ترفّقْ وأنت تنتقد أخاك المسلم
إنّ كثرة ذمّ الناس والنيل منهم والطعن الدائم في أقوالهم وأفعالهم وحملها على أسوأ محمل، وسرعة انتقاصهم وتصديق قالة السوء فيهم، أمارةُ مرض النفس وضيق الأفق، وضعف الخشية من الله، وقلّة الإحساس بمراقبة الله سبحانه للعبد، وهي في الوقت ذاته علامة طفولة التفكير، إذ إنّ الإنسان كلما ارتقى فكرُه قدّر ظروف إخوانه وأدرك مقاصد آرائهم، والتمسَ الأعذار لهم، وأحسنَ الظنّ بهم.
أمّا الذي يعذر نفسه ويشتدّ على غيره ويحمل عليه... فهذا ينطبق عليه ما جاء في الحديث الصحيح: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: "يُبصِرُ أحدُكم القذاةَ في عين أخيه، وينسى الجذع في عينه". رواه ابن حبان وغيره.
وفي هذا ذمّ لأصحاب هذا المنهج الرديء في التعامل مع المسلمين، حيث يعمد الإنسان إلى تبرئة نفسه أو تصغير عيوبها، بينما يُضخّم عيوب الآخرين ولا يقبل لهم عذراً، وكأنه نسي أو تناسى ما دعا به النبي صلّى الله عليه وسلّم لمن اشتغل بعيوب نفسه: "طوبى لِمَن شَغَلَه عيبُه عن عيوب الناس". رواه البزّار بإسناد حسن.
فهلّا أحسنَ أحدنا الظن بإخوانه المسلمين، والتمسَ لهم الأعذار ما استطاع إلى ذلك سبيلاً، وحاسبَ نفسه وفتّشَ عن عيوبها وعملَ على إصلاحها، وتذكّرَ قوله تعالى: (قد أفلح مَن زكّاها، وقد خابَ مَن دسّاها)، وقوله سبحانه: (يأيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن. إنّ بعضَ الظنّ إثم)؟.
وسوم: العدد 1012