الخاطرة ٣٠٣ : فلسفة تطور الحياة (الروحي والمادي) الجزء ١١
خواطر من الكون المجاور
في المقالة الماضية تكلمنا عن محاولات علماء الفيزياء والكيمياء في دراسة وفهم التركيب المادي للكون ، واليوم نتابع هذا الموضوع لنوضح دور زاوية رؤية علوم الفيزياء والكيمياء في المساعدة في تفسير ظهور وتطور الحياة ، فكما ذكرنا في مقالات ماضية أن المادة هي بمثابة تلك الأدوات التي تصنعها الروح لتستخدمها في تنقية نفسها من تلك الشوائب التي دخلت في تكوينها بسبب الخطيئة التي إرتكبها الإنسان في الجنة وسببت في طرده منها . لهذا لا يمكننا الفصل بين تطور المادة وتطور الروح ، فعلوم الفيزياء والكيمياء عاجزة عن دراسة الروح كونه علم إلهي ، ولكننا كبشر نستطيع فهم جهة تطورها وكذلك فهم أسلوب عملها من خلال دراسة التطور المادي والذي من خلاله تُعبِّر الروح به عن نفسها . لذلك بالإضافة إلى زوايا رؤية علوم الفيزياء والكيمياء يجب استخدام جميع زوايا الرؤية لبقية العلوم والفنون ونصوص الكتب المقدسة لنحصل على رؤية شاملة قادرة على فهم موضوع تطور الحياة.
حتى نفهم سبب ولادة الكون وبداية ظهور المادة ، لابد أولا شرح ما حدث في الجنة من أجل فهم حقيقة هذا الكائن الذي يدعى إنسان وكذلك من أجل فهم نوعية تلك الخطيئة التي حصلت في الجنة ونوعية تلك الشوائب التي شوهت تكوين الإنسان . فالكون قبل طرد الإنسان من الجنة لم يكن له وجود فمن أجل الإنسان ولد الكون ، وبدون فهم حقيقة الإنسان سيظل موضوع ولادة الكون لغزا غامضا تعجز العلوم عن تفسيره .
إن التفاصيل الدقيقة لعالم الجنة والقوانين التي تحكمه ، وكذلك تفاصيل التكوين الإنساني في الجنة وما حصل بالضبط هناك وأدى إلى طرده من الجنة ، هي في الحقيقة من العلوم الإلهية والتي ستبقى لغزا يعجز العقل البشري عن فهمه إلى يوم الدين . ولكن الله عز وجل وضع في نصوص الكتب المقدسة السماوية معلومات رمزية عما حصل في الجنة لتساعدنا في فهم المخطط الإلهي الذي يسير عليه تطور الكون لإختيار الطريق الصحيح لنستطيع العودة ثانية إلى الجنة .
المعلومات التي نعتمد عليها في هذه المقالة شرحناها بشيء من التفصيل في مقالات ماضية ، ولكن هنا سنجمعها ونذكرها بشكل مختصر لتساعدنا في توضيح موضوع تطور الحياة ، فما حصل في الجنة كتبنا عنه بشكل مفصل في العديد من المقالات الماضية، وخاصة سلسلة مقالات (فلسفة الخروج من الجنة) ، ولكن هنا سنذكر ملخص سريع جدا ليستطيع القراء الجدد متابعة وفهم فقرات مقالة اليوم .
نصوص الكتب المقدسة السماوية تذكر أن الله عز وجَّل خلق آدم من الطين ، أي من التراب والماء ، التراب بشكل عام حسب الأبحاث العلمية الحديثة يتكون من عناصر كيميائية مختلفة (صلبة وسائلة وغازية) ، فالتراب في النصوص الدينية هو رمز يُعبر عن معظم العناصر الكيميائية التي تدخل في تركيب خلايا جسم الإنسان وأجسام جميع الكائنات الحية . ولكن الفرق بين الإنسان والمخلوقات الحية الأخرى هو أن الله نفخ في الآدم جزء من روحه ، وهذه الروح رمزها (١٨) . ثم بعد ذلك خلق من آدم حواء ، أي أن تكوين آدم الروحي (١٨) إنقسم إلى قسمين : ذكر ورمزه (١) ويمثل آدم ، وأنثى ورمزها (٨) ويمثل حواء . الله حَّرم على آدم وحواء أن يأكلا من ثمار الشجرة الملعونة ، ولكن الشيطان استطاع إغواء حواء فأخذت من ثمار الشجرة وقدمتها لآدم وأكلا منها .
