التشكيك في جدوى صلاة الاستسقاء والسخرية منها دليل على ضعف التدين
التشكيك في جدوى صلاة الاستسقاء والسخرية منها دليل على ضعف التدين أو على المروق من الدين وإضمار العداوة له
كلما تم الإعلان عن إقامة صلاة الاستسقاء إلا وراجت بعض الأقاويل المشككة في جدوى هذه الصلاة التي سنها لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم . والمشككون في هذه السنة النبوية نوعان : نوع يشكك فيها وليس له خلفية إضمار العداوة للدين بل يعتبر ضعيف التدين ، ونوع يصدر في تشكيكه عن مروق من الدين وإضمار العداوة له . ولقد نشرت بعض مواقع التواصل الاجتماعي مقالات استغلت فيها صلاة الاستسقاء لتصفية الحسابات السياسوية والحزبية ، وللتعبير عن مكبوتات الحقد على الإسلام وأهله لدى البعض . ولقد تحدثت بعض تلك المواقع عن تنافس طرفين حول توظيف صلاة الاستسقاء واستغلالها ،طرف الدولة، وطرف من يعارضها ،علما بأن الاستسقاء هو حاجة الطرفين معا وفائدته تعم الجميع إلا أن الذين تحدثوا عن تنافس الدولة مع المعارضة على صلاة الاستسقاء يقصدون أن الطرفين يتربص الواحد منهما بالآخر، ذلك أن الدولة بزعمهم تريد الغيث لإنقاذ الموسم الفلاحي ، ومعارضوها لهم مصلحة في الجفاف لإحراجها ، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أبعد ما تكون عن حسابات هؤلاء وهؤلاء . أما المشككون في الاستسقاء من ضعاف التدين فيتهمون من يقيم صلاته بالنفاق أو بعدم أهليته لهذه الصلاة لأنه موضوع اتهام وتخوين وسوء تدبير ... وأما المشككون فيه بخلفية المروق من الدين وإضمار العداوة له فلهم هدف آخر وهو التقليل من شأن هذه الصلاة ، والترويج لما يبعد الناس عن الصلة بخالقهم ، وعن الاعتقاد بأنها سنة، وأن الناس مطالبون بها كما يطالبون بالصلوات الخمس وغيرها من الواجبات الدينية . ويوجد في كتاب الله عز وجل ما يدفع كل تشكيك في هذه الصلاة التي أداها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو من هو تقوى وورعا ، وهو الذي لا يرد له دعاء . وما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم لنا صلاة الاستسقاء إلا لتكون سنة باقية في الخلق إلى يوم القيامة ،ولأن الله عز وجل مدبر هذا الكون والذي لا يعزب عنه شيء منه، ولا تأخذه سنة ولا نوم يمنع الخلق الغيث وهو صاحب مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لما يشاء ويقدر ولا تتصرف الطبيعة وحدها بل بمشيئته سبحانه وتعالى . والله عز وجل يذكر في كتابه الكريم أنه ينزل الغيث بعد أن يقنط الخلق ويقول : (( وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي الحميد )) ولقد وجه الله عز وجل الخلق في حالة القنوط إلى صلاة الاستسقاء، وهو القائل سبحانه : (( أمن يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء )) وهو الذي يأخذ العباد بالبأساء والضراء لعلهم يتضرعون ، وهو القائل : (( وما بكم من نعمة فمن الله وإذا مسكم الضر فإليه تجأرون )) وامتناع نزول المطر شر يقتضي أن يجأر إلى الله عز وجل لكشفه عن طريق صلاة الاستسقاء . ويسخر المشككون المضمرون العداء للدين في صلاة الاستسقاء منها وممن يمارسها ويراهن عليها لكشف الضر، وهؤلاء من الذين لا يقرون بوجود مغيث يغيث الناس إذا أمسكت السماء ، ويؤمنون بالطبيعة التي تدبر أمرها بنفسها مستغنية عن موجدها ومدبرها . وهؤلاء حالهم كحال القدماء الذين كانوا يعزون المطر للأنواء ويستمطرون الكواكب ، وقد ورد ذكرهم في حديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين مطر الناس في زمانه فقال لصحابته : " ألم تسمعوا ماذا قال ربكم الليلة ؟ قال : ما أنعمت على عبادي من نعمة إلا أصبح طائفة منهم بها كافرين يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا ، فأما من آمن بي وحمدني على سقياي ،فذاك الذي آمن بي وكفر بالكوكب ، ومن قال مطرنا بنوء كذا وكذا ،فذاك الذي كفر بي وآمن بالكوكب " . فالذين ينسبون نزول المطر للطبيعة في حكم الذين كانوا ينسبونه للكواكب ، والكواكب من الطبيعة . وأما الحكم على ما في صدور الخلق الذين يقيمون صلاة الاستسقاء، فهو من اختصاص من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور سبحانه وتعالى ، ولا يحق لأحد من الخلق الحكم على ما في صدور العباد لأن التردد على بيوت الله عز وجل علامة الإيمان كما جاء في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقول فيه : " إذا رأيتم من يتردد على المساجد فاشهدوا له بالإيمان " أو كما قال عليه الصلاة والسلام . فالذين خرجوا لصلاة الاستسقاء مؤمنون لا نزكيهم على الله عز وجل وهو أعلم بهم، وذلك بموجب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذين شككوا في صلاتهم أو إيمانهم فقد تجاسروا على علم علام الغيوب سبحانه، فعسى الله عز وجل أن يعجل بنزول الغيث بعد قنوط المؤمنين الذين جأروا إليه ،ويخيب مراد المشككين والساخرين من صلاة الاستسقاء، ومن سنة سيد المرسلين، ومن دين الله عز وجل ،وسيعلم المشككون والساخرون أي منقلب سينقلبون .
وسوم: العدد 646