الخاطرة ٢٠٩ : ابن رشد الفيلسوف المظلوم الجزء ١٠
خواطر من الكون المجاور
المشكلة اليوم أن ثقافة الإنسان المعاصر تعتمد قاعدة مادية تعاني من إنحطاط روحي ، لهذا من الصعب أن نشرح هذا الموضوع بصفحات قليلة . ولكن أعتقد أنه مع شرح الحكمة الإلهية في ظهور الاسلام ، القارئ سيأخذ فكرة عامة عن معنى كل مرحلة وطبيعة التجديد فيها .
نبي الإسلام محمد صلى الله عليه وسلم من قبيلة قريش ، ونسب قريش يعود إلى جدها الأكبر (عدنان) وحسب رأي العلماء المسلمين أن عدنان من ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام ولكنهم يختلفون في عدد الأجداد بين عدنان وإسماعيل فمنهم من قال خمسة عشر جداً ومنهم من قال عشرون جدا ومنهم من قال أربعون ومنهم من قال أن المدة طويلة بحيث يستحيل عد الأجداد. كل الذي نستطيع أن نقوله بهذا الموضوع هنا ، أنه لا يوجد أي بحث علمي بأدلة تاريخية موثوقة تؤكد على صحة هذه المعلومات ، فجميع الأبحاث في هذا الموضوع تعتمد على معلومات كتب التوراة او على بعض النصوص والقصائد الشعرية التي كُتبت قبل ظهور الإسلام بفترة قصيرة أو بعد ظهوره .
المشكلة في إثبات صحة هذا الاعتقاد تكمن في أن العلماء في تفسيرهم لمعلومات الكتب المقدسة يعتمدون على المعنى الحرفي للآيات ، وكأن هذه المعلومات قد أتت من عقل إنسان ، بينما في الحقيقة أن معلومات الكتب المقدسة هي من الله ، لهذا فمعانيها رمزية وتحتاج إلى دراسات وحسابات معقدة جدا لتحديد زمنها التاريخي ، فإسم (ابراهيم) في العبرية يعني أبو الأمم ، لهذا يمكن أن يكون اسم (ابراهيم) في الآية قد يعني المقصود منه (بني آدم) كرمز ، أو قد يعني ( النبي ابراهيم) شخصيا ، فوجود اسم (ابراهيم) في آية معينة قد يعني أن المعلومة فيها تخص أحداث عن الإنسانية حصلت قبل أكثر من ١٠٠ ألف عام ، أو قد تعني أنها تتكلم عن أحداث تخص ابراهيم عليه السلام شخصيا ، فمعلومات أرقام التوراة - حسب دراساتي الشخصية - تؤكد أن ابراهيم عليه السلام ولد قبل أكثر من خمسة آلاف عام عندما كانت الكتابة في شكلها البدائي .
أما إذا اعتمدنا حساب أرقام التوراة بشكلها الحرفي سيكون تاريخ ولادة إبراهيم هو عام (١٨١٥ قبل الميلاد) وهذا رقم خرافي لأنه يجعل من ابراهيم عليه السلام في تاريخ الإنسانية المعتمد عند علماء التاريخ شخصية اسطورية لا وجود لها ، ومعهم حق في ذلك لسبب بسيط جدا وهو أن ابراهيم عليه السلام من (أنبياء أصحاب العزم) وفي تلك الفترة (١٨٠٠ - ١٧٠٠ قبل الميلاد) لا يوجد اي حدث عالمي هام أثر تأثيرا كبير جدا في تاريخ الإنسانية كما حصل مع ظهور عيسى أو محمد عليهما الصلاة والسلام .
لهذا فكل بحث في نسب الرسول يعتمد على معلومات مادية تاريخية أو معلومات بمعناه الحرفي من الكتب المقدسة ستجعل أسباب ظهور الإسلام غامضة وعشوائية لا يوجد فيها أي حكمة إلهية تفيد الأمة الإسلامية والأمم الأخرى بأي شيء . لذلك سنحاول في هذه المقالة تفسير الرموز التي وضعها الله في كل شيء له علاقة بمنطقة ظهور الإسلام وسكانها ، لتساعدنا على فهم الحكمة الإلهية في ظهور الاسلام وعلاقته بجميع الأمم الإنسانية .
