أحلى أيام الدنيا
جمال ماضي
يقول النبي الحبيب صلى الله عليه وسلم : ( ما من أيام العمل الصالح فيهن , أحب إلى الله , من هذه الأيام , قالوا : ولا الجهاد في سبيل الله , فقال صلي الله عليه وسلم : ولا الجهاد في سبيل الله , إلا خرج بنفسه وماله , فلا يرجع من ذلك ) .
فهذه الأيام هي أحلى أيام العمر , لأنها هدية ربانية , لكل من أراد أن يعيش شيئاً مختلفاً , على مستوى العام , فهي بمثابة تجديد لحياته دائم .
1 - كيف تجدد حياتك في أحلى أيامك ؟
عشرة أعمال في الأيام العشر
أولاً : أيام صيام
صيام تسع من ذي الحجة مستحب , لقوله صلي الله عليه وسلم :
( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر ) يعني عشر ذي الحجة , وعن هنيدة : ( كان رسول الله صلي الله عليه وسلم , يصوم تسع ذي الحجة ) .
أما صيام يوم العيد فيحدثنا أبو سعيد الخدري فيقول : ( نهى عن صوم يوم الفطر ويوم النحر ) .
برنامج مقترح :
أنت تصوم تسعة أيام فقط , وإنما أطلق عليها عشر على سبيل التغليب , فاليوم التاسع هو يوم عرفة , من صامه كان كفارة للسنة الماضية , والمستقبلة .
ثانياً : أيام تكبير
يقول تعالى :" ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات" وهي أيام العشر، وقوله عز وجل : " واذكروا الله في أيام معدودات" وهي أيام التشريق . وذكر البخاري في صحيحه عن ابن عمر وأبي هريرة – رضي الله عنهما- : " أنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر فيكبران ويكبر الناس بتكبيرهما" .
وكان عمر بن الخطاب وابنه عبد الله – رضي الله عنهما – يكبران في أيام منى في المسجد وفي الخيمة ويرفعان أصواتهما بذلك حتى ترتج منى تكبيراً .
وروي عن النبي – صلى الله عليه وسلم , التكبير في أدبار الصلوات الخمس من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من يوم الثالث عشر من ذي الحجة , وهذا في حق غير الحاج ، أما الحاج فيشتغل في حال إحرامه بالتلبية , وإن كبر مع التلبية فلا بأس؛ لقول أنس – رضي الله عنه - : " كان يلبي الملبي يوم عرفة فلا ينكر عليه، ويكبر المكبر فلا ينكر عليه" .
برنامج مقترح :
ممارسة التكبير بعد الصلوات الخمس في المسجد .
ثالثاً : أيام طاعات
يقول النبي صلي الله عليه وسلم : ( في أيام العشر يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة , وقيام كل ليلة منها بقيام ليلة القدر ) رواه الترمذي .
وروى البيهقي قول أنس بن مالك : كان يقال في أيام العشر : بكل يوم ألف يوم ويوم عرفة بعشرة آلاف يوم , ( يعني في الفضل ) .
ويقول الأوزاعي : بلغني أن العمل في اليوم من أيام العشر , كقدر غزوة في سبيل الله , يصام نهارها , ويحرس ليلها , إلا أن يختص امرؤ بشهادة .
ويشترك في خير هذه الأيام الحاج وغير الحاج , فالعمل الصالح فيها , أفضل عند الله , وأحب إليه من كثير من العبادات , مثل :
النوافل والصدقة , وإرشاد المجتمع , والامر بالمعروف , والنهي عن المنكر , والدعوة إلى الله .
برنامج مقترح :
1 – ممارسة طاعات يومية :
أ - ركعتا الضحى.
ب - صلاة الوتر.
ج - ركعتا مابعد الوضوء .
د - النوافل القبلية والبعدية للصلوات الخمس.
ه - الاستعداد لصلاة الجمعة.
2 - الدعاء ومنه :
" سؤال الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة " .
3 - ذكر الله تعالى :
ومنه الإكثار من قول : " سبحان الله وبحمده ، سبحان الله العظيم" فهي ثقيلة في الميزان.
4 - التلاوة :
شيء من القرآن الكريم , والجمع بينه وبين الذكر حسن وممكن
5 – إحياء ثلاث ساعات وهي :
الساعة الأولى : قبل طلوع الفجر - وخاصة الاستغفار.
الساعة الثانية : بعد صلاة الصبح إلى طلوع الشمس، وأذكار بداية اليوم.
الساعة الثالثة : بعد صلاة المغرب إلى صلاة العشاء .
رابعاً : أيام بذل المال في سبيل الله
يعتبر الحج جهاد الضعيف , ففي الحديث أن عائشة رضي الله عنها قالت :
( يا رسول الله نرى الجهاد أفضل العمل أفلا نجاهد ؟ فقال: لكِنَّ أفضل الجهاد حج مبرور ) رواه البخاري .
