دبابة في مشفى الشفاء
لعلّ الحكاياتِ ستنتهي ، ستحجبها طلاسمُ السّحرة ، فلم يعدْ القلم يقوى على الكتابة ولا عدسات التصوير تقوى لنقلِ الصّورة ..
فالصّورُ أضحت مقلوبة، حين مات الضّمير ، ولم يعدْ للأدمية عنوان ، كلّ شيء بات يلعنُ الحقيقةَ ، حتّى الخيال بات حزينا ، فلم يعدْ بمقدوره تلخيصَ الحكاية ..
فجموحُ الخيال توقّف عند نقطة البداية ، حين أخبروه أن دبابةً تجوبُ باحة المشفى ، تجوب فضاء قاعة الجرحى ، تزمجر بصوتها المزعج ، تجوب في قاعة الإنعاش ..
وحولها القتلى، من صبي وفتى ، وصبية وفتاة ، جميعُهم يخنقهم أزيز صوتٍ عنيف ، أزيز يُسكِت صوتَ صغيرٍ في قِماطِه ، يقتله الجوع ، يصرخُ أينَ حليبي ؟ !
كنت أصدّق كلّ شيء إلا أن تدخل الدّبابة باحة المشفى ، تنشر الدّعر والخوف ، في جوفه أجسام مشوهة ، مرمية هنا وهناك ، فلم أعد أحتمل كذبَ الدّجالين ، من يَسوغوا قوانين الرّحمة المزعومة ، من يهتكون القانون بأيادٍ ملطخة بالدّماء ، تصنع من مادة القانون مجزرة ، تصنعُ من مادةِ القانونِ محرقة ، جميعهم لا يبالي ، أن يُباد من يسكن المشفَى ، لأن المقتولَ اِسمُه مصطفَى .
وسوم: العدد 1058