الصلاة
الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أهمية الصلاة
للصلاة أهميةٌ كبرى في حياة المسلم، لما لها من مكانة عظيمة في الإسلام فهي:
من أول المواضيع التي بدأ الله –عز وجل– بذكرها في القرآن الكريم، حين وصف المتقين بإقامتهم للصلاة فقال جل شأنه: {ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ} [البقرة:2-3]
والصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام؛ كما روي عن عبدالله بن عمر –رضي الله عنهما– عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلا اللهُ وأنَّ محمدًا رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضان» أخرجه: البخاري.
وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة؛ عن أنس بن مالك عن عمر –رضي الله عنه– عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أوَّلُ ما يحاسَبُ بِهِ العبدُ يومَ القيامةِ الصلاةُ، فإِنَّ صلَحَتْ صلَح له سائرُ عملِهِ، وإِنْ فسَدَتْ، فَسَدَ سائرُ عملِهِ». أخرجه: الطبراني
وما أمر الله –عز وجل- بالمحافظة على عبادة مثلما فعل في الصلاة؛ فقد أمر بالمحافظة عليها في السفر والحضر، وفي السلم والحرب، وفي الصحة والمرض.
روي عن جابر بن عبدالله –رضي الله عنه– عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «بين الرجلِ وبين الشركِ والكفرِ تركُ الصلاةِ». أخرجه: مسلم
والصلاة من أسباب دخول الجنة والنار؛ كما قال سبحانه: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43)ِ المدثر{ وروي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَوْمًا، فقَالَ: «مَنْ حَافَظَ عَلَيْهَا، كَانَتْ لَهُ نُورًا وَبُرْهَانًا وَنَجَاةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ لَمْ يُحَافِظْ عَلَيْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ نُورٌ وَلا بُرْهَانٌ وَلا نَجَاةٌ، وَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ قَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَأُبَيِّ بْنِ خَلَفٍ" أخرجه: أحمد والدارمي
والصلاة هي آخر وصايا النبي صلى الله عليه وسلم؛ كما روي عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ : كَانَ آخِرُ وَصِيَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يُغَرْغِرُ بِهَا فِي صَدْرِهِ، وَمَا كَانَ يُفِيضُ بِهَا لِسَان: « الصَّلاةَ الصَّلاةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانَكُمْ ». أخرجه: أحمد والحاكم.
ثمرات المحافظة على الصلاة
وأما ثمرات الصلاة والمحافظة عليها في الدنيا والآخرة فهي لا تعد ولا تحصى، فمن ذلك:
إنها من أفضل القربات، فليس هناك عمل يُتقرب به إلى الله أحب إليه منها، كما جاء في الحديث القدسي: «وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَيَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ» أخرجه: البخاري
والصلاة منهاة عن الإثم، قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ} [العنكبوت:45]
والصلاة مكفرة للسيئات، كما قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} [هود:114]
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَقُولُ: «الصَّلَوَاتُ الْخَمْسُ وَالْجُمُعَةُ إِلَى الْجُمُعَةِ وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتَنَبَ الْكَبَائِرَ» أخرجه: مسلم
والصلاة تدخل الجنة وترفع الدرجات؛ كما روي عن ثوبان –رضي الله عنه-: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عَمَلٍ أَعْمَلُهُ يُدْخِلُنِي اللَّهُ بِهِ الْجَنَّةَ؟ فَقَالَ: «عَلَيْكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ لِلَّهِ فَإِنَّكَ لَا تَسْجُدُ لِلَّهِ سَجْدَةً إِلَّا رَفَعَكَ اللَّهُ بِهَا دَرَجَةً وَحَطَّ عَنْكَ بِهَا خَطِيئَةً» أخرجه: مسلم
والصلاة تزيل الهموم، قال تعالى: {إِنَّ الْإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً (19) إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً (20) وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً (21) إِلَّا الْمُصَلِّينَ} [سورة المعارج:19-22]
والصلاة مجلبة للرزق؛ كما قال تعالى: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقاً نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [سورة طه:132]
حكم تاركها
تارك الصلاة قد ارتكب ذنبا عظيما وكبيرة من أكبر كبائر الذنوب، ولذلك اتفق العلماء على كفر من ترك الصلاة جحودًا وإنكارًا لها، لأنه أنكر ركنا من أركان الإسلام، ومعلوم من الدين بالضرورة.
وأما من أقر بوجوبها، ثم تركها تكاسلًا، فقد اختلف فيه العلماء، بين من قال لا يكفر، ولكن يحبس حتى يصلي؛ ومن قال أنه لا يكفر ولكن يقتل حدًّا ما لم يُصل؛ ومن قال إنه يكفر ويُقتل رِدة.
كيف نحافظ على الصلاة
1- استشعر أولا لماذا خلقت، قال تعالى مذكرا: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) ..} [الذاريات]
2- اصطحاب الأخيار والبعد عن الأشرار.
3- البعد عن الذنوب والسيئات.
4- التفكير في فوائد الصلاة وأهميتها، وعقاب تاركها
5- الأخذ بالأسباب، كاستعمال المنبه ونحوه.
هذا وصل اللهم وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
وسوم: العدد 650