ولذلك كان الحج جهاد الصحابة ؛ فكان عمر رضي الله عنه يقول: " إذا وضعتم السروج فشدوا الرحال في الحج فإنه أحد الجهادين " , وكان ابن مسعود رضي الله عنه، يقول: " إنما هو سرج ورحل ، فالسرج في سبيل الله والرحل في الحج " .
ومن أفشل أنواع الجهاد بذل المال , وقد يتوهم البعض بأنه إذا أنفق ماله في الحج والعمرة ، فقد يؤدي ذلك إلى نقص ماله ، وتعرضه للحاجة والفاقة ؛ فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يزيل هذا الوهم والخوف ، فبيَّن أن إنفاق المال في الحج والعمرة والمتابعة بينهما جلب للرزق ، ونفي للفقر عن العبد بإذن الله ؛ عن ابن مسعود رضي الله عنه ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( تابعوا بين الحج والعمرة فإنهما ينفيان الفقر والذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضة ) رواه أحمد .
وعن بريدة , قال صلي الله عليه وسلم : ( النفقة في الحج كالنفقة في سبيل الله بسبعمائة ضعف ) رواه أحمد .
خامساً : أيام ذكر
ومن الممكن أن تتم جلسات الذكر اليومية بعد صلاة الفجر وحتى طلوع الشمس، ويتم فيها تلاوة أذكار الصباح ، ثم تلاوة قدر مناسب من آيات القرآن الكريم ، وكذلك الاجتماع على بعض الأذكار المطلقة ، مع ذكر فضائل بعض هذه الأذكار .
برنامج مقترح :
الإكثار من قول : " لا إله إلا الله ، والحمد لله ، والله أكبر " , في سائر أيام العشر , سواء كنت في المنزل أو خارجه .
سادساً : أيام صدقة
عن عقبة بن عامر , قول النبي صلى الله علية وسلم : ( كل امرئ في ظل صدقته حتى يقضى بين الناس ) رواه أحمد .
وعن أبي مسعود الأنصاري قال : جاء رجل بناقة مخطومة فقال : هذه في سبيل الله , فقال رسول الله علية السلام : لك بها يوم القيامة سبعمائة ناقة كلها مخطومة .
برنامج مقترح :
1 - ابدأ يومك بصدقة لتحظى بدعاء الملكين.
2 – اجعل لك في كل يوم من أيام العشر صدقة تفرح بها فقيراً أو مسكيناً أو محتاجاً .
سابعاً : أيام قرآن
الإكثار من تلاوة القرآن الكريم ، وهناك ثلاث طرق للتنفيذ :
الأولى: لكل يوم من العشر جزء كامل.
الثانية : لكل يوم من العشر جزءان.
الثالث: ختم القرآن في هذه العشر.
برنامج تدبر القرآن في العشر :
1 - الاستماع إلى جزء قرآني بصوت أحد القراء المتقنين .. ثمّ قراءة نفس الجزء من المصحف .
2 - إيقاف الشريط عند رأس كل 5 آيات ومحاولة كتابة ما جدّ في الذهن من فوائد سواء إيمانية أو تربوية .
3 - قراءة الجزء من تفسير ميسر للآيات .
ومع نهاية العشر الاوائل تقريباً نكون قد أنهينا 10 أجزاء من بداية المصحف.
برنامج ختم القرآن في العشر :
* عدد أجزاء القرءان الكريم ( 30 ) جزءًا بواقع ( 3 ) أجزاء يوميًّا.
* تقرأ عقيب كل صلاة ( 12 ) صفحة يوميًّا.
* ثم قراءة تفسير ال ( 12 ) صفحة من تفسير ميسر .
ثامناً : أيام قيام
عن كعب قال : اختار الله الزمان و أحب الزمان إلى الله الأشهر الحرم ، و أحب الأشهر الحرم إلى الله ذو الحجة ، و أحب ذي الحجة إلى الله العشر الأول .
و سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن عشر ذي الحجة والعشر الأواخر من رمضان أيهما أفضل ؟
فأجاب أيام عشر ذي الحجة أفضل من أيام العشر من رمضان والليالي العشر الأواخر من رمضان أفضل من ليالي عشر ذي الحجة .
ليالي العشر أوقات الإجابة فبادر رغبة تلحق ثوابه
ألا لا وقت للعمال فيه ثواب الخير أقرب للإصابة
من أوقات الليالي العشر حقاً فشمر واطلبن فيها الإنابة
يقول تعالى : ( فلا تعلم نفس , ما أخفي لهم من قرة أعين , جزاء بما كانوا يعملون ) أي قيام الليل .
9 – أيام تربية
فهي أيام تربية للنفس والروح , في مواجهة الحياة , بتغيير لنمط الحياة وكره الروتينية , والتواصل الدائم مع الله تعالى , وتربية الإنسان على إحياء السنن , بالتنافس التربوي في إطلاق الطاقات , وتنوع العبادات , فالعمل الصالح الأفضل على مستوي الأيام كلمة جامعة , بمعني التربية الشاملة .
برنامج مقترح :
1 – التوبة الصادقة في استقبال العشر , وتجديها في كل يوم .
2 – العزم على اغتنام الأيام , واستثمار كل لحظة من أوقاتها .
