اقرأ وامسك القلم
الْبَعْضُ يَخَافُ أَنْ يَحْمِلَ كِتَابًا ، وَ الْبَعْضُ يَخَافُ أَنْ يَفْتَحَهُ ، وَ الْبَعْضُ الْآخَرُ يَخَافُ مِنْ تَهَجِّي أَوَّلِ كَلِمَةٍ فِي الْكِتَابِ ، وَ الْبَعْضُ الْآخَرُ لَا يَجْرَأُ أَنْ يُمْسِكَ الْقَلَمَ لِيَخُطَّ أَوَّلَ كَلِمَةٍ فِي الْكِتَابَةِ ، كُلُّ تِلْكَ الْمَخَاوