درس في صلة الرحم في مدرسة رسول الله
- دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة منتصراٌ ، وقف عند حِلَقِ باب الكعبة منحياً , وهو يقول للقرابة وللعمومة , ما ترون أني فاعل بكم ؟ فيقولون وهم يتباكون : أخ كريمٌ ، وابن أخ كريم , فتدمع عيناه , ويقول : صلى الله عليه وسلم : اذهبوا فأنتم الطلقاء !
- يسمع ابن عم رسول الله أبو سفيان بن الحارث بانتصار رسول الله , وقد آذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وشتمه وقاتله , فيأخذ أطفاله ويخرج من مكة , فيلقاه علي بن أبي طالب رضي الله عنه , ويقول له : يا أبا سفيان إلى أين تذهب ؟ اذهب إلى الصحراء فأموت جوعاً وعرياً ! والله لئن ظفر بي محمد ليقطعني بالسيف إرباً إرباً !فيقول علي : أخطأت يا أبا سفيان إن الرسول أبر الناس , وأكرم الناس , فعدْ إليه , وقل له كما قال إخوة يوسف ليوسف ( تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ) فيأتي بأطفاله ويقف عند رأس رسول الله , ويقول : يا رسول الله , السلام عليك ورحمة وبركاته . (تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين ). فيبكي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول : ( لاتثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين ) .
- تأتي إلى رسول الله أخته من الرضاعة , وكانت في سبي , وقد ابتعدت عنه عقوداً , وهو لا يعرفها , وهي لا تعرفه , وتسمع وهي في بادية بني سعد في الطائف بانتصاره ,فتأتي لتسلم على أخيها من الرضاعة , وهو تحت شجرة , يوزع الغنائم بين العرب ، فتستأذن فيقول لها الصحابة :من أنت ؟ فتقول : أنا أخت رسول الله صلى الله علية وسلم من الرضاعة , أنا الشيماء بنت الحارث , أرضعتني أنا وإياه حليمة السعدية , فيخبرون الرسول , فيتذكر القربى وصلة الرحم , ويقوم لها ليلقاها في الطريق ويرحب بها ترحيب الأخ بأخته بعد طول غياب , ويجلسها مكانه , ويظللها من الشمس , رسول الله يظلل هذه العجوز أخته من الرضاعة من الشمس , ويترك الناس وشؤونهم , ويقبل عليها ويسألها , وهو يقول لها : يا أختاه كيف حالكم ؟ يا أختاه اختاري الحياة عندي , أو تريدين اهلك ؟ فتقول : أريد أهلي , فيمتعها بالمال ويعطيها مئة ناقة , ليعلم الناس صلة الأرحام .
العبادات مطارق تقرع الأوردة والشرايين لينتشر منها الحب والخير ، العبادات نور يلفح القلب ليسمو بالرحمة والود،العبادات مصانع تغذي الإنسان بفيض من أسماء الله وصفاته،متى يشعر المسلم أن ربح العبادات تنير قلبه فينتشر عطرها في عمله وسلوكه فالعبادات بلاروح،كالجسد بلاروح، (واعبدوا الله ولاتشركوابه شيئا"وبالوالدين إحسانا"وبذي القربى )أمر الله عباده بعبادته،وأن يبعدوا الشرك عن قلوبهم ، وأن يحسنوا للوالدين ، وأن يلتحموا مع قرابتهم وطالب الله عباده بالإحسان لقرابتهم( آت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل)ورسم رسول الله صلى الله عليه وسلم للمؤمنين خطوطا"تأخذهم إلى الجنة إذاعلموابمنهجها( ياأيها الناس،أفشوا السلام،وأطعموا الطعام،وصلوا الأرحام،وصلوا بالليل والناس نيام،تدخلوا الجنة بسلام ).مجموعة من الأعمال،تدعم بعضها بعضا"، إذا التزم بها المسلم مجتمعة"،ونبض خيرها في قلبه وسلوكه وعمله،أخذته إلى الجنة.
قديما"قالوا العقل السليم بالجسم السليم، فإذاكان جسم المجتمع سليما"، وأفراده يترابطون ويتماسكون ويحب بعضهم بعضا"،كان عقلهم سليما"، ونتج عنه القوة المتفاعلة،التي تجعل المجتمع قوة ضاربة،تمكن له السيادة في الأرض وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره ، فليصل رحمه)
وسوم: العدد 659