3 – البعد عن المعاصي , والرفقة السيئة , ومواطن الشبهات .
4 – وليكن شعار العشر : ( وعجلت إليك رب لترضى ) .
10 - أيام بهجة
لقد أقسم الله بها فقال تعالى : ( والفجر وليالِ عشر ) , والنبي قد شهد بأنها أفضل أيام الدنيا , وحث فيها على العمل الصالح , وأمر فيها بالتسبيح والتهليل والتحميد , وفيها يوم عرفة وهو يوم مشهود ويوم الحج الأكبر , فلماذا يكون فيها النكد والحزن والألم , فهي أيام فرحة ومواساة وعمل اجتماعي , وصلة أرحام , وإرشاد ودعوة وتربية , كما أنها أيام طاعة وتقرب إلى الله , تتوج بالأضحية لمن يستطيع , والاستعداد لصلاة العيد , والاهتمام بأحوال المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها , حتي يأتي الأمل القريب في نصر الله القادم .
وتحرر فلسطين والعراق وأفغانستان والشيشان وكشمير والصومال , ونصلي بإذن الله صلاة العيد بالمسجد الأقصى , ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله , ألا إن نصر الله قريب قريب قريب .
ثانياً : يوم عرفة
1 - يوم إكمال الدين وإتمام النعمة
عن عمر بن الخطاب , أن رجلاً من اليهود قال له : يا أمير المؤمنين آية في كتابكم تقرءونها لو نزلت علينا معشر اليهود لاتخذنا ذلك اليوم عيداً , قال عمر : أي آية ؟ قال : ( اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام ديناً ) , قال عمر : قد عرفنا ذلك , اليوم والمكان الذي نزلت فيه على الرسول , وهو قائم بعرفة يوم الجمعة .
2 – يوم عيد لأهل الإسلام
قال صلي الله عليه وسلم : ( يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق : عيدنا أهل الإسلام , وهي ايام أكل وشرب )
3 – يوم يكفر صيامه سنتين
سئل صلي الله عليه وسلم: عن صوم يوم عرفة , فقال : (يكفر السنة الماضية والسنة المقبلة) , وهذا لغير الحاج , فلم يصمه النبي ونهى عن يسامه للحاج.
4 – يوم مغفرة وعتق من النار
عن ابن عمر , أن النبي صلي الله عليه وسلم قال : إن الله تعالى يباهي ملائكته عشية عرفة , بأهل عرفة , فيقول : انظروا إلى عبادي , أتوني شعثاً غبراً .
ثالثاً : كيف تحج
وأنت في مدينتك وفي بيتك ؟
خمسة أعمال تجعلك حاجاً وأنت في منزلك :
1 – ركعتا الإشراق :
يقول النبي صلي الله عليه وسلم : ( من صلي الغداة في جماعة , ثم قعد يذكر الله , حتى تطلع الشمس , ثم صلي ركعتين , كانت له كأجر حجة وعمرة تامة تامة تامة ) .
2 – مشية إلى المكتوبة :
يقول النبي صلي الله عليه وسلم : ( من مشي إلى صلاة مكتوبة في الجماعة فهي حجة ) .
3 – عالم أو متعلم :
يقول النبي صلي الله عليه وسلم : ( من غدا إلى المسجد , لا يريد إلا أن يتعلم خير , أو يعلمه كان له , كأجر حاج تاماً حجته ) .
4 – الانشغال بالآخرة :
يقول تعالى : ( إنا أخلصناهم بخالصة ذكرى الدار ) , ومن مظاهر هذا الخلوص بالآخرة , والانشغال بها , تأتي كل أعمال الحج :
- من لحظة الخروج من البلد : من رد الحقوق , والمال الحلال , ورد الديون , والعفو والتسامح .
- من لحظة وداع الحاج , في التذكرة بالسفر , وأنه بين يدي الله تعالي , وقد يسافر ولا يعود .
- من لحظة ارتدائه لملابس الإحرام , التي تذكر بالموقف بين يدي الله تعالى , حفاة عراة , يوم الحساب .
- من لحظة السعي بين الصفا والمروة , التي تذكر بيوم الحشر , مما تدفعنا لجمع ما ينفع من الحسنات .
- من لحطة الوقوف بعرفة , والتي تذكرنا بالمسئوليه لقوله تعالي : ( وقفوهم إنهم مسئولون ) .
5- التشمير للجنة :
يقول صلي الله عليه وسلم : ( ألا من مشمر للجنة ؟ فإنها ورب الكعبة : نور يتلألأ , وريحانة تهتز , وزوجة حسناء , وفاكهة نضيجة , وقصر مشيد , ونهر مطرد ) , فقال الصحابة : يا رسول الله نحن المشمرون لها , فقال : صلي الله عليه وسلم : قولوا : ( إن شاء الله ).
فالتشمير للجنة نتذكره في كل خطوات الحج خطوة بخطوة , في : مشقة السفر , و الطواف , والمبيت بمنى , ورمي الجمار , والمشي إلى المزدلفة .