معالم أساسية في فقه الدعوة الإسلامية

هيئة التأصيل الشرعي

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد .

إن للدعوة الإسلامية فقهها المتميز سواء في المبادئ أو الأهداف والوسائل، والداعية الحكيم هو الذي صقلته التجربة الميدانية وامتلأت مشاعره بحب دعوته والفناء فيها ولم يشغل قلبه أكثر من همه بدعوته ورسالته التي يحملها بين جنبيه.

ومن أهم تلك الأسس والمعالم الدعوية التي لا ينبغي للداعية أن يغفل عنها بحال من الأحوال الأمور التالية:

الأول: البصيرة الواعية

فالبصيرة الواعية هي أهم أسس الدعوة إلى الله تعالى كيف لا وقد قال الله تعالى:

{قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين} سورة يوسف الآية 108..

ومما يساعد على توفر هذه البصيرة عند الدعاة ما يلي:

1- العلم الذي يؤهل صاحبه لإقامة الحجة على الخلق جميعاً.

2- التكامل في ثقافة الداعية بين العلوم التراثية والعلوم المعاصرة.

3- أخذ العلم وأساليب الدعوة عن العلماء والدعاة الربانيين.

ولا يكفي الرجوع إلى الكتب وحدها في تربية الدعاة وإعدادهم وقد قيل في هذا الخصوص: لأن تصحب داعياً خير من أن تقرأ ألف كتاب في الدعوة.

الثاني: الحال الصادق

الدعوة إلى الله تعالى حالة وليست مجرد فكرة ومقالة، وفاقد الشيء لا يعطيه وحتى تتوفر هذه الحالة في شخصية الداعية لا بد من مراعاة أمور أهمها:

1- التخلق الصادق بما يدعو إليه أولاً.

2- العناية بالقلب ورقته لأن قسوة القلب حجاب دون التأثر والتأثير.

3- الاعتقاد بأن الدعوة الإسلامية رسالة وليست وظيفة وهي مهمة في الحياة يشرف الداعي بحملها  وأدائها وليست مهنة يرتزق من ورائها والفرق كبير بين النائحة والثكلى.

الثالث: معرفة العصر

إن العصر - زماناً ومكاناً وأشخاصاً - هو ميدان دعوتنا.

فما لم نعرف عصرنا على حقيقته فلن نفلح في تربيته وتوجيهه فضلاً عن تغييره وإصلاحه.

ولذلك لابد للداعية من ملاحظة المعاني التالية في هذا الميدان :

1- تلمس هموم الناس ومخاطبتهم بما يألفون وبما يحتاجون إليه.

2- التوازن بين المحلية والعالمية في إدراك العصر الحاضر.

حيث إن وسائل الإعلام المختلفة جعلت العالم كغرفة صغيرة أمامنا فلا بد للداعية أن يوازن في دعوته بين مجتمعه المحلي وظروفه واحتياجاته وبين العالم الكبير الذي يفرض تأثيره على المجتمع شاء الناس أم أبوا.

3- التكامل بين الرخص والعزائم.

فلئن أخذ الداعية نفسه بعزائم الأمور فهذا شأن القدوة وحاله، ولكن عليه أن يقبل من الآخرين أخذهم بالرخص إن اختاروا ذلك، وإن أراد رفعهم إلى مستوى العزائم فليكن عبر التربية الحكيمة والنفس الطويل الهادئ.

مع ملاحظة أن الله يحب أن تُؤتى رخصه كما يحب أن تُؤتى عزائمه، وليس الترخص أدنى الحالتين دائماً، والأمر يحتاج إلى فقه عملي وحياة مع الربانيين من الدعاة لتمييز هذا من ذاك من خلال فقه الواقع ومعرفة الملابسات والبواعث والخلفيات وبيئة الحدث ومآلات الأمور وتداعيات الأحوال.

هذا والله أعلم

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

هيئة التأصيل الشرعي لجماعة الاخوان المسلمين في سورية

الاثنين 9\8\1437هـ الموافق 16\5\2016م 

وسوم: العدد 674