يقول الله عز وجل في قرآنه الكريم (وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ فَقَالَ أَنبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَٰؤُلَاءِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ ٣١ البقرة) . معنى هذه الآية أن أسماء الأشياء والأشخاص ليست صدفة ولكن هي من الله ، وضعها لتساعد الإنسان في فهم المعنى الروحي للأشياء ، فأسماء الأنبياء وأسماء المناطق التي ولدوا فيها ليست صدفة ولكن هي من الله . اعتمادا على هذا القانون الإلهي سنحاول تفسير سبب ظهور الإسلام في تلك المنطقة التي ظهر فيها .
الإسلام ظهر في منطقة تسمى الحجاز في السعودية ، في مدينة تسمى مكة ، الحكمة الالهية وضعت عدة رموز في هذه المنطقة لتكون حقائق إلهية تساعدنا في فهم حقيقة الدين الاسلامي ودوره في تطوير الإنسانية الروحي ، أهم رمز في مكة هو الكعبة المشرفة ، لهذا سنبدأ بها ثم سننتقل الى الرموز الأخرى .
في سلسلة مقالات "رمز الكعبة والحكمة من الحج إليها " و" فلسفة الخروج من الجنة " ورمز الثقوب السوداء الكونية " تكلمنا بنوع من التفصيل عن هذه المواضيع ، ولكن هنا سنذكرها بشكل مختصر لنستطيع دمجها مع بقية معاني الرموز لنأخذ صورة واضحة عن تلك المنطقة التي ظهر بها الاسلام .
يقال أن الكعبة بناها الملائكة لأول مرة قبل آدم ، وأنها هُدمت في طوفان نوح ، وأن الله قد أوحى لإبراهيم إعادة بناءها ، ولكن في الحقيقة لا يوجد نصوص دينية تذكر أي شيء عن بناء الكعبة لأول مرة وعن دمارها في طوفان نوح ، ولكن وفق المعتقد الإسلامي أن الله تعالى أمر النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام برفع قواعد الكعبة، وساعده ابنه إسماعيل في بنائها، فقد ورد في القرآن الكريم : ( وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ - ١٢٧ سورة البقرة ).
الحكمة الإلهية في تصميم القرآن الكريم وضعت سورة الحجر في الترتيب بعد سورة إبراهيم لتساعدنا على فهم علاقة إبراهيم بآدم ولتشرح لنا رمز الكعبة . سورة الحجر هنا هي سورة رمزية توضح لنا بشكل رمزي عما حصل بعد طرد الإنسان من الجنة ، فسورة الحجر تتألف من عدة مقاطع وقصة قوم ثمود في هذه السورة هي قصة رمزية تساعد على فهم علاقة هذه السورة بالمعنى الروحي للكعبة ، فجميع مقاطع السورة بما في ذلك المقطع الذي يذكر كلمة (الحِجر) الذي هو أسم المنطقة التي سكنها قوم ثمود ، لها علاقة بطبيعة المكان الذي طُرد إليه الإنسان بعد خروجه من الجنة.....فكلمة ( حجر) بجميع أنواع تشكيل حروفها لها مصدر واحد يحمل المعنى العام ( شيء متماسك منعزل عما يحيط به ) . هذا المعنى له علاقة بالرمز الروحي للكعبة ، فسورة الحجر تبدأ بقصة خلق اﻹنسان الذي أعطاه الله صفات جعلته كائن كامل مختلف عن بقية مخلوقات الله ، ثم تتكلم السورة عن دور الشيطان في ارتكاب الخطيئة ، ثم عقاب الله لقوم ثمود ثم قوم لوط .
الله عز وجل اختار الاسم (صالح) ليكون أسم النبي الذي ارسله إلى قوم الحِجر ، فكلمة صالح هو اسم رمزي له معنى سليم ، مستقيم ، خال من الأخطاء ، هذه المعاني هي صفات أهل الجنة ، ولكن بسبب الخطيئة التي ارتكبها الإنسان في الجنة تشوهت هذه الصفات لذلك وجب طرد الإنسان منها ليصلح نفسه ليصبح ملائما للعودة إليها ثانية .
