حيرة تفرض نفسها
تصينا الدهشة ونحن نتأمل واقع أمتنا ، و نحن نتأمل أوضاعها التربوية والاجتماعية و الاقتصادية و السياسية، نجدها أوضاعها يكسوها مد و جزر ، نجدها أوضاعا يصعب فهمها ، بل يصعب فك ألغازها ، تلك الأوضاع تحبس. أنفاسنا فنعيش حيرة تفرض نفسها، تلقي بظلالها لكل مهتم تشغله قضايا أمته .
ربما يسألني أحدهم عن دهشتي و استغرابي ؛ و له الحق أن بتساءل و يستغرب .
أقول ... تمكن حيرتي حين أرى الموهوب و المبدع بين الزوايا ، حين أرى الموهوب تحجبه الأضواء العاتمة ، حين أراه مسروقا يردم إبداعه و مواهبه في التراب مثل النعامة ، يتوارى بين الحجب يسخر من عطاءاته و مواهبه.
و تزيد حيرتي حين أرى المثقف يلعن الظلام ، يلبس ثياب الحداد، يندب حظه ، يكثر الشكوى ،يعيش العزلة ، يختبئ في غرف مظلمة ، يهرب من سخريات الناس ،بل يعيف الظهور في فضاءاته المهجورة ، يعجز أن يملأ الفضاء بأسفاره و أفكاره و أشعاره و خواطره ، يترك الفضاء للغرباء و الدخلاء و المرتزقة ، و مكانه المحجوز في. المقدمة .
و تستمر حيرتي حين أرى من أستودعه قومه رعاية مصالحها ، ليكون خادما لأمته و وطنه في وظيفة عامة أو خاصة ليرع شؤون الناس ، يرعى مقدرات وطنه ، فأراه قد صغرت الأمانة في عينيه ، فكان عبدا لشهواته و مصالحه ، يبيع ضميره في سوق نخاسة وضيع .
و تبقى الحيرة تشدني حين أرى الشباب و هم ذخيرة الأمة و عماد مستقبلها ، يتوسد العتب ، يعيش البطالة ، مصروف القصد والوجهة ، و الشباب طاقة خلاقة وجب صرفها للبناء لأعلاء شأن الوطن و الأمة و المجتمع ، لا أن بكون معول هدم و ألة تفتيت ، يجني حصادها الأعداء و أعداء أمتنا كثر.
و الحيرة مستمرة لا تتوقف تحتاج منا فك شفراتها، تحتاج منا حل ألغازها، تحملنا ألا نغض الطرف عنها لنتجاوزها بالقفز و الهروب، و الحيرة تساؤلات وجيهة تفرض نفسها على كل مهتم و غيور، فهذه الرؤى تفتح الأفاق لواقع يسوغه الوعي بقضايا الأمة و مصالحها الحيوية ، فالمواطن الصالح هو الذي يعيش واقع أمته حلوه و مره ، يساهم بأفكاره و جهده و مبتغاه عبور طريق السلامة بأمان .
وسوم: العدد 1016