من صور كسر الخواطر
قد لا يهتم الناس حين التعامل مع الغير، فلا يراعى حسن تصرفاته، لا يكثر و لا يهتم ما تلحقه سوء المعاملات في نفوس الناس ، قد لا نشعر بأثر الأذية التي يكتوي بها ، فقد يكون المعرض لهذه الأذية طفل صغير أو شيخ كبير أو امرأة مكسورة أو عامل بسيط ، أو مقهور ألمت به عوامل الزمن أو كريم أدارت الأيام صفحاتها فأصبح بين الناس غريبا أو إنسان مبتلى بالمعاصي يريدون الرجوع فحالت بينه و بينها سخريات الناس و تهكماتهم ، و ما أكثر تلك الأحوال ، فكسر الخواطر أذية تدرج في خانة سوء الخلق .
لعل أكثر التصرفات التي لا يهتم لها الناس في التعامل التعيير برمي النقائص كالتغيير بالنسب أو اللون و الإعاقة أو وضاعة الوظائف أو حتى الجهة الجغرافية ، و كلها تلحق الضرر النفسي في الشخص أو المجموعة و قد حاربها الإسلام و سماها جاهلية
وفي رواية لمسلم كتاب الأيمان والنذور عَنِ المَعرُورِ بنِ سُوَيدٍ، قَالَ: مَرَرنَا بِأَبِي ذَرٍّ بِالرَّبَذَةِ وَعَلَيهِ بُردٌ وَعَلَى غُلَامِهِ مِثله، فَقُلنَا: يَا أَبَا ذَرٍّ لَو جَمَعتَ بَينَهُمَا كَانَت حُلَّةً، فَقَالَ: إِنَّهُ كَانَ بَينِي وَبَينَ رَجُلٍ مِن إِخوَانِي كَلَامٌ، وَكَانَت أُمُّهُ أَعجَمِيَّةً، فَعَيَّرتُهُ بِأُمِّهِ، فَشَكَانِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَلَقِيتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ امرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّة»، قُلتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَن سَبَّ الرِّجَالَ سَبُّوا أَبَاهُ وَأُمَّهُ، قَالَ: «يَا أَبَا ذَرّ، إِنَّكَ امرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ، هُم إِخوَانُكُم، جَعَلَهُمُ اللهُ تَحتَ أَيدِيكُم، فَأَطعِمُوهُم مِمَّا تَأكلون، وَأَلبِسُوهُم مِمَّا تَلبَسُونَ، وَلَا تُكَلِّفُوهُم مَا يَغلِبُهُم، فَإِن كَلَّفتُمُوهُم فَأَعِينُوهُم».
و من صور كسر الخواطر سوء معاملة الضعاف من الفقراء و المحتاجين ، فسوء معاملتهم تهدم جسورا اجتماعية مع فئات عريضة تعيش بيننا ، فالحاجة و الاحتياج ليس عيبا يدعونا لاحتقار أصحابه ، فنكيلهم من سوء المعاملة لفظا أو سلوكا ، فمثل هذه السلوكيات لا تبني المجتمع بل على العكس ، إنها تفتت النسيج المجتمعي ، فتكون سببا لظهور الآفات ، و الأصل فيها جبر الخواطر و توطيد العلاقات بحسن المعاملة فما أحوجنا لترطيب الكلام .
قال تعالى:
﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾
[سورة البقرة: 263]
و تظل صور كسر الخواطر كثيرة في المجتمع ، علينا أن نحذرها و نتجنبها في معاملتنا حتى نبني الجسم الواحد المتماسك.
أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: (المُسْلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ ولَا يُسْلِمُهُ، ومَن كانَ في حَاجَةِ أخِيهِ كانَ اللَّهُ في حَاجَتِهِ، ومَن فَرَّجَ عن مُسْلِمٍ كُرْبَةً، فَرَّجَ اللَّهُ عنْه كُرْبَةً مِن كُرُبَاتِ يَومِ القِيَامَةِ، ومَن سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ يَومَ القِيَامَةِ ).
الراوي : عبدالله بن عمر | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري
الصفحة أو الرقم: 2442 | خلاصة حكم المحدث : [صحيح]
التخريج : أخرجه مسلم (2580) باختلاف يسير
وسوم: العدد 1009