هناك جزء من الكعبة يسمى (حِجر إسماعيل) وهو مكان مكشوف على شكل نصف دائرة يقع عند الجزء الشمالي للكعبة ، هذا المكان أيضا يسمى الحطيم ، كلمة الحطيم مصدرها هو فعل تحطم ، أي تكسر، تهشم ، تدمر ، تفتت . حِجر اسماعيل يقع في القسم الشمالي من الكعبة ، أما في القسم المقابل له من الكعبة أي في القسم الجنوبي في ركنه الشرقي يقع الحَجر الأسود ، هذا الحجر الاسود يعتبر نقطة بداية طواف الحجاج حول الكعبة ومنتهاه ، أما سبب سواده فيرجع إلى الذنوب التي ارتُكبت وفقا للروايات عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم . حيث روى ابن عباس عن النبي محمد أنه قال: «نزل الحجر الأسود من الجنة أبيض من الثلج فسودته خطايا بني آدم» . ولكن جميع حجارة الكعبة لونها أسود ، وكذلك جميع حجارة منطقة مكة هي حجارة بركانية سوداء ، فلون حجارة مكة الأسود ليس صدفة ولكن هو حكمة إلهية ، لتأخذ الكعبة معناها الحقيقي ، فلون الكعبة له علاقة بلون (الحجر الأسود) والذي كما ذكرنا انه كان لونه أبيض ولكنه تحول إلى اللون الأسود بسبب خطايا بني آدم .
الكعبة ليست بيت الله الذي خلق آدم والملائكة وخلق كل شيء ، ولكن في الحقيقة هي بيت روح الله التي نفخها في آدم عندما خلقه في الجنة .ولكن عندما ارتكب آدم وحواء الخطيئة هذه الخطيئة سَّببت في تكوين غريزة القتل في قابيل الذي قام بقتل أخيه هابيل ، فكان عقاب هذه الخطيئة الطرد من الجنة بسبب تشوه تكوين الإنسان ، فالإنسان خلقه الله كائن مسالم ، لذلك وجب تصحيح تلك الأخطاء التي أدت إلى ظهور غريزة القتل في تكوين الإنسان ، ليستعيد تكوينه الصحيح ليصبح صالحا للعيش في الجنة ، فعملية طرد الإنسان من الجنة أدت إلى تهشم روح الله في آدم وحواء إلى أبسط أجزائها لذلك كان لون احجار الكعبة سوداء لأنها تعبر عن تفكك هذه الروح بسبب الخطيئة ، ولذلك أيضا كان حِجر اسماعيل الذي هو رمز لقابيل قد تحول إلى مكان للغنم ، أي أن روح الله في الإنسان قد تحطمت إلى أجزائها البسيطة التي لا تناسب تكوين الإنسان ، ولهذا سمي هذا الحجر بالحطيم ، ليكون رمزا لتحطم هذه الروح .
الحجر الأسود كان لونه شديد البياض ولكنه تحول إلى الأسود بسبب خطايا بني آدم ، هذا تعبير رمزي يعبر عما حصل بروح الله التي نفخها في آدم ، في البداية كانت ناصعة البياض لأنها كانت وحدة متكاملة ولكن بعد إرتكاب الخطيئة تهشمت وأصبحت سوداء ، فمع طرد الإنسان من الجنة وانهيار روحه ، تحولت روح الله هذه إلى ثقب كوني أسود متناهي في الصغر .
الكون الفسيح بأكمله الذي يحيط بنا كان في بدايته عبارة عن ثقب أسود أصغر بكثير من ثقب الإبرة ، وكانت روح الله داخله تحاول أن تعيد تكوين نفسها من الجديد . علماء الكون لا يعلمون شيئا عن هذه المرحلة والسبب أنه في تلك المرحلة من تكوين الكون لم يكن للمادة اي وجود حتى يستطيع العلماء دراستها ، فدراسة الكون تتم عن طريق علوم الفيزياء وهذا العلم يدرس سلوك المادة ، وطالما انه لم يكن للمادة أي وجود لذلك يتوقف عندها علم الفيزياء عن البحث .
