ثورة حتى النصر
بوابة القليوبية
الجميع يعلم أن الأخذ بالأسباب واجب ، وأن تركها لا يؤدى إلى نتائج ، فالتوكل الحقيقى : أن يعمل الإنسان بجد واجتهاد ، حتى يبلغ الغايات ، مهما كانت الظروف والمشقات.
فلا نصر بلا ثورة ، ولا ثورة بلا قوة ، ولا قوة بلا إعداد ، ولا إعداد بلا تدريب ، هذا من مسلمات العقيدة والشريعة ، وبهذا قامت الأمم ، وارتفعت الدول ، وقدوتنا رسولنا – صلى الله عليه وسلم – جاهد الكفار والمشركين والمنافقين بكل أنواع القوة ، ففى مكة كانت صناعة الرجال ، والأخذ بالعزائم أمام إجرام وقسوة الكفار.
وفى المدينة كانت السرايا والغزوات ، حتى فتح الله بينه وبين قومه بالحق ، وواصل المسلمون الجهاد حتى علت كلمة الله على كل الكلمات ، وهزمت الفرس والروم بعد جهاد شاق ، ووقى الله المسلمين مكر الداخل والخارج ، والمشروع الغربى الصهيو أمريكى لم يقم مجانا ، أو على قاعدة انتظار الفرج ، بالمعنى الخاطئ لها، وترك الميدان ، والنوم فى الفلل والشقق ، وإنما قام بعد ملايين الضحايا ، ومواصلة الليل بالنهار ،فتقدم علميا وثقافيا وفكريا وعسكريا ، وساد العالم بقوته وجبروته.
واليوم نرى فريقا من الإخوان لايرى النصر إلا فى الصلح والمهادنة ، وترك أسباب القوة ، بكل صنوفها وأنواعها ،خوفا من المواجهة ، وإيثارا للسلامة، متعللا بمصلحة الجماعة ، وأنها مقدمة على الثورة ، فيجهز الجماعة الآن لترك الميدان ، خوفا من بأس المجرمين ، وقسوة الجبارين ، وهذا بلاشك الهزيمة بعينها .
فالله سبحانه وتعالى أمرنا بالإعداد من القوة مااستطعنا ، والقوة مقصودة بكل أشكالها ، وبالأخص فى هذا الظرف ، فلا يستثنى منها شكل ، ولا يخرج منها نوع ، فإقامة منهج الله على الأرض لا يأتى بشكل واحد من القوة ، وإنما بكل صنوفها وأنواعها ، وهذا مافعله المصطفى – صلى الله عليه وسلم – فاستخدم قوة السلم حين لاتجدى قوة السلاح ، واستخدم قوة السلاح حيث لا تجدى قوة السلام.
اعلموا أيها الإخوان : أن التراجع أمام الباطل شر من الاستمساك ببعض الحق ، وهو أصل النكبات والهزائم ، فلماذا الاستسلام والمعركة لم تضع أوزارها بعد ، والعدو حتى الآن لا يملك مقومات الاستمرار فى المعركة ، وإن ملك أسباب القتل والدمار ،ومن المسلمات أن الجهاد فى سبيل الله بكل أنواعه ليس محصورا فى المشركين والكفار والمنافقين ، وإنما شرع أيضا لقتال الباغين ، ورد المعتدين من الخوارج والمحاربين والصائلين ، وماذا بعد تدنيس المقدسات ، وقتل الشباب ، واغتصاب الفتيات ، وموالاة الأعداء ، وحبس الرئيس ، واعتقال الآلاف ، ومطاردة الشرفاء من أبناء الوطن ، فمتى يكون الإعداد والأخذ بالأسباب ، ومنابذة الأشرار ، حتى تستريح الأرض من شرهم ، وتطهر البلاد من دنسهم ؟
وهذا بلاشك يحتاج إلى عمل دائم ، وجهاد مستمر ، وقيادة يقظة ، يدها فى يد أبنائها ، تضحى كما يضحون ، وتخرج للميدان كما يخرجون ، فالأستاذ البنا كان فى مقدمة الصفوف ، ولم يرغب بنفسه عن نفس إخوانه ، حتى لاقى الله شهيدا ، والأستاذ الهضيبيى سجن مع إخوانه ، وأوذى معهم ، وكذا الأستاذ الدكتور بديع.
أما من نام واستراح ، وانتظر الفرج ، ولم يعش المعركة ، فأنى له أن ينتصر ، والنصر صناعة وله مقدمات، حسب ظرفه ووقته ، فلا تسمحوا أيها الإخوان بالتراجع عن مساركم الشامل لكل صنوف القوة ، مهما كانت الأسباب والتبريرات ، فالوقت وقت جهاد ، وبعده نصر أو استشهاد.
وسوم: العدد 630