خواطر فؤاد البنا 843
من المعلوم أن الأوطان صارت في الواقع العالمي شخصيات متعددة الأعضاء متكاملة الوظائف، ويبدو أن حكام بلداننا هم أنفسنا، ولا شك أن معظم هؤلاء الحكام هم أنفسنا الأمَّارة بالسوء؛ فإنهم لا يزالون يثيرون في مواطنيهم أتربة الأجساد ويُشعلون سُعار الغرائز، وما فتئوا يدفعونهم نحو الغرق في الشهوات والانقياد للنزوات، وذلك عبر أجهزة التربية والتعليم ووسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي وعبر مختلف الفنون والآداب. ولأن التغيير الاجتماعي لا يتحقق حتى يُغيّر الناس ما بأنفسهم؛ فإن من المُحتّم تغيير ما في الأنفس عبر تغيير الأفكار والسياسات وليس بالضرورة تغيير الحكام أنفسهم؛ ولذلك قال تعالى: { حتى يغيروا ما بأنفسهم} ولم يقل: حتى يغيروا أنفسهم، فالعبرة بما يُحكَم لا بمن يَحكُم!
**********************************
لا يمكن لعالم منصف إنكار أثر العقائد الفارسية على التشيع الذي ظهر في التأريخ الإسلامي، التشيع الذي ظل الفرس سدنته الكبار وصارت إيران هي الحاضنة الأهم له من بين بلدان المسلمين. ومن أهم الأفكار المقتبسة من المجوسية فكرة الأئمة الاثني عشر المعصومين ولا سيما الإمام الثاني عشر وهو الذي غاب منذ قرابة اثني عشر قرنا وسيعود ليجعل الشيعة حكام العالم وسيُصلح أخطاء المسلمين ويملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا. فإن بقايا المجوسيين يؤمنون بفكرة الترقب لظهور أبناء زرادشت الذين لم يولدوا بعد!
وكما أن أولاد زرادشت لم يولدوا بعد كل هذه القرون، فإن الإمام الغائب للشيعة لم يظهر ولن يظهر أحد، لكن توارث هذه الفكرة سيستمر، ما دامت العقول الواعية غائبة والعصبية القومية حاضرة!
وسوم: العدد 843