علماء الكون من خلال دراستهم لما يحدث في الكون وجدوا أن جميع الأجسام الموجودة في الكون تبتعد عن بعضها البعض نحو الخارج فخرجوا بنظرية الإنفجار العظيم والتي تقول بأن جميع محتويات الكون كانت موجودة في منطقة صغيرة واحدة بشكل مكثف على شكل ثقب أسود ثم حدث شيء ما داخل هذه المنطقة أدى إلى انفجارها وتضخمها بشكل سريع جدا بسبب تشكل المادة. فمع الإنفجار العظيم تشكلت الجسيمات النووية وهذه بدورها شكلت غاز الهيدروجين الذي يعتبر المادة الأولية لصناعة النجوم ، وبواسطة عمليات الإندماج النووي للهيدروجين نتج عنه الهليوم ومن الهليوم نتج الليثيوم ثم الكربون و النتروجين و الأوكسجين ... إلخ فتكونت جميع العناصر اللازمة لتكوين كل شيء له علاقة بتكوين الإنسان والبيئة التي سيعيش عليها ليستطيع التطور ، لهذا نجد أنه عندما يصلي المسلمون تكون جهة صلاتهم نحو الكعبة ، سلوك المسلمين هذا له معنى رمزي وهو أن الإنسانية بأكملها أتت من هذه الروح الإلهية التي ترمز الكعبة لها ، والتي كانت في البداية عبارة عن ثقب أسود كما هو لون مبنى الكعبة. فالإنسان بعد طرده من الجنة تفكك تكوينه إلى أصغر مكوناته ، وهو لم يظهر على سطح الارض فجأة بشكله الكامل لأن الأرض أصلا لم تكن موجودة ، ولكن تم تكوين الإنسان من جديد من بداية روحه وذراته ومركباته العضوية وأعضائه وكل شيء فيه ، فالكون بأكمله ليس إلا مصنع كامل هدفه تكوين الإنسان جسديا وروحيا ليصل إلى الكمال ليصبح صالحا للعودة إلى الجنة .
الإنفجار العظيم حدث نتيجة إكتمال تصحيح تكوين الروح الإلهية داخل الثقب الأسود البدائي ، حيث بعدها بدأ تكوين المرحلة المادية من ذرات ونجوم وكواكب وكائنات حية لتكوين جسد الإنسان ، ومع ظهور الإنسان كجسد وظهور الديانات البدائية بدأت مرحلة التكوين الروحي للإنسان، وإنتهت هذه المرحلة مع نزول آخر ديانة وهي الإسلام ، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم في حديثه الشريف " إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق " فمكارم الأخلاق هي الدين ، فإذا ذهبت الأخلاق ذهب الدين ، فالأخلاق هي التي تحدد نوعية التكوين الروحي في الإنسان وهي التي تحدد سلوكه فيما إذا كان سلوك إنساني أو سلوك حيواني .
الاسلام هو آخر ديانة سماوية ولهذا أراد الله أن تكون المنطقة المحيطة بالكعبة منطقة صحراوية جرداء حجارتها ذات لون أسود وذات مناخ قاسي لتعبر عن الكون بأكمله بأنه مكان طرد الإنسان من الجنة . ليعلم المؤمن أن الحياة خارج الجنة مليئة بالعذاب والشقاء وعليه أن يتبع تعاليم الله في إصلاح نفسه وتنقيتها من الشوائب ليصبح صالحا للعيش في الجنة التي فيها النعيم والسعادة المطلقة.