الشجرة الملعونة - كما هي مذكورة في سفر التكوين - هي شجرة المعرفة ، ولكن إذا بحثنا في جميع النصوص الدينية سنجد أن المقصود منها هو المعرفة الجنسية فقط . فالذي حصل بين آدم وحواء هو أنهما قاما في ممارسة الجنس ، فممارسة الجنس بالنسبة لحواء كان الدافع لها هو الغريزة الجنسية أما بالنسبة لآدم فكان الدافع لها هو عاطفة محبة . لهذا نتج عن هذه العلاقة ابنين : الإبن الأول هو قايين (قابيل عند المسلمين) والإبن الثاني هو هابيل ، قابيل كان ابن الغريزة الجنسية (إبن الخطيئة) أي أنه ابن حواء جسديا وابن الشيطان روحيا ، أما هابيل فكان ابن عاطفة المحبة أي إبن حواء وآدم جسديا وروحيا . هابيل استطاع تنقية تكوينه بزمن قصير ولهذا تقبل الله قربانه فأصبح تكوينه مشابه لتكوين آدم عندما كان رمزه (١٨) أي قبل إنقسامه إلى (١) و (٨) . ووجب على قابيل أيضا أن يقوم بتنقية تكوينه ليتقبل الله قربانه ولكنه لم يصبر على ذلك ، فعندما رأى أن هابيل أفضل منه في كل شيء شعر بالغيرة وأراد أن يحصل على كل ما يمتلكه أخيه فقتله . عالم الجنة هو دار السلام {وَٱللَّهُ يَدْعُوٓاْ إِلَىٰ دَارِ ٱلسَّلَٰمِ وَيَهْدِى مَن يَشَآءُ إِلَىٰ صِرَٰطٍۢ مُّسْتَقِيمٍۢ (٢٥) يونس} . السبب الأول لوقوع هذه الجريمة هي خطيئة حواء وآدم ، فمن هذه الخطيئة ظهرت غريزة القتل في قابيل . لهذا كان جزاء جميع الذين تسببوا في وقوع الجريمة (الشيطان ، حواء ، قابيل ، آدم) الطرد من الجنة . (هذا الموضوع سنعود لشرحه بشكل مفصل بما يناسب علاقته في تطور الحياة والكائنات الحية) .
ما يهمنا هنا هو علاقة معلومات هذه القصة الرمزية مع ولادة الكون وظهور المادة . فمع خروج الإنسان من الجنة بدأ التكوين الإنساني ينهار ليفقد ماديته بأكملها ، بمعنى أن لحظة خروج الإنسان من الجنة تشكل ثقب أسود أدى بشكل تدريجي إلى تفكك المادة وفنائها، أي أن مع الخروج من الجنة أصبحت الروح بلا جسد {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (٤) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ(٥)التين} . وبما أن الشيطان كان السبب الأول في الخروج عن قوانين الجنة ، وأن حواء قد شاركته في إرتكاب الخطيئة تحول رمزها من الشكل (٨) إلى الشكل (٧) ، الرمز (٨) كما ذكرنا في المقالة الماضية هو رمز الحياة ، ولهذا أسم حواء مصدره من كلمة (حياة) ، أما الرمز (٧) فهو رمز الموت الأبدي كونه يمتص الطاقة ويفنيها إلى الأبد حيث يتحول الوجود إلى اللاوجود ، فمع لحظة خروج الإنسان من الجنة تكون الثقب الأسود البدائي الذي يحاول علماء الكون دراسته لمعرفة كيف ولد الكون .
