خواطر فؤاد البنا 803
كَم هو الفرقُ كبيرٌ بين العزيز والمُتكبِّر، فالعزيز يَرفع رأسَه فخراً بالفكر الذي يَحمله بين جوانحه وبالقيم التي يتبنّاها ويدعو إليها في سَرّائه وضَرّائه، ودون أن ينتقص أحداً أو يَغمط حق أحد، بينما المتكبر يَشمخ بأنفه فرحاً بذاته الترابية ومُفتخراً بالحيوان المَنَوي الذي جاء من نسله، ومن ثم فإنه لا يتورَّع عن دوس غيره بقَدميه!
*****************************************
من ينظرون إلى الحضارة الغربية بعين واحدة يَرون أنها خير محض أو شر مطلق، والحقيقة أنها ليست هذا ولا ذاك، فهي ليست عصا موسى التي تصنع المعجزات وتُهلك الطواغيت بإذن بارئها، ولا عصا فرعون التي تَضرب الهامات وتستعبد الأحرار، إنها ليست يَد عيسى الذي يُبرئ الأكمه والأبرص ويُحيي الموتى بإذن الله، ولا يَد النمرود التي استطالت على الخَلْق، وطبعت أخاديد الذل في خُدود المستضعفين، إنها ليست المسيح الذي تنتظرونه ليحل مشاكلكم وينصركم على أعدائكم، ولا المسيخ الدجال الذي يمكنه أن يَفتنكم عن دينكم إن كان في قلوبكم!*
*****************************************
*الحضارة الغربية يا قوم منظومةٌ ضخمة من الأفكار والممارسات التي حقّقت قدراً من الانتصارات على الجهل والطبيعة الصعبة وتسبّبت للبشر بعدد من الانكسارات الأخلاقية والسلوكية، وهي جهد بشري كبير ومتباين، فيه ما يَعرُج بالناس في درجات الإنسانية الكريمة، وفيه ما يَنحَطّ بهم في دركات البهائمية اللئيمة!*
*****************************************
الشعوب التي تنام عن حقوقها، ستكتشف عندما تصحو أن كرامتها عُملةٌ بلا قيمة، وستعرف أن حريتها صارت شيكاً من دون رصيد!
*****************************************
يَعُدّ الحكماءُ من يتعثَّر بحَجَرة واحدة مرّتين أعمى، ولقد تعثّرنا بحَجَرة الأمم المتحدة منذ تأسيسها مئات المرات، فمن يُداوينا من هذا العمى؟!
*****************************************
الخطايا هي الحَطَب الذي يحترق به الإنسان، فمن أحاطت به خطيئاته فكأن النار قد أحاطت به من كل اتجاه!
*****************************************
لقد جعل الطغاةُ الحُرّيةَ جَمْرةً تَلتهبُ في أيدي الأحرار، لكنها تظل خيراً من سعير العبودية الذي يلتهم قلوب العبيد ويجعلهم كائنات باهتة، بلا معالم آدمية ولا مشاعر إنسانية، فلا كرامةَ تَعنيهم ولا عزّةَ تُؤويهم، ولا يَهمهم من وَضع بيادته على رؤوسهم، ما داموا يأكلون الطعام ويمشون في الأسواق!
وسوم: العدد 803