آداب مهملة !
الأدب هو مادة مهمة في تعامل الناس مع بعضهم البعض ، فلا نعجب حين يصف النبي نفسه : (أدبني ربي فأحسن تأديبي )
فليس من الأدب رعونة الخُلُق ، و خشونة المعاملة ، لهذا كان الرفق سيد الأخلاق ، فيعطي الله الأجر بالمضاعفة لمن زان نفسه بالرفق و اللين .
عدّت البذاءة و خشونة المعاملة من الصفات المذمومة بين الناس فيما بينهم ، فهم مطالبون أخذ القدوة الحسنة و التآسي من النبي صلى الله عليه وسلم في القول و العمل و الصفة ، فقد كان عف السان ، لين الكلمة ، حسن العشرة ، يسع من يجالسه ، لا يحب الفضح ، ميال للستر.
لا يتميز على الناس بعلو مكان أو نبرات صوت أو وجاهة سلطان ، فلا يفرق بين اثنين في المجلس ، و لا يقاطع متحدث حتى يفرغ ، و لا يتحدث بالإشارة في الجماعة ، و لا يتدخل فيما لا يعنيه ، يعطي المجالس حقها فيلقي التحية ، و يسلم على من يلقاه ، يسلم و يجلس ، حيث انتهى به المجلس ، فكان يستأذن في الجلوس و الانصراف ، يسامر جليسه ، يعود المرضى و يسأل عن الغائب ، يحفظ الأقدار و المقامات ، يعرف فضل الأصحاب ، يكره إذاية الخلق و لو بالكلمة ، يرفق بالضعيف ، يمازح الكبير و الصغير .يشارك الناس الأفراح و الأتراح ، لا يجامل في الحق، يتجمل بالحياء و العفة .
قد ينظر المرء لهذه الآداب بالزهادة ، و لكنها في البناء القيمي المجتمعي لها قيمتها ، معاملات بسيطة ، لكن لها أثر فاعل في ترصيص العلاقات و تقويتها ، فآداب الجلوس ، و آداب الأكل ، و آداب الحوار ، و آداب الاختلاف والموافقة ، كلها من صميم تعاليم ديننا ، أكد عليها الشارع الحكيم .
فمتى تحيا هذه القيم و الآداب في سلوك الفرد و الجماعة ؟!
وسوم: العدد 1042