ربما بعض القراء بعد قراءتهم لسلسلة مقالات "رمز الكعبة والحكمة من الحج إليها " لم يقتنعوا بهذا التفسير ، فللأسف بعض العلماء بسبب التعصب الديني حاولوا تغيير وتجميل معاني بعض الكلمات العربية المتعلقة بالمنطقة وسكانها ، لتعطي هذه الكلمات قدسية خاصة لمنطقة ظهور الاسلام وسكانها ، فالذي حصل انهم بهذه التجميلات شوهوا معاني الرموز التي وضعتها الحكمة الإلهية لتفسر حقيقة المنطقة ولهذا المسلم ليس لديه أي فكرة روحية لا عن المنطقة ولا عن سكانها، وهذا ساعد في تحريف تعاليم الدين الاسلامي لتأخذ شكلها الحالي المختلفة كثيرا عن تعاليم دين محمد صلى الله عليه وسلم ، لذلك حتى نصل إلى حقيقة الاسلام وتعاليمه ، سنعتمد هنا فقط المصدر الأصلي لمعاني الكلمات :
الكعبة تقع في منطقة جغرافية تسمى الحجاز . أسم (الحِجاز) مصدره الأول هو فعل حَجَزَ . حجز الشّخص : حبَسَه .حجز الشّيء : حازه ومنعه عن غيره ، حَجَزَ بَيْنَهُما : فَصَلَ بَيْنَهُما .الحاجِز : الفاصَل بين الشيئين. الحكمة الإلهية أختارت هذا الأسم لهذه المنطقة لتعبر عن الكون بأكمله . فالكون ليس إلا مكان مفصول عن الجنة وهو بمثابة سجن معزول دخله الإنسان ليصحح خطيئته التي إرتكبها . لهذا مدينة مكة تقع في منطقة لها أسم (الحجاز).
أيضا مدينة مكة تقع في منطقة أصغر داخل منطقة الحجاز تسمى (تهامة) . اسم تِهامة : مصدره من تهم ، وله عدة معاني ، التَّهَمُ : شِدَّةُ الحرِّ ، ورُكودُ الريحِ ، أتْهَمَ البَلَدَ : اسْتَوْخَمَهُ . تَهِمَ اللبنُ : تغيّر وأَنْتَن ، تَهِمَ : أَصَابه حَرُورٌ فَهُزِل ، تُهِمَ لونُه : تغيّر . الحكمة الإلهية أختارت هذه الكلمة لهذه المنطقة لتعبر عن معنى رمزها ، فأسم (تهامة) مصدره الاصلي هو فعل اتهم : ما يُتَّهَمُ عليه من التُّهْمَةُ ، والتُّهَمَةُ : هي ما ينسب من جريمة أو ذنب إلى شخصٍ . فالإنسان دخل الكون (الحجاز) بسبب تهمة إرتكابه الخطيئة .
الكعبة تقع في مدينة مكة ، أسم مكّة : مصدره فعل مَكَّ ، مَكَّ العَظمَ : مصّ جميعَ ما فيه . مَكَّ الفصيلُ ما في ضرع أُمه : امْتَصَّ جميع ما فيه من حليب وشربه كله ، مَكَّ الشيءَ : نقَصه أَو أَهلكه . الحكمة الإلهية اختارت أسم مكة ، لتشرح ما حدث داخل الكون عندما كان لا يزال بشكل ثقب أسود صغير . فهذا الثقب الأسود حاول أن يمتص روح الله في آدم وحواء ليهلكها ويفنيها . وحتى نفهم بشكل أوضح لما حصل في داخل الثقب الأسود يجب علينا تفسير أسماء أجداد الرسول صلى الله عليه وسلم .
نسبه : هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر (القريش الأوسط) بن مالك بن نضر (القريش الأكبر) بن كنانة .
الحكمة الإلهيةاختارت أسم الجد (كنانة) الذي أنجب قريش كرمز للثقب الأسود الذي دخلته روح الإنسان بعد خروجه من الجنة . فأسم كِنانة : يعني جَعْبة صغيرة من جلد ، ومصدر الأسم هو الكِنُّ : وِقاءُ كلِّ شيءٍ وسِتْرُهُ ، من فعل كَنَّ ، كنَّ الشيء : سَتَرَهُ وعزله عما حوله . وكنانة له أسم آخر وهو أبو جُذام ، اسم جذام مصدره الجَذْم : القَطْع . مرض الجذام : هو مرض يصيب الجسم يؤدي إلى تساقط الأعضاء وتآكلها ، هكذا تماما ما حدث بروح آدم وحواء داخل الثقب الأسود ،حيث بدأت الروح تتقطع إلى أجزاء عديدة وتنفصل عن بعضها البعض وكأن هذه الروح قد أصيبت بمرض الجذام ولكن بشكله الروحي .
حسب رأي علماء المسلمين أن قريش الأكبر هو نضر بن كنانة ، أما قريش الأوسط فهو فهر بن مالك ، قبل أن نفسر أسم (نضر) سنحاول فهم سبب تسمية أهل مكة بأسم (قريش) .