حتى نفهم حقيقة ما حدث داخل هذا الثقب الأسود ، يجب أن نفهم دور الرمز (١٨) في خلق المادة ، فكل جسم مادي (ذرة ، تفاحة ، قطار ، كوكب ...) له كتلة وحجم ، الخطوط الثلاثة في الرمز (١٨) هي في الحقيقة تمثل مصدر الأبعاد الثلاثة للحجم (الطول، العرض، الإرتفاع) . فالذي حصل بعد الخروج من الجنة أن الرمز (٨) والذي -كما شرحنا في المقالة الماضية - يُمثل المصدر الأول للطاقة تحول إلى الرمز (٧) والذي يمتص الطاقة ويفنيها . فمع ظهور الرمز (٧) بدأت الأبعاد الثلاثة تنهار على نفسها واحدا تلو الآخر ، وحتى نبسط الموضوع لتسهيل فهمه سنذكر هذا المثال : تصوروا أنه لدينا جسم له شكل مكعب ، فإذا أختفى منه بُعد الإرتفاع سيتحول المكعب إلى مربع أي إلى شكل مسطح ، وإذا أختفى بُعد العرض من المربع سيتحول المربع إلى خط واحد فقط ، وإذا أختفى بُعد الطول سيختفي هذا الخط أيضا ، فإنهيار الأبعاد الثلاثة في الجسم المكعب أدى إلى أختفائه من الوجود . وهذا تماما ما كاد أن يحصل داخل الثقب الأسود . ولكن بما أن هذا الخليط الروحي في الثقب الأسود لم يعد يحوي على الرمز (٨) ، أي أن الأمور داخل الثقب الأسود كانت تسير إلى الفناء الأبدي أي إلى إختفاء (الشيطان ، حواء ، قابيل ، آدم) من الوجود ، وهذا يتعارض مع العدالة الإلهية المطلقة بحق آدم الذي لم يرتكب الخطيئة بنية سوء سببها إشباع شهوات الغريزة الجنسية بل كان بدافع حبه لزوجته ، لهذا أرسل الله روح هابيل (١٨) لمنع حدوث الفناء الأبدي . روح هابيل (١٨) خرجت من الجنة على ثلاث مراحل ، حيث في كل مرحلة كان ينتقل خط واحد من الرمز (١٨) إلى الثقب الأسود . فعندما تقلصت الزاوية في الرمز (٧) إلى درجة الصفر - كما ذكرنا في المقالة الماضية - وتحول إلى الشكل (١) وبدأ هذا الخط ينهار على نفسه ليتحول إلى نقطة ، أرسل الله الرمز ( \ ) الذي يمثل الخط الأول من الرمز (١٨) ، فظهر البعد الأول الطول في الثقب الأسود ، ثم أرسل الخط الثاني ( / ) الذي يمثل العرض فظهر الرمز (٨) بشكله النقي مجددا ، ثم أرسل الخط الثالث (١) الذي يمثل الإرتفاع ، فظهر الحجم وظهرت المادة ثانية . هذه العملية أستغرقت مليارات السنين داخل الثقب الأسود البدائي .
