ليلة القدر

قال العلماء وسميت ليلة القدر لما يكتب منها للملائكة من الأقدار والأرزاق التى تكون فى هذه السنة كقوله تعالى {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ * فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ } وقولة تعالى{ تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ}

ومعناه يظهر للملائكة ما سيكون فيها ويأمرهم بفعل ماهو من وظيفتهم وكل ذلك مما سبق علم الله تعالى به وتقديره له

وقيل سميت ليله القدر لعظم قدرها وشرفها وقيل أيضاً لأن العمل الصالح فيها يكون ذا قدر عند الله لكونه مقبولا

فضلها

هى أفضل ليلة فى ليالى السنة قال الله تعالى ' لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ '

أى أن العمل الصالح فى هذه الليلة خير من العمل فى ألف شهر ليش فيها ليلة القدر وهذا بعض عطاء الله تعالى لعباده المؤمنين

وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال دخل رمضان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ' إن هذا الشهر قد حضركم وفيه ليله خير من ألف شهر من حرمها فقد حرم الخير كله ولا يحرم خيرها إلا محروم' رواه بن ماجه

وعن ابى هريرة فى الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ' من قام ليلة القدر إيماناً واحتساباًغفرلهماتقدم من ذنبه'

وهذا من فضل الله تعالى يعطيه من يشاء من عباده ولايسع الؤمن إلا التسليم والإقرار والسعي والاجتهاد حتى يكتب من السعداء فى هذه الليلة جعلنا الله تعالى وإياكم من السعداء فى هذه الليلة المباركة

وقد اتفق العلماء على وجود ليلة القدر ودوامها إلى آخر الدهر للأحاديث الصحيحة المنشورة

حكمة إخفائها

وقد أخفى الله ليلة القدر عن الناس ولذلك حكمة بالغة ليحصل الاجتهاد فى التماسها بخلاف مالو عينت لها ليلة لاتقتصر عليها لكن لما أخفى تعيينها عن الخلق نشط المتقون فى طلبها وشمروا لها فهم يطلوبنها من اول ليلة فى الشهر الكريم فإذا دخل العشر الأواخر اقتدوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فأحييوا الليل كله وأيقظوا الأهل وشدوا المئزر وعكفوا على طلبها مكابدين الليل والنهار فحصل لهم من ذلك الخير العميم والثواب العظيم وهم لايبالون بما اختلف فيه الفقهاء فى أى ليلة تكون ليلة القدر فهم فى كل ليلة مستعدون وبين يدى ربهم الجليل واقفون طالين الفضل منه والاحسان فكيف يردهم الملك الجليل؟

وقد ذكر الإمام ابن حجر فى الفتح أن للفقهاء فى تحديد ليلة القدر أقوالاً كثيرة أحصاها فبلغت ثمانية وأربعين قولاً وبعضها يمكن رده الى بعض وإن كان ظاهرها التغير ثم قال:

وأرجح هذه الأقوال أنها فى وتر العشر الأخيرة وأنها تنتقل كما يفهم من الأحاديث التى أوردها الإمام البخارى فى ذلك الباب وأرجاها أوتار العشر وأرجى أوتار العشر عند الشافعية ليلة أحدى وعشرين أو ثالث وعشرين وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين

بما يحصل قيامها

أقل القيام ما قال به الإمام الشافعى رحمه الله : من شهد العشاء والفجر ليلة القدر فقد أخذ بحظة منها واستحب أن يكون اجتهاده فى يومها كاجتهاده فى ليلتها

وهى تعمر بالقيام بين يدى الله العظيم وبتلاوة القرآن الكريم والذكر الحكيم والصلاة والسلام على النبي الأمين وكثرة الاستغفار والتوبة

نسأل الله تعالى أن يكرمنا جميعاً بهذا الفضل العظيم

وسوم: العدد 674