أسم (قريش) مصدره فعل قَرَشَ ، قرشَ الشَّيْءَ : قَطَعَهُ، وضمَّ بعضَهُ إلى بعضٍ ، قَرَّشَ بين القوم : حرَّش وأَغرَى ووشَى ، وتَقارَشَ القومُ : تَطاعَنُوا . جميع هذه المعاني تشرح لنا ما حصل بروح آدم وحواء داخل الثقب الأسود (رمز كنانة) ، الروح تهشمت إلى قطع عديدة وتكونت منها كتلة روحية أجزاءها تتطاحن مع بعضها البعض بشكل عشوائي . أسم قريش هو تصغير القِرْشُ ، القرش :هو دابةٌ في البحر لا تدَع دابةً إِلا أَكلتها . وتسمى أيضا كلب البحر . الله عز وجل إختار أسم قريش كرمز للثقب الأسود ، وكون حجم هذا الثقب الأسود صغير جدا ، لذلك أستخدم كلمة (قريش) التي هي تصغير كلمة (قرش) ، القلقشندي ذكر معنى كلمة قريش قائلا :
" روي عن ابن عباس أن نضر (ابن كنانة) كان في سفينة فطلعت عليهم دابة من دواب البحر يقال لها قريش فخافها أهل السفينة فرماها بسهم فقتلها وقطع رأسها وحملها معه إلى مكة " لهذا سمي نضر باسم (قريش) لأنه قتل تلك الدابة. ولهذا إختارت الحكمة الإلهية لقاتل هذه الدابة أسم (نضر) لتفسر ماذا حصل بعد تقطع روح آدم وحواء إلى أجزاء عشوائية .مصدر اسم نَضِر : هو فعل نضِرَ ، أَنْضَرَ الوَجْهُ : صارَ جَميلاً ناعِماً . أَنْضَرَتِ الشَّجَرَةُ : اِخْضَرَّتْ . ومعنى هذا الأسم يشرح ما حدث داخل الثقب الأسود ، حيث توقفت عملية الإمتصاص والتطاحن بين أجزاء روح آدم وحواء وبدأت تحاول أن تأخذ شكلها السليم .لذلك الحكمة الإلهية إختارت بعد نضر في تسلسل الأسماء اسم (مالك) مالك بن نضر ، مصدر اسم مالك هو فعل مَلَكَ ، مالِك : هو صاحب المِلْك ، ملَك الشَّيءَ : استولى عليه وكان في قدرته أن يتصرّف فيه بما يريد ، وهذا ما حصل داخل الثقب الأسود (فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّبِّهِ كَلِمَاتٍ فَتَابَ عَلَيْهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ٣٧ البقرة) ، حيث روح آدم وحواء استعادت قوتها لتسيطر على ما يحصل داخل الثقب الأسود . ولهذا إختارت الحكمة الإلهية بعد اسم مالك أسم (فهر) فهر بن مالك .
أسم فهر مصدره الفعل فَهَّر : إجتمع لحمه وتكتل ، فُهْرُ : مِدْراسُ اليهُودِ تَجْتَمِعُ إليه في عيدِهم . فهر كأسم او كفعل هو نادر استخدامه اليوم ، ولكن الحكمة الإلهية جعلت كلمة (فهر) من أشهر الكلمات المستخدمة في نظام تصميم الكتب ، حيث كلمة فهر أصبحت مصدر لكلمة (فهرس) ، فهرس الْكِتَابَ : هو جدول في بداية او نهاية الكتاب يُقَّيد ويُرَتَّب فيه بدقة عَنَاوِينَهُ وَفُصُولَهُ وَأَبْوَابَهُ ، هكذا تماما حصل بروح آدم وحواء داخل الثقب الأسود بعد أن أصبحت محتوياته تحت سيطرة روح آدم وحواء ، حيث تم ترتيب أجزائها بشكلها المتناسق ، وبدأت خطوات تشكيل المادة التي تعبر عنها ، عندها حدث الإنفجار الكبير في الثقب الأسود وولد الكون ، حيث ظهرت المادة لأول مرة ، وبدأت الروح في تصنيع كل ما يحتاجه تكوين الإنسان وتكوين البيئة التي سيعيش عليها . لهذا سمي (فهر) القريش الأوسط لأنه قضى على الثقب الأسود بشكل نهائي .