حتى نفهم بشكل مادي ما حدث في داخل الثقب الأسود والذي في النهاية أدى إلى حدوث الإنفجار العظيم وولادة الكون ، يمكن تمثيله بشكل رمزي كالآتي : الخط الأول ، أو الوتر الأول والذي يمثل بُعد الطول ، يدور حول ونفسه ويهتز ، هذا الدوران والإهتزاز ينتج عنه نوع من الطاقة والتي تخرج على شكل وتر مشابه للوتر الذي أنتج هذه الطاقة . بهذه الطريقة بدأ الوتر الاول بإنتاج أوتار مماثلة له ليشكل عدد لا نهائي من نفسه ، ولكن بما أنه يُمثل بُعد واحد لهذا فإن هذه الخطوط العديدة التي تقع فوق بعضها البعض لم تأخذ حيز مكاني فكانت وكأنها خط واحد أو وتر واحد طالما أنه لا يملك أي سماكة (عرض وإرتفاع) . في المرحلة الثانية عندما دخل الوتر الثاني (بُعد العرض) من روح هابيل إلى داخل الثقب الأسود ، راح البعد الثاني هو أيضا عن طريق دورانه واهتزازه يُنتج أوتار مماثلة له بعدد لانهائي . الوتر الثاني (بُعد العرض) شَّكل مع الوتر الأول (بُعد الطول) شكل مسطح يتألف من بعدين الطول والعرض ولكن بما أن الشكل المسطح هو أيضا عديم السماكة (بدون إرتفاع) لهذا ظل الحيز المكاني ثابت في داخل الثقب الأسود ، فوضع عدد لا نهائي من هذا الشكل المسطح فوق بعضها البعض لن يؤدي إلى زيادة حجمها طالما أن الإرتفاع غير موجود . ولكن عندما أرسل الله الوتر الثالث (الإرتفاع) ، عندها حدث الإنفجار العظيم نتيجة ظهور الحجم عن طريق إتحاد الأبعاد الثلاثة (الطول والعرض والإرتفاع) . لفهم هذه الفكرة بشكل أفضل تصوروا أنه لدينا علبة صغيرة من الكرتون تحوي على /١٠٠٠/ بالونة غير منفوخة ، وأن كل بالونة بعد نفخها تأخذ حجم أكبر من حجم كرة السلة ، فإذا فرضنا أننا بطريقة ما استطعنا نفخ جميع البالونات معا في العلبة الصغيرة وبزمن أقل بكثير من ثانية ، سنجد أن العلبة ستنفجر وأن حجم البالونات قد أصبح يشغل حيز مكاني يعادل حجم غرفة كبيرة بدلا من تلك العلبة الصغيرة . هذا تماما ما حصل لحظة الإنفجار العظيم في الثقب الأسود البدائي ، حيث تحول المكان من شكل مسطح إلى حجم ثلاثي الأبعاد وفي جميع الإتجاهات . فمع حدوث الإنفجار العظيم ولد الكون وتضخم بشكل فجائي نتيجة ظهور المادة الكونية لأول مرة .
القرآن الكريم وضع مراحل ما حصل قبل حدوث الإنفجار العظيم في عناويين السور التالية حسب تسلسلها :
٨٣ - سورة المطففين : وتعني تحول التكوين الإنساني إلى تكوين آخر مزيف بسبب إرتكاب الخطيئة . أي تحول الرمز (٨) إلى الرمز (٧) .
٨٤ - سورة الإنشقاق : وتعني إنفصال الأبعاد الثلاثة (الطول ، العرض، الإرتفاع) عن بعضها البعض وإنهيارها على نفسها .
٨٥ - سورة البروج : وتعني إعادة شكل الرمز (٧) إلى شكله الحقيقي (٨) والذي يشبه البرج .
٨٦ - سورة الطارق : وتعني إكتمال المراحل الثلاثة بإرسال خط (الإرتفاع) الذي سيطرق الثقب الأسود ويحطمه والذي أدى إلى حدوث الإنفجار العظيم ليعيد تشكيل النفس من جديد ، فالنفس هي في الحقيقة تلك الروح الموجودة في العناصر المادية وأيضا في كل عضو من أعضاء الجسد {وَالسَّمَاء وَالطَّارِقِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (٢) النَّجْمُ الثَّاقِبُ (٣) إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤)} .
كما ذكرنا قبل قليل أنه في البداية ظهرت الأوتار الثلاثة (\ / |) بشكلها الصحيح ، فقام كل وتر بإنتاج وتر مماثل له عن طريق الدوران حول نفسه ضمن إهتزازات معينة ، هذه الأوتار إتحدت مع بعضها بأشكال مختلفة ضمن نوعين من سلسلة إتحادات : النوع الأول يعتمد على الشكل (١٨) حيث الرمز (١) هو الذي يدور حول الرمز (٨) ، أي أن القسم المذكر هو الذي يدور حول القسم المؤنث فهذا القسم بشكل عام يمثل القسم الروحي لتكوين الأشياء . أما النوع الثاني من الإتحادات فيمثل الرمز (٨١) حيث الرمز (٨) هو الذي يدور حول الرمز (١) ، أي أن القسم المؤنث هو الذي يدور حول الرمز (١) ، هذا النوع من الإتحادات يمثل القسم المادي لتكوين الأشياء .
