حديث الجمعة :الإنسان بين المهد واللحد

الشيخ حسن عبد الحميد

ولدت الأم وليدها ، عانت فيه ماعانت ، وجاء دور الرعاية والإرضاع ، وكما قال تعالى ( حملته أمه وهنا على وهن ) 

وبدا الصغير خطواته الأولى وأمه ومعها أبوه يلاحقان وبفرح غامر كل خطوة من خطواته 

وانتقل هذا المولود من ضعف إلى قوة ، ثم إلى ضعف فشيبة فشيخوخة ، وأحيانا ترى هذا الوليد وقد رّد إلى أرذل العمر ، وتسمع المنادي يقول انتقل فلان إلى رحمة الله ، أي مات وانتقل من سعة الدنيا إلى ضيق القبر ، أي إلى مثواه الأخير .

هذا المثوى فندق بدون نجوم ، بل ولا فراش ولاتهوية ولا وسادة ، وصدق من قال : 

كل ابن أنثى وإن طالت سلامته 

  يوما على آلة حدباء محمول 

شيّع الأحبة فقيدهم ثم ذهبوا ، وخلفّوه وحده لا يرافقه إلا عمله ، هل مررت بالمقبرة ! 

فيها أحبابك ، أقاربك ، الاصدقاء ...

يقول أبو العلاء المعري ( من شعراء العصر العباسي ) في قصيدة له تعد من أعظم قصائد الرثاء في تراثنا العربي يتكلم فيها عن الموت والحياة  : 

صاح هذي قبورنا تملأ الرُحبَ

        فأين القبور من عهد عاد 

أجل أين القبور !

ف ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام ) وقال سبحانه ( أينما تكونوا يدرككم الموت ولو كنتم في بروج مشيدة )  فسبحان من قهر عباده بالموت  !

إن نبينا عليه الصلاة والسلام نصحنا بزيارة القبور لنتذكر الآخرة ، لذا ساء عملا من يمر المقبرة وهو يضحك ويلغو ويدخن !

سيدنا عليه الصلاة والسلام مات ودفن في حجرة زوجته عائشة رضي الله عنها وعن أبيها ، واحذر من أن تظن أن النبي عليه السلام مدفون في المسجد ، دفن عليه السلام حيث قبض صلى الله عليه وسلم في حجرة عائشة رضي الله عنها .

نحن مطالبون بزيارته والسلام عليه والدعاء لأنفسنا ، وعند أهل السنة والجماعة القبر لا يقدس كائنا من كان !

ويكذب على الله من يقول أن زيارة قبر البطل الحسين رضي الله عنه تعدل عشر حجج !

إن مقام السيدة زينب رضي الله عنها يُحارب من أجله ، ويذبح كل من لا يقدس قبرها ؟

وأهل السنة لا يقولون أن إماما من الأئمة دخل سردابا في سامراء ورقمه ١٢ ! 

والمسلمون ينتظرون عودته ويقولون عجّل الله فرجه ؟

إن زيارة نبينا عليه السلام لاتغني عن الحج ! 

فالحج له أعماله من طواف وسعي ووقوف بعرفة ، وزيارته عليه الصلاة والسلام في مسجده لا تغني عن حج وزيارة مكة وعرفة !

 الزيارة للحبيب شيء والحج شيء آخر ، فكاذب ثم كاذب من يقول أن زيارة كربلاء تعدل عشر حجج !

إذا حججت فزر قبل الحج نبي الهدى عليه السلام، أو زره بعد الحج صلى الله عليه وسلم ، وإذا عدت إلى وطنك فاجعل فمك يتعطر بالصلاة عليه ، وإذا سمعت الأذان في بلدك فقل ( اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت سيدنا محمد الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته )  

أكثر ثم أكثر من الصلاة عليه فهو شفيعك يوم الدين ، والله وملائكته يصلون على النبي فكن أنت من المصلين ، كن أنت جزءا من هذا الموكب النوراني .

 واحذر أن يكتب قلمك عند ذكر النبي أن تكتب ( ص ) أو ( صلعم ) قلها بقوة وارفع صوتك بها وذكر بها كل الناس ، قل صلى الله عليه وسلم . 

أقسم الله به فقال : لعمرك ، يقسم مولانا باسم محمد عليه السلام ، علما أن نبينا الكريم عليه السلام علمنا أن القسم لايكون إلا بالله ، أو باسم من اسمائه ..

 لاتقسم ياأخي المسلم بالأولياء : جيلاني ، رفاعي ، بدوي ...! 

إن النساء في بلدنا يقسمن بالشيخ عقيل والنبي حزقيل ! احذر هذه الأقسام ، قل : والله وبالله وتالله 

هل حججت سابقا كرر الحج بعد خمس سنوات ، لا تحرم نفسك من أنوار العبادة وزيارة الحبيب ولاتنسى قوله عليه السلام :

( لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح ابن مريم إنما أنا عبد الله ورسوله ) 

 إن بعض المسلمين مرقوا من الدين بالمبالغة والتقديس لبعض المسلمين كالحسين رضي الله عنه ، وعلي رضي الله عنه .

 واضرب بالحائط قول سني تشيع فقال قبلوا بخشية أعتابهم ، أبدا نحن لانقبل إلا الحجر الاسود في الكعبة المشرفة ، هذا الدين اتباع وليس ابتداع  .

إن النبي عليه الصلاة والسلام لما حلق في منى تخاطف الصحابة شعره ، وسيدنا خالد رضي الله عنه كان يضع من شعرات النبي عليه السلام في طاقيته ويقول بها استنزل نصر الله .

لانبالغ في حب آل البيت  ، نصلي عليهم في كل صلاة ، لكن لا نقول ياحسين بل ياالله ! 

ولا نشعل حربا باسم السيدة الجليلة زينب رضي الله عنها ، فسيدنا محمد عليه السلام علمنا أن نقاتل لتكون كلمة الله هي العليا .

 وساء عملا وقبح فعلا من يحارب أهل السنة والجماعة رافعا راية حرب المقامات ، ويكتب على رايته ياحسين !

الرايات التي حملها الصحابة رضوان الله عليهم في جهادهم شعارها ( الله أكبر ) ، وأخيرا على الباغي تدرو الدوائر  .

أيها الناس ( أكثروا هادم اللذات : الموت ) رواه الترمذي 

أكثروا من زيارة المقابر فهي سنة رغب الشرع فيها لأنها تذكر الموت والآخرة ، سلّم على أهلها ، واحرص على عدم الجلوس على القبور ( لأن يجلس أحدكم على جمرة فتمزق ثيابه جتى تخلص إلى جلده ، خير له من أن يجلس على قبر ) رواه مسلم .

 وليس لزيارة القبور وقت محدد فدع الخرافات والبدع التي أحدثت في ذلك !

أقول هذا القول واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه . وصلوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم  .

اللهم فرج كرب أهالي مدينة الباب الصابرة .. ارحم شهداءنا يارب 

ممن قتل بقصف غادر أو لغم فاجر .  

 وفرجك ياقدير

وسوم: العدد 708