وداع رمضان وشباب همة ..

الشيخ حسن عبد الحميد

نحن الآن في اليوم ٢٤ من رمضان المبارك ، وقد انهيت تلاوة ودراسة خمس أجزاء من القرآن الكريم في هذا اليوم

وكنت أعد نفسي لكتابة خاطرة عن ليلة القدر ، وما أدراك ماليلة القدر ، هذه الأيام الكريمة الفاضلة التي حدث فيها فتح مكة المكرمة ، ومافيها من أحداث بعد أن أنهى النبي الكريم عليه السلام صلح الحديبية ركب جمله عائدا إلى المدينة المنورة  وبينه وبين بلده المنورة به عليه السلام ٥٠٠ كم تقطع على الجمل بخمس أيام ، اتخيل جمله صلى الله عليه وسلم يلهب الصحراء عائدا إلى طيبة ، هذا الجمل أخذته النشوة وهو يحمل نبيا كريما عظيما عليه السلام فهو يقفز في الصحراء قفزا ، ونبينا عليه السلام يرجع سورة الفتح  ( إنا فتحنا لك فتحا مبينا ١ ليغفرلك الله ماتقدم من ذنبك وماتأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطا مستقيما ٢ وينصرك الله نصرا عزيزا ٣ ) يرجع النبي العظيم صلى الله عليه وسلم السورة بنشوة عارمة ، ويجيب لمن سأل عن صلح الحديبية هل هو فتح ؟؟

فيجيب نعم فتح .

وعادت بي الذاكرة إلى أيام كنا في مدينتنا الباب ننعم بالحرية والكرامة وفي العشر الأواخر بل من منتصف الشهر كنا نودع رمضان على منارة الجامع الكبير الشيب والشباب بل والأطفال نهتف :

ياشهرنا هذا عليك السلام

وصف الواصفون حياة نبينا عليه السلام أنه كان يشد المئزر إذا دخلت العشر الأواخر ، وشد المئزر كناية عن الاهتمام بوداع الشهر العظيم وصاحبكم مئزره مشدود منذ زمن .

كما قلت نحن قادمون إلى ليلة عظيمة ذكرت في سورة الدخان ( إنا أنزلناه في ليلة مباركة إنا كنا منذرين ٣ فيها يفرق كل أمر حكيم ٤ أمرا من عندنا إنا كنا مرسلين ٥ رحمة من ربك انه هو السميع العليم ٦ )

وكنت انتظر من ينقلي إلى بيت الدعوة القرآني ، فإذا بهم يأخذونني إلى عمل عظيم توزيع وجبات الإفطار على بيوت الفقراء ونلت شرف المشاركة في التوزيع على الأيتام والفقراء تولاه فريق عمل مكون من ولدنا والحاج نعيم المؤتمن من قبل أغنياء البلد أكرمهم الله وبارك لهم في مالهم ، وأنا أقول لكل غني(  فبهداهم اقتده )٩٠ الانعام  ، واذكره بقول الحق ( وتعاونوا على البر والتقوى ) المائدة ٢

أنا شخصيا نلت شرف توزيع الوجبات قبل الإفطار للأفواه الجائعة ، ولقد كان النبي عليه السلام في كرمه الرمضاني كالريح المرسلة .

وأخيرا وصلنا إلى بيت القرآن وكان الإفطار معدا لخمسين من الصائمين ، شارك في الإفطار شباب همة الدعاة إلى الخير بقيادة الأخ المصري الأستاذ عمر أبو زيد والأخ الأستاذ متولي تلاميذ سيد رحمه الله ، وأخوة كليس يمثلهم الأخ عبد الرحمن رضوان

أما شباب همة ، فرب همة أيقظت أمة ، فهم نجوم هدى ، فأترابهم منصرفون إلى اللهو والمخدرات والبحث عن المتعة عند البنات ، شباب همة الذين رأيناهم أنوار الهدى تشع من عيونهم ، وهل كان أصحاب رسول الله عليه السلام إلا شبابا منهم من مثّل في بدر بفرعون الأمة أبو جهل .

قمنا إلى صلاة المغرب جماعة بإمامة الأخ التركي الخوجة عبد الرحمن حفظه الله ، تلاها درس وتسبيح ونشيد ودعاء  ثم صلاة العشاء والتراويح بإمامة الشيخ السعيدي حفظه الله ، وماأعظم رتل الشباب وهو يصلي التراويح وكان في الحاضرين بعض إخوتنا الأتراك .

كان هذا اليوم من أسعد أيام رمضان ، وجوه صبيحة وأنوار إيمانية بادية وخير الطعام والبركة ماتكاثرت عليه الأيدي ، كان الإفطار على التمر ثم الطعام المبسط ، وماأحسن الدين والدنيا إذا اجتمعا  

             وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل .

ووضعت الظلال أمامي لأعيش في أجواء ليلة القدر ، والظلال كانت طبعته الشرعية الأولى سنة ٩٧٣ وطبع أكثر من ٣٥ طبعة إلى  نهاية ٢٠٠٤ وهو بست مجلدات ضخمة ، وربما وصل الرقم إلى يومنا هذا إلى الطبعة الخمسون

اذكر أن جنرلا من الشرطة همس في أذني اشتر لي الظلال وقد فعلت ، وفي أيام التمشيط حورب الظلال محاربة عمياء ، دخل جنرال أخذ كتابا من مكتبة أخينا علي علاف رحمه الله وفتحه قائلا ماهذا ؟؟ 

قال صاحب البيت كتاب في تفسير القرآن ، قال الجنرال الغبي بس مايكون الظلال ، والذي في يده هو الظلال ، وصوردت المكتبة ؟؟؟ 

كما صوردت مكتبتي في مدينة الباب

الظلال صاحبه دفع الثمن رقبته رحمه الله ، وأعدم العبد الخاسر صاحب الظلال وشنق وعمره ٦٥ سنة والقانون العالمي يمنع إعدام من بلغ ال ٦٥ لكن الأوامر جاءت من موسكو بإعدامه ، كان الزعيم المغربي في مصر ليلة إعدام سيد فخرج مسرعا قائلا إن غضب الله سينزل على مصر ، وقد كانت هزيمة حزيران ومات نصف الجيش المصري عطشا في صحراء سيناء .

استعمرت فرنسا الجزائر وقدم الشعب الجزائري مليون شهيد حتى تحرر ، ووقف الجيش الجزائري ومعه أبو مدين وابن بيلا ينشدون : مبروك يامحمد عليك الجزائر عادت إليك 

وقريبا إن شاء الله سنسمع نشيد المجاهدين في سوريا يهتفون : مبروك يامحمد عليك سوريا عادت إليك

تحية لشباب همة ، تحية لإخوة مصر ، تحية لإخوة كليس ، 

والله أكبر ولله الحمد 

وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 675