رسائل رمضانية
محمود القلعاوي
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف
[email protected]
هذه رسالة من رمضان يبين فيها بعض الأشياء التي يعلمنا أيها ، يقول فيها :-
أحبابي الصائمين :-
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته :- هذه رسائلي إليكم :-
الرسالة الأولى :- أنا شهر الصبر :-
وأنا جدير أن أُسمى بشهر الصبر ، فأنا أجعل الصائم يصبر فيّ تسعة وعشرين أو ثلاثين
يوما على الامتناع عما يصعب الكف عنه ، وأعظمه الطعام والشراب ومجامعة الزوجة , ولا
شك أن الصبر عن هذه الأمور في هذه الأيام المتوالية ، من أهم مجالات تدريب النفس
على الصبر على أوامر الله بفعلها ، وعلى نواهي الله بتركها ، في هذا الشهر وغيره ،
والصبر عدة المؤمن التي ينال به الرضا بقضاء الله ، فعندما يبتلى في نفسه وأهله
وماله ، وهو من المبشرين بهدى الله ، وأن تغشاه رحمته ، ويحظى بصلواته عليه ، كما
قال تعالى :- ( ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات
وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك
عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون ) سورة
البقرة 155-157 ، والمؤمن وحده هو الذي يحظى بالخير في سرائه وضرائه ، بما
منحه الله من الصبر على الحالتين ، كما في حديث صهيب
رضي الله عنه قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم
:- ( عجباً لأمر المؤمن إن أمره كله خير ، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن ؛ إن أصابته
سرّاء شكر ؛ فكان خيراً له ، وإن أصابته ضرّاء صبر ؛ فكان خيراً له ) .
رواه مسلم
الرسالة الثانية :- أنا شهر الاتصال والتواصل الاجتماعي :
وفى حياتكم هذه حيث ظروف الحياة القاسية يفقد الاتصال أو يضعف فآتى أنا حيث
التزاور والتراحم ، وصلة الأرحام من الضرورات التي ينبغي
على المسلمين
القيام بها ، قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : ( من أحب أن يبسط له في رزقه وينسأ
له في أثره فليصل
رحمه )
رواه
البخاري
، ومما يحسن فعله مع الأقارب : أن يقبل الإنسانُ أعذارَهم إذا أخطأوا واعتذروا ،
ومن
جميل ما يذكر في ذلك ما جرى بين يوسف عليه السلام
وإخوته ، فلقد فعلوا به ما فعلوا ،
وعندما اعتذروا قَبِلَ عُذْرَهُم ، وصَفَحَ عنهم
الصفحَ الجميلَ ، فلم يقرِّعْهم ، ولم
يوبِّخْهم ، بل دعا لهم ، وسأل الله المغفرة لهم ،
فعلى الإنسان أن يصفح عن
أقاربه ، وينسى معايبهم ولو لم يعتذروا ، فهذا دليل
سمو النفس ، وعلو الهمة .
الرسالة الثالثة :- أنا فرصة التوبة :-
وذلك لِما يسر الله تعالى فيّ من أسباب الخيرات ، وفعل الطاعات ، فالنفوس مقبلة ،
والقلوب مشتاقة ، وأبواب الجنان تفتح ، وأبوب النيران تغلق ، ورب رحيم تواب أشد
فرحا بتوبة عبده من الأم بملاقاة ولدها بعد الفراق ، وفرص العبادة متعددة ، والأجور
مضاعفة ، ولله في كل ليلة من ليالىّ عتقاء من النار ، وفيّ ليلة القدر التي هي خير
من ألف شهر . نعم أنا فرصة لفتح صفحة جديدة مع الله .
