ذاكرة المرح والطفولة
يهمس في أذني همسات خفيفات، بصوته الرّخيم يشدّني لماض عشته.
يقول لي في رقة وعذوبة منطق ، هيّا نلعب !
أمسكتني الدهشة برهة ، كهل في الخمسين ، يحنّ لأيّام الطّفولة .
يقول ما أحلى تلك الأيام وما أغذب لحنها ليتها تعود .
عاد بي صحبي لزمن جميل مضى سريعا كومضة البرق الخاطف.
كان الكهل يتنهد قليلا ثم يعود يرسل إليّ أحاديثه المشوقة .
يقول لي : أتذكرُ يوم كنا نجلس في حلق مع أبناء العمومة في باحة سقيفة الحوش ، نلعب لعبة السيڤ هي ( لعبة من أقدم الألعاب التقليدية الجزائرية، التي يلعبها الكبار والصغار ) .
فيها كنا نمارس شقاوة الأطفال في تنافس محموم تحوطنا رقابة الجدات .
نمرح ونضحك وتلهو لا نعرف العراك ولا الشجار.
ظلّ الكهل يشرح تفاصيل لعبها في متعة لا توصف خلته عاد لطفولته الأولى .
ثم يسترسل في حديثه يذكر لي ألعابا مارسناها قديما ، مازالت محفوظه في ذاكرته رغم طول المدة .
كنت أجد في حديثه أنس حياة الطفولة الماضية التي لا تعرف تسارع الزمان ولا تسارع التكنولوجيا الحديثة ولا الهواتف الخلوية المتطورة ، التي سرقت جمال وبساطة زمن ولى واستدار .
قلت له في تحسّر لما هذا الجيل لا يذكر ألعابنا التي كانت تسعدنا ، فطفولة هذا الجيل لا تذكر لعبة الخاتم ، ولا لعبة الخربقة ولا لعبة الغميضة، ولا لعبة السارق والمجلد ، هي ألعاب كثيرة لا حصر لها غابت وأصبحت من الزمان البائد المنسي .
قلت له سامحني على المقاطعة ، ليتنا نعود لماض ألعابه غاية في البساطة ، ألعابه قمّة في المتعة ، المؤسف أن أطفال اليوم حرموا التّسلية الحقيقية ، حرموا الفائدة، فقدوا روح ألفة الصّداقة التي كانت تجمع جيل الأمس ، فالجيل الأمس كان محصنا بالإيجابيّة.
وسوم: العدد 1084