الأرض والسماء الدنيا
شدا البلبل وهدهد الهدهد فقلت في نفسي : ربما تعلم الأطيار ُ أكثر منا في أيّ مكان من الكون نقبع .
فاتّساع الكون منذ الإنفجار الأول حتى يومنا هذا وما بعده ما زال يزداد اتساعاً وسرعةً إلى أن يشاء الله بإعادة الخلق كما بدأه أول مرة لمّا كانت السماوات والأرض رتقاً ففتقهما الله الخالق الفعّال لما يريد الذي أتقن كل شيء صنعه فأبدع .
وما الوحدات الفلكية والمسافات الضوئية وحجم المجرات واتساعها وعددها الهائل إلا دليلا على عظمة الله الواحد الصمد فسبحانه الذي قال : (لخلق السموات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) .
وقيل إن الزمان والمكان في الدنيا قد بدآ منذ الإنفجار الأول ؛ بالنسبة للمكان ربما ، لكن بالنسبة للزمان فلا أظن ذلك لأن الله هو الدهر وهو تعالى الأول والآخر .
نبدو نحن في مجموعتنا الشمسية بالنسبة للكون على طرف مجرتنا ربما كدجاجة مع صيصانها ، وكلما ابتعدنا أكثر ونظرنا فيما لو استطعنا النظر لتلاشينا واختفينا .
فأقرب مجرة كبيرة إلينا هي مجرة أندروميدا أو المرأة المسلسلة وتبعد عنا 2.5 مليون سنة ضوئية .
ناهيك عن مليارات المجرات بما تحويه من مليارات النجوم وملايين المسافات الضوئية ، هذا بالنسبة للكون المرئي ، والكون غير المرئي أكبر ، فتخيّل .
فإذا كنا حتى بخيالنا لا نستطيع تخيل هذا الكون في السماء الدنيا فقط فكيف برحابة واتساع جنة واحدة من جنات الآخرة التي عرضها عرض السماوات والأرض ؟!
وهذا يجعلنا لا نستغرب من أنّ أدنى أهل الجنة منزلة يوم القيامة له أضعاف أضعاف ملك من ملوك الدنيا على كثرة الخلق منذ زمن آدم عليه السلام وحتى قيام الساعة .
ولا عجب كذلك من وجود عوالم أخرى لا تعلم بنا ولا نعلم بها ، وحتى لو أذن الله باتصالنا أو اتصالهم بنا بطريقة ما فلن تكون تلك المخلوقات بأجمل من الإنسان لأن الله خلق الإنسان في أحسن تقويم .
ففي أفلام الخيال العلمي الأجنبية كنا نرى حسب التصور البشري مخلوقات تختلف قليلا عن الإنسان كجسم انسان لكن بأذنين كبيرتين أو عين واحدة أو زيادة في عدد الأصابع أو نقص ، فكل ذلك كان يشوه الصورة .
وأخيرا أليس عجيبا أنّ أمام البشرية هذا الكون الرحب الجميل العظيم فيغفلون عن التدبر فيه بدل من انشغالهم في الحروب وقتل أنفسهم وسرقة خيرات بعضهم ، أليس حريا بنا إنفاق الأموال في البحوث الطبية والعلمية وتسخير الآلات في صناعة الأقمار الصناعية والتلسكوبات الفضائية ليكون هدفنا في الحياة أعلى وأسمى وأشرف بدل ممن إغراق أنفسنا في بحار الدم والجهالة والكراهية .
وسوم: العدد 808