الرسالة الرابعة :- أنا مدرسة تربوية :-
يتدرب فيها المسلم المؤمن على تقوية الإرادة في الوقوف عند حدود ما أمر ربه في كل
شيء ، والتسليم لحكمه في كل شيء ، وتنفيذ أوامره وشريعته في كل شيء ، وترك ما يضره
في دينه أو دنياه أو بدنه من كل شيء ، ليضبط جوارحه وأحاسيسه جميعاً عن كل ما لا
ينبغي بتدريبه الكامل في هذا الشهر المبارك ، ليحصل على تقوى الله في كل وقت وحين ،
وفي أي حال ومكان .
الرسالة الخامسة :- أنا شهر الإنجاز :-
أغلب الناس يريد أن يغمض عينيه ويفتحهما فإذا هو في نعيم التغيير ، فالكثير من
الناس يريد أن تحل مشكلته خلال ساعات ، فلذلك تجده يذهب للطبيب أو غيره لكي يصف له
وصفةَ سحريةَ تُخرجه من هذا الجحيم إلى يعيش فيه إلى النعيم ، أما الصائم فيحقق
إنجازاً كبيراً على مدة طويلة يدفعه على الثبات على التغيير ، فثلاثين يوماً من
صيام النهار وقيام الليل وصلاة التراويح وتلاوة القرآن والذكر والصدقة ، وترك
المعاصي والمحرمات ، ثم ترتفع الهمة في العشر الأواخر ، يا له من إنجاز عظيم يدفع
إلى الثبات على التغيير .
الرسالة السادسة :- أنا شهر الرحمة :-
فأول حرف من أسمى الراء من الرحمة ، ففي يرحم الفقير الغنى ، والكبير الصغير ، ومما
هو معلوم أن الرحمة
خلق النجاة يوم القيامة يقول النبي
صلى الله عليه وسلم
:- ( إِنَّمَا يَرْحَمُ اللَّهُ مِنْ عِبَادِهِ الرُّحَمَاءَ )
متفق عليه
، وكان
أويس القرني بعد أن يتصدق بما في بيته يدعو :- اللهم
من مات جوعاً فلا تؤاخذني به ومن مات عرياناً فلا تؤاخذني به ، ويقول محمد بن
الحنفية :- صاحب المعروف لا يقع ولو وقع لا ينكسر ..
الرسالة السادسة :- أنا شهر تنظيم الوقت :-
فهناك وقت للإفطار ووقت للإمساك ، دقة والتزام وتنظيم ، فأغلب الناس لا
يُولي أهميةً للوقت
وتنظيمه ، وبالتالي لا يولي أهميةً لحياته ؛ مع أن الوقت هو الحياة ،
فالحياة عبارةٌ عن
وقت يمضي فيمضي الإنسان ، فأنا أعلمكم التنظيم والدقة في أوقاتكم وأعماركم كلها .
الرسالة السادسة :- أنا شهر اتخاذ القرار
:-
فمن مميزاتي أن أعلمكم اتخاذ القرار، فمشكلة
المشكلات عند الناس عدم اتخاذ القرارات ، فالإنسان
القوي صاحب قرار، أما الإنسان
الضعيف متردد ، والتردد لا ينشئ نفوسًا ضعيفةً فحسب
بل يأتي بأمراض نفسية وجسدية ،
فأغلب أمور حياتنا تعتمد على قرارات بسيطة ، فكل
ثانية تمر في حياتنا فيها مجموعة
قرارات ، كحركات يدك ورجلك ونبض القلب إلى غير ذلك
، كل ذلك قرارات يتخذها العقل
بوعي أو من غير وعي في الدقيقة والثانية بل وجزء من
الثانية ، فالتردد في مثل هذه
القرارات يعني مشاكل كثيرة نفسية وجسمية ، وأنا
أعلمكم اتخاذ القرار من خلال المحافظة على نيتكم في الصيام فهذا يعود إلى اتخاذ
القرار ، واتخاذ القرار قوة ، وإرادة الإنسان فى الصيام تظهر كلما تجدد نيتك في
الصيام وفى الإمساك والإفطار ، وباستمرارية حتى يتبرمج على اتخاذ القرارات .