على أبواب رمضان

الشيخ حسن عبد الحميد

في السنة شهر نسميه الربيع .. 

فيه تفتق اﻷشجار وتزهر اﻷزهار ..

اقرأ عنه ( وترى اﻷرض هامدة فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج ) الحج 5

انظر إلى اﻷرض ترى اﻷعاجيب شقائق النعمان اﻷحمر وإلى جانبه زهر أبيض نسميه قداح اللبن ..

في شهر ربيع منذ أكثر من ألف عام ولد سيد الكائنات محمد عليه الصلاة والسلام ..

قال شوقي : 

     ولد الهدى فالكائنات ضياء 

                       وفم الزمان تبسم وثناء 

وقالوا عن هذه اﻷيام ربيع اﻷجسام ..

أما ربيع القلوب فهو رمضان ..

وقد أظلنا أيامه ..

إن رمضان فرصة لﻹنابة ومحاسبة النفس .. فالدنيا دار بﻻء مشحونة بالمتاعب .. مملوءة بالمصائب .. 

وجاء رمضان ...

رمضان الذي قيل فيه من جاءه رمضان فلم يغفر له فﻻ غفر الله له ..

يقولها جبريل عليه السﻻم ومحمد صلوات ربي وسﻻمه عليه يقول آمين ..

أي يارب استجب .

واسمع فضائل هذا الشهر ..

( أتاكم رمضان شهر بركة ، يغشاكم الله فيه برحمته ، ويحط الخطايا ، ويستجيب الدعاء ، ينظر الله إلى تنافسكم فيه ، ويباهي بكم مﻻئكته ، فأروا الله من أنفسكم خيرا ، فإن الشقي من حرم رحمة الله ) الطبراني .

رمضان شهر العبادات والطاعات .. شهر العفة والنقاء .. والطهر والصفاء .. شهر التوبة والصيام .. والصﻻة والقيام ..شهر الجود والقرآن .. له في قلوب الصالحين بهجة .. وفي قلوب العباد فرحة ..

فيه تسمو النفوس وتصفو القلوب .. 

يدع الناس فيه مايشتهون ..ويصبرون عما يرغبون .. استجابة لربهم وطاعة لموﻻهم .. 

دموع تنهمر .. وزفرات تنتشر .. فيه تكثر التوبة وتصفد الشياطين .

( إذا كانت أول ليلة من رمضان ، فتحت أبواب الجنة ، فلم يغلق منها باب ، وغلقت أبواب جهنم ، فلم يفتح منها باب ، وصفدت الشياطين ، وينادي مناد : ياباغي الخير أقبل ، وياباغي الشهر أقصر ، ولله عتقاء من النار وذلك كل ليلة ) أخرجه البخاري ومسلم .

رمضان يستقبل بالتوبة النصوح .. وترك المحرمات .. واﻹقﻻع عن المعاصي في كل وقت وحين .

ماأعظم رمضان .. وماأروع هباته وعطاياه .. شفيعا لصاحبه يوم القيامة .. شهر بر ونماء ..

شهر جود وكرم وعطاء ..

فﻻ تنسوا إخوانكم الفقراء والمهجرين في المخيمات وغيرها .. واﻷرامل والمعوذين .. واﻷيتام والمحتاجين ..

فمنهم من تمر عليه الليالي ﻻيجد لقمة يفطر عليها .. أو شربة يمسك بها ..

في الغوطة المحاصرة وحمص وحلب وداريا ودير الزور وغيرها .. 

وأنتم تتقلبون في نعم وخيرات ..

وعطايا وهبات .. فأروا الله من أنفسكم خيرا .. 

آتوهم من مال الله الذي آتاكم .. وﻻتبخلوا .. فإنه من يبخل فإنما يبخل عن نفسه .. والله الغني وأنتم الفقراء ..

إخوانكم الفقراء أمانة بين أيديكم يسألكم الله عنهم يوم القيامة .. فماذا أنتم قائلون .. 

جوع موجع .. وذل مفجع ..

فأسالوا عنهم الثقات .. 

وهناك المرشد المعين .

أراد بورقيبة الزعيم العلماني أن يفرض اﻹفطار على العمال في رمضان ﻷن ذلك يضر باﻻنتاج في نظره .. 

فأحضر المفتي ليسبغ عليه الشرعية .

صعد المفتي المنبر وقرأ قول الحق تبارك اسمه : ( ياآيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعكم تتقون ) البقرة 183.

ثم قال : صدق الله .. وكذب أبو رقيبة .

ونزل المنبر وسيق إلى السجن .. واهتز الكرسي تحت الزعيم العلماني تلميذ فرنسا وصنيعتها .

بدأت اﻵية بنداء بصفة اﻹيمان .. ووراء النداء أمر .. كما يقول الحبر ابن عباس .

كتب : أي فرض .. فالصيام هنا فرض .. وهو رمضان .. أما غيره فنفل كصيام اﻹثنين والخميس وست من شوال ويوم عرفة لغير الحجاج ويوم عاشوراء .

( لعكم تتقون ) 

ماهي التقوى ؟ 

هي ثمرة الصيام .

سأل عمر رضي الله عنه أبيّ بن كعب ماالتقوى ؟ فقال ياأمير المؤمنين : أما سلكت طريقا فيه شوك ؟ فقال : نعم ، قال : فماذا فعلت . قال عمر : أشمر عن ساقي وانظر إلى مواضع قدماي وأوخر أخرى مخافة أن تصيبني شوكة 

فقال أبيّ : تلك هي التقوى .

وهي كما عرفها أحد الصحابة وأثر عن علي رضي الله عنه : 

الخوف من الجليل .. والعمل بالتنزيل .. والرضى بالقليل ..واﻻستعداد ليوم الرحيل .

أعد قراءة هذا السطر عدة مرات بعناية لتعلم المقصود من الصيام في شهر رمضان .

رمضان ربيع القلوب .. فيه نزل القرآن .. فيه اﻻعتكاف وفيه القيام .. وفيه مضاعفة الحسنات .. وهو فرصة لﻹنابة ومحاسبة النفس ..

هيا إلى التوبة وهجر المعاصي ..

فاﻷيام تمر كلمح البصر ..

وإنها والله نذير للبشر ..

اللهم بلغنا رمضان .. 

واجعله شهر نصر وتمكين ..

انصر عبادك المجاهدين في سبيلك ..

انصرهم على عدوهم ..

اللهم أحصهم عددا .. واقتلهم بددا .. وﻻتغادر منهم أحدا .. اللهم أنزل عليهم بأسك الذي ﻻيرد عن القوم المجرمين .. اللهم أمين .

والله أكبر .. والعزة لﻹسﻻم

وسوم: العدد 672