على هامش مأساة أمة ..
مآسي الأمم من صنع أيادي أبنائها أولا... وقد تأتي بعد ذلك عوامل أخرى داخلية أو خارجية قريبة أو بعيدة ...
قال تعالى: {أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أنى هذا قل هو من عند أنفسكم إن الله على كل شيء قدير} (آل عمران:165).
وقال تعالى: 《 وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ 》 سورة الشوري (30) .
وقال تعالى: ( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا . فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ) . نوح 25_26
***
كل من أوصل أمة محمد صلى الله عليه وسلم التي كانت خير أمة إلى أن تكون أضعف الأمم فهو إما آثم أو مجرم أو منحرف أو جاهل أو كسلان أو غبي...
*كانت هذه الأمة كماقال جرير:
تَرى الناسَ ما سِرنا يَسيرونَ خَلفَنا
وَإِن نَحنُ أَومَأنا إِلى الناسِ وَقَّفوا
أُلوفُ أُلوفٍ مِن دُروعٍ وَمِن قَناً
وَخَيلٌ كَرَيعانِ الجَرادِ وَحَرشَفُ
وَإِن نَكَثوا يَوماً ضَرَبنا رِقابَهُم
عَلى الدينِ حَتّى يُقبِلَ المُتَأَلَّفُ
*والآن صارت كما قال جرير أيضا لله دره:
وَقالَ الناسُ ضَلَّ ضَلالُ تَيمٍ
أَلَم يَكُ فيهِمُ رَجُلٌ رَشيدُ
.......
وَيُقضى الأَمرُ حينَ تَغيبُ تَيمٌ
وَلا يُستَأمِرونَ وَهُم شُهودُ
........
لِئامُ العالَمينَ كِرامُ تَيمٍ
وَسَيِّدُهُم وَإِن رَغَموا مَسودُ
***
شيء محزن لما آلت إليه الأمور في خير أمة أخرجت للناس..
عجز حضاري ...
وتقهقر في شتى الميادين..
وعجز اقتصادي واجتماعي كامل..
وتبعية مطلقة ..
وغرق في وحل الخطايا والرزايا والتخلف...
وجاهل بل مجرم بحق نفسه وأمته كل من أسهم في وصول الأمة لهذه الحالة المأساوية...
ومن هؤلاء:
*طاغية يكسر الميزان ببوطه ... ويسفك الدم الحرام.. وينطلق من تصور شاعر جاهلي كهذا الذي يقول:
لَنا الدُنيا وَمَن أَمسى عَلَيها
وَنَبطِشُ حينَ نَبطِشُ قادِرينا
نُسَمّى ظالِمينَ وَما ظُلِمنا
وَلكِنا سَنَبدَأُ ظالِمينا
*وهامان الذي يزين لسيده فرعون أعماله ويمده بالقول والفعل..
*وقارون الذي جمع المال من عرق المساكين واكتنزه، وإذا أنفقه فعلى أهوائه وأهل المجون والعربدة..
*وبلعام الذي يفتي بقتل ثلث الأبرياء حفاظا على الثلثين في زعمه..
*وعابد سكران في حب مولاه كما يزعم ... ولكنه لم يغضب لربه مرة واحدة!
*وقارئ جعل آيات الله بابا للرزق والرقى والتمائم والشعوذة..
*وباحث ينقب عن أخطاء السلف وينبش قبور من سبقونا إلى ديار الحق..
*ومحدث يضعف الحديث الصحيح ويقوي الحديث الضعيف بحسب المزاج أو المصلحة لأكل عيشه ..
*وشاعر ينشد:
إنما العاجز من لا يستبد
*وفنان مستهتر خليع يفسد الفن والذوق والأخلاق..
*وفيلسوف يقوم بالتنظير لفلسفة الصراع وغطرسة القوة وأن القوة هي الحق المطلق دون سواها...
*ومدرس لا يحسن توصيل المعلومات لتلاميذه ولا يكون قدوة صالحة لهم.
*وعامل لا يتقن ما يصنعه..
*وفلاح متواكل كسلان يزرع في غير وقته..
*وامرأة تنفق نصف وقتها على المكياج.. ونصفه الآخر وراء التلفاز والموبايل.. وآخر ما تفكر به مصلحة بيتها وأولادها..
*وقطيع سادر لا هم له إلا الماء والمرعى...
***
(كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته) كما قال الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم...
تغافل أكثر الناس عن هذا الجديث... فمعظم الناس مشغول عن مسئوليته ... ويتعامى عن وظيفته.. ويشتغل بعيوب غيره.. وساخط على قدره ... إلا من رحم المولى سبحانه وتعالى.
***
لمثل هذا يذوب القلب من كمد
إن كان في القلب إسلام وإيمان
اللهم أصلح أحوال أمة محمد صلى الله عليه وسلم.
وسوم: العدد 1084