لهذا فإن أسم قريش كمعنى له حالتين : الأولى هي أن أسم قريش مصدره من أسم قاتل دابة سمك القرش والذي رمزه نضر (القريش الاكبر) ، وفهر (القريش الأوسط) . دين إسلام محمد صلى الله عليه وسلم يمثل هذه الحالة (قاتل الدابة قريش).
الحالة الثانية هي أن أسم قريش مصدره من دابة قريش التي تأكل وتهلك جميع من حولها والتي تمثل الثقب الأسود الذي امتص روح آدم وحواء وقطّعها إلى أجزاء عديدة وجعلها كأنها أُصيبت بمرض الجذام والذي رمزه اسم (كنانة ابو الجذام) . تعاليم دين إسلام اليوم وللأسف تمثل هذه الحالة لذلك كانت نتيجته واضحة تماما فيما يحصل بالدول الإسلامية التي تمزقت إلى أجزاء عديدة تتحارب وتدمر بعضها البعض وكأنها أُصيبت بمرض الجذام .
للآمانة العلمية التي تفرضها عليّ تعاليم الدين الإسلامي ، يجب أن يعلم القراء أن فهم علاقة الكعبة ومكة وقريش بالثقب الأسود ، لا يمكن الوصول إليها إلا بدمج المعارف الإسلامية مع معارف الحضارة اليونانية وأساطيرها ، من لم يبحث في الحضارة اليونانية ومن لم يفهم أساطيرها ، ومن لم يؤمن بأن معلوماتها من عند الله ، لن يتوصل إلى هذه التفسيرات حتى وأن قضى الف عام يبحث فقط في معلومات الثقافة الإسلامية لأن معارف الأمم تكمل بعضها البعض. هذه هي الحكمة الإلهية في كشف هذه المعلومات . لهذا نجد أن كلمة (قرش) تعتبر من أشهر أسماء العملات المالية وهذا ليس صدفة ولكن حكمة إلهية ، فكلمة (قرش) أصلها من اللغة اللاتينية التي أصبح لفظها اليوم من جروسو بالإيطالية Grosso بمعنى (كبير) ، فالقرش (كرمز المال) اليوم أصبح معبود الإنسان في العصر الحديث.
الشعب اللاتيني هو النصف المادي للشعب اليوناني . القرآن الكريم يستخدم كلمة (روم) لتعبير عنهما كأمة واحدة . لهذا إذا قلبنا خريطة إيطاليا رأسا على عقب سنجد شكلها يشبه القسم علوي من جسم الكلب (كما توضح الصورة) ، وهذ الرمز يعبر عن كلب البحر (القرش) ، بمعنى أن الأمة المسيحية إستطاعت أن تقضي على هذه الدابة البحرية وتحوله إلى قدم إنسان كرمز يعبر عن العلوم المادية . أما أشهر دويلة في اليونان عالميا فهي مكدونيا التي أنجبت اسكندر المكدوني، الأسم مكدونيا يتألف من قسمين(مكا - دونيا) ، أي مكة الدنيا . الحضارة اليونانية والأمة المسيحية تعبر عن القسم المادي لما حصل بعد خروج روح آدم وحواء من الجنة ، الأمة الإسلامية تعبر عن القسم الروحي لما حصل بهذه الروح بعد خروجها من الجنة . معنى الكلام أن الحكمة الإلهية تفرض على المؤمنين تعاون الأمم مع بعضها البعض . الرموز الإلهية من حولنا تتكلم معنا ولكن المشكلة من يستطيع ترجمتها وفهمها .
أعيد واكرر ما ذكرته في أول مقالة وفي مقالات عديدة من صفحتي (عين الروح) ، معلومات مقالاتي ليس هدفها إقناع أحد بأي شيء ، أنا فقط أعرضها ، والقارئ له كامل الحق في رفضها او قبولها ، فالله وحده (هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) . في المقالة القادمة إن شاء الله سنتابع شرح رموز أخرى ، ستفسر لنا ما حدث بعد وفاة الرسول وسَّببَ إنشقاق الإسلام إلى مذاهب مختلفة .
وسوم: العدد 810