البيت المسلم السعيد
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد.
من رحمة الله للإنسان أن جعله يتفاعل مع البيئة التي حوله، يأنس بهم ويأنسون به ، فالإنسان اجتماعي بطبعه (كما قرر ذلك علماء الاجتماع)، لذلك لما خلق الله آدم وأحس آدم بالوحدة خلق له حواء، ثم نشأت بعد ذلك أسر وتكونت من الأسر مجتمعات ودول، كما قال - U - : ] يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ» [سورة الحجرات:13]
وتعد الأسرة في بناء المجتمع هي الركيزة الثانية بعد تكوين الفرد، بل لا نستطيع أن نكون الفرد الصالح إلا من خلال تكوين الأسرة الصالحة، ولن يكون هناك مجتمع صالح إلا من خلال الأسرة الصالحة، فالأسرة عصب الحياة، فتكوين البيت المسلم خطوة مهمة وأساسية في بناء أي مجتمع.
لذلك نجد الشريعة الإسلامية اهتمت بالبيت وإعداده حتى يثمر في عملية الإصلاح الكلية، فجعلها تكليفًا على الإنسان ، فقال - U - : ] يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا[[البقرة:6]، وقال : ] وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ [ [ الشعراء:214]، وهى مسئولية مشتركة بين أفراد الأسرة جميعا ، كما روي عن عبدالله بن عمر –رضي الله عنهما– عن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال : « كُلُّكُمْ رَاعٍ فَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ» . متفق عليه.
وعن عائشة – رضى الله عنها – عن النبي - r - قال: « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنا خَيْرُكُمْ لأَهْلِي» أخرجه: ابن حبان، والبيهقي في شعب الإيمان الترمذي - حسن صحيح غريب .
خصائص البيت المسلم :
ويمتاز البيت المسلم بخصائص تميزه عن غيره من البيوت ،بأنه بيت يصون جناب التوحيد لله - تبارك وتعالى - ويهتم بذلك من ولادة الإنسان ويؤذن في أذنه بشهادة التوحيد ، إلى أن يموت على شهادة التوحيد؛ ويهتم بالاعتناء بالطاعات والعبادات، فتصطحب أطفاله الصغار للمساجد ، ويدربهم عليها وعلى الصيام وغيره من العبادات والطاعات ؛ ويحافظ على القيم الإسلامية، مثل الأمانة المراقبة ، الصدق، والحبن والإخلاص.. إلخ ؛ ويحرص على الأكل من الحلال والبعد عن الحرام ، كما كانت المرأة الصالحة توصي زوجها وهو ذاهب للعمل : اتق الله ولا تطعمنا إلا من حلال فإنا نصبر على جوع الدنيا ولا نصبر على نار الآخرة.
ويراعى البيت المسلم هدى الإسلام في كل شئون الحياة المنزلية من اللباس والزيّْ، الطعام والشراب واليقظة والنوم وكل متطلبات الحياة؛ كما يراعى القيم الجمالية والنظافة والسلوك المهذب فإن" الله جميل يحب الجمال". [جزء من حديث رواه مسلم].
ويراعى الاقتصاد في المعيشة وعدم التبذير كما قال - U - : ] وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا [ [ الفرقان :67]
ويراعى أدب السلوك مع الكبار والصغار والجيران والإخوان ، كما في حديث عبادة بن الصامت - y - عن النبي - r - قال : « لَيْسَ مِنَّا مَنْ لمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا وَيَرْحَمْ صَغِيرَنَا! وَيَعْرِفْ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ». أخرجه : أحمد، والطبرانى، والحاكم.
وسائل تحقيق السعادة بالبيت المسلم :
ونستطيع أن نضع بعض الوسائل العملية لتحقيق السعادة في البيت المسلم، مثل: إحسان الاختبار للزوج والزوجة والجيران والبيت وغيره، فهذا يعد من أهم العوامل في نجاح البيت المسلم.
وعمل لقاء أسرى تربوي ولو مرة في الأسبوع، ونزهة للخلاء أو الزيارات ولو مرة شهرية للإشباع النفسي والعاطفي والاجتماعي، وعمل ورد محاسبة لجميع أفراد الأسرة.
الشيخ عبدالعزيز رجب
من علماء الأزهر الشريف
وعضو الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين
وسوم: العدد 687