى الله عليه و سلم قالوا : خيرا هو كما تحبين قالت : أروني حتى أنظر إليه ، فأشير لها إليه فقالت : كل مصيبة بعدك جلل ،(صغيرة هينة).
هل يفسر هذا الحب إلا أنه معجزة و آية على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم و صدقه؟ . لقد شمل الحب الصغار و الولدان، مثلما شمل الرجال والنساء جميعا . روى البخاري و مسلم و أصحاب السير، أن عبد الرحمن بن عوف يوم بدر وجد فتيين حديثين السن، قال له أحدهما دون أن يسمع صاحبه : ياعم دلني على أبي جهل ، فقال عبد الرحمن بن عوف: و ما تصنع به؟ فقال الفتى :بلغني أنه كان شديد الأذى لرسول الله صلى الله عليه و سلم، و قد عاهدت ربي أن أقتله أو أموت دونه ، و قال له الأخر مثله فأشار لهما إليه فشدا عليه مثل صقرين حتى قتلاه .... ما الذي أخرجهما و ما حملهما على ما صنعا ؟ إنه الإيمان و الحب والإعزاز، للنبي صلى الله عليه و سلم .
إن ما أوردناه أمثلة يسيرة قليلة مما حفلت به كتب الحديث و السيره عن حب الصحابه لمحمد صلى الله عليه و سلم، مما لم يعرف مثله لعظيم في التاريخ البشري كله من الأنبياء، و المصلحين، و مما يعتبر أمرا خارقا للعادة يصلح أن يكون محل دراسة تغني الفكر الإنساني و الإسلامي ، وتهديه إلى صراط مستقيم. لقد ألف رجل أمريكي غير مسلم كتابا رتب فيه مائة من عباقرة العالم الذين لهم الفضل الأكبر على البشرية ، الأثر الأعظم في مجرى التاريخ، فجعل أولهم محمدا صلى الله عليه و سلم ، و عندما عتب عليه قومه ، كيف يقدمه على المسيح و على موسى، و الأئمة من بناة الحضارة و هداة الإنسانية، كان جوابه : ما ذنبي إذا كنت وضعت مقاييس للكمالات الإنسانية ، و الكفاءة الشخصية فكان محمد أحق بها و أهلها ، و مقاييس للبذل و الجهاد و الاحتمال والصبر و سرعةالوصول إلى النصر فكان محمد، و مقاييس لما قدم من نفع عام للبشرية فكان محمد، و مقاييس لما وضع عن الناس من إصر و أغلال و من حلول ووسائل لإصلاح الحياة و للقيادة الراشدة و التجربة الرائدة فكان محمدا أولها وأولاها. و لا أتعجب من هذا الرجل الذي عرف اليسير من سيرة نبينا صلى الله عليه و سلم من خلال اليسير الذي ترجم باللغة الأنجليزية، و ما أقل ما ينقل إليها و هو حق، و ما أكثر ما ينقل إليها و هو باطل فكيف أهتدى في وسط هذه الظلمات والمتشابهات إلى هذا الحكم النير الصادق لولا أن نور محمدصلى الله عليه و سلم لا يحجبه مكر ماكر و لا كيد ساحر؟ . (لقد من الله على المؤمنين إذ بعث فيهم رسولا من أنفسهم يتلو عليهم آياته و يزكيهم و يعلمهم الكتاب و الحكمة و أن كانوا من قبل لفي ضلال مبين)164آل عمران
فلا عجب أن أرىأمة الحبيب المحبوب تجتمع على قلب رجل واحد، غاضبة ثائررافضة أن يهان نبيها المبعوث رحمة للعالمين، فقد كان يجادلني الكثيرون حين كنت أنادي بالمقاطعة وقت الإنتفاضة، ووقت غزو العراق، ها أنا ذا اليوم أجد من وإرسال الرسائل، و إعلان الغضب، حتي الإطفال يلصقون أوراقا على المصاعد و علي الجدران يعبرون عن غضبهم و غيرتهم على نبيهم بارك الله فيهم، و جعلهم نصرة للإسلام وليرى العرب أن لاإله إلا الله محمد رسول الله قد جمعتهم و ليست أمجاد ياعرب أمجاد. فنداء الدين الإسلامي أصدق من الشعارات . و ختاما نسأل الله عز و جل أن يملأ قلوبنا بنور معرفته، و محبة نبيه صلى الله عليه و سلم، و أن يجعلنا أهلا لشفاعته وأن يجزيه عنا خير ما جزي نبيا عن أمته .آمين .