بعد إنفجار الثقب الاسود البدائي والذي يُعتبر رمز ولادة الكون ، بدأت تتشكل الجسيمات الأولية التي ستقوم بتكوين الذرة ، وبما أن عدد الأوتار هو (٣) لهذا ظهرت (٣) مجموعات من الجسيمات وهي (الكواركات ، اللبتونات ، البوزونات) ، حيث كل مجموعة تمثل الوتر الذي يلعب الدور الأساسي في تكوينها ، وبما أنها تتألف من أوتار تتبع الرمزين (١٨) و (٨١) لهذا نجد أن هذه الجسيمات الأولية تتصف بإزدواجية الحالة ، أي أنها يمكن أن تتواجد في حالتين : حالة موجية وحالة جسيمية ، حيث الحالة الموجية تمثل الرمز (١٨) ، أي أنها توجد في حالة شبه روحية على شكل موجة لا مادية ، أما الحالة الجسيمية فتمثل الرمز (٨١) ، أي أنها توجد في حالة مادية . حتى نفهم هذه الفكرة بشكل أفضل سنعرض لكم هذا المثال: في حياتنا الواقعية إذا صدمت شاحنة بجدار فإنها ستقف وتتحطم ، ولكن في قانون عالم الجسيمات الأولية الذي تدرسه فيزياء الكم ، فإن الشاحنة في لحظة اصطدامها بالجدار ستتحول إلى غيمة موجية تخترق الثقوب الصغيرة الموجودة في الجدار وتتابع طريقها دون أن تصاب بأي ضرر تماما مثل إختراق أشعة الشمس لزجاج النافذة . فحالة وجود الشاحنة كقطعة صلبة هي الحالة الجسيمية ، أما عند تحول الشاحنة إلى غيمة موجية فعندها توجد في حالة موجية لا مادية ، هكذا تماما تتصرف الجسيمات الأولية . فطالما أن سلوك الموجة مختلف عن سلوك الجسيم لهذا يوجد في فيزياء الكم قانون يسمى قانون عدم اليقين . قانون عدم اليقين يعني أنه لا يوجد أحد يمكنه التنبؤ بدقة لما سيحصل في المستقبل القريب أو البعيد ، فكل شيء مرتبط بسلوك هذه الأوتار الثلاثة التي عددها لا نهائي ، فلا يوجد ولن يوجد كومبيوتر يستطيع تحديد نوعية العلاقة التي ستحدث بين هذا العدد اللانهائي من الأوتار ليستطيع فهم ما سيحدث بعد لحظة . فعمل هذه الأوتار الثلاثة يتبع قوانين لا يعلم بها إلا الله .
بعد تكوين الجسيمات الأولية تم تكوين الجسيمات المركبة (كالبروتونات والنيترونات وغيرها . إذا تمعنا في تكوينها سنجد أن تركيبها هي أيضا يعتمد تركيب الرمز (١٨) ، فمثلا البروتون يتألف من قسمين : الأول يتكون من /٢/ كوارك أعلى (u 2) ويمثل الرمز (٨) ، والقسم الثاني يتكون من واحد كوارك أسفل (d 1) ويمثل الرمز (١) . (كما هو واضح في الصورة ) .
بعد تكوين الجسيمات الأولية البسيطة والمركبة تم تكوين الذرة . أيضا تكوين الذرة لم يحصل بشكل عشوائي ولكن ضمن نفس قانون تركيب الرمز (١٨) ، فالذرات هي أيضا تتكون من قسمين : الأول النواة وتتكون من بروتونات ونيترونات ، وهي التي تمثل الرمز (٨) ، والقسم الثاني هو الإلكترونات التي تدور حول النواة ، هذا القسم يمثل الرمز (١) .(كما هو واضح في الصورة ).
أما عملية تخليق العناصر المختلفة من الذرات فقد حدث أثناء تكوين النجوم وأثناء مراحل حياتها وبالشكل التالي : في البداية تم تكوين عنصر الهيدروجين وبسبب عملية إتحاد الأنوية فيما بينها تشكل منها عنصر جديد وهو الهيليوم ، ثم منها تم تكوين الليثيوم ، وبعد ذلك الكربون والذي بإتحاده مع الهيليوم نتج عنهما الأكسجين، ومن الأكسجين مع الهيليوم نتج النيون ، والنيون مع الهيليوم نتج المغنيسيوم ، ومن المغنيسيوم مع الهيليوم نتج السيليكون ، ومن السيليكون مع الهيليوم نتج الكبريت ، والكبريت مع الهيليوم نتج الآرغون ، والآرغون مع الهيليوم نتج الكالسيوم ، والكالسيوم مع الهيليوم نتج التيتانيوم ، ومن التيتانيوم مع الهيليوم نتج الكروم ، ومن الكروم مع الهيليوم نتج الحديد . الحديد والعناصر المجاورة له مثل الكوبالت والنيكل هي عناصر مستقرة ، أي أن أثناء تكوينها لا يصاحبه إرتفاع درجة الحرارة كما يحصل في المراحل السابقة ، فالذي يحصل عند الوصول إلى مرحلة تكوين الحديد تتغلب قوى الجاذبية وينهار النجم على نفسه مؤديا إلى انفجار في صورة مستعر أعظم أو كما يسمى كمصطلح فيزيائي سوبر نوفا . من الظروف التي تتكون من هذا الإنفجار يحدث إمتصاص نيتروني وينتج عنها عناصر جديدة كالذهب والفضة والزئبق وغيرها من العناصر .
بعد تكوين الذرات بأنواعها المختلفة ، بدأت هذه العناصر تتحد مع بعضها لتكوين المركبات الضرورية لتكوين الأجزاء المختلفة من أجسام الكائنات الحية. أهم مركب ضروري لتكوين الأجسام الحية هو جزيء الماء {أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا ففتقناهما ۖ وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ۖ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ(٣٠)الأنبياء}، فبدون وجود الماء لا توجد الحياة ، فنسبة الماء في جسم الإنسان البالغ تعادل من (٦٠ -٧٠%) وفي الطفل الحديث الولادة تصل إلى أعلى من ٨٠% . إن تكوين جزيء الماء أيضا يتبع قانون تركيب الرمز (١٨) ، فهو يتكون من قسمين : الأول ويمثل الرمز (٨) حيث يتألف من ذرتي هيدروجين(2H) ، والثاني يمثل الرمز (١) حيث يتألف من ذرة واحدة من الأكسجين (O1) . أيضا إذا حسبنا الوزن الذري لجزيء الماء سنجد أنه يعادل الرقم (١٨) حيث الوزن الذري للهيدروجين يعادل (١،٠٠٨) وللأكسجين يعادل (١٥،٩٩٩٤) .
مما ذكرنا في الأسطر أعلاه يتبين لنا أن ظهور المادة وتطورها لم يحصل بالصدفة أو بطريقة عشوائية ، ولكن ضمن قوانين تعتمد شكل وتكوين الرمز (١٨) والذي في نهاية تطور الحياة وظهور الإنسان سيظهر على شكل خطوط في كف يد الإنسان ، ففي اليد اليمنى يوجد بالشكل (١٨) ، وفي اليسرى على الشكل(٨١) ، حيث إتحاد الرمزين كالرقمين (١٨+٨١) فإن المجموع يعادل الرقم (٩٩) وهو رمز عدد أسماء الله الحسنى كما يذكر الحديث الشريف (ان لله تسعة وتسعين اسما مئة إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة) ، والمقصود بهذا الحديث أي من بحث في أماكن وجود الرمز (١٨) ونظيره (٨١) وسبب وجودهما في تكوين المادة والحياة فإنه سيفهم المخطط الإلهي في تطور الكون والتكوين الروحي للإنسان .
في المقالة القادمة إن شاء الله سننتقل من تطور المادة إلى ظهور الحياة وتطورها .... والله أعلم.
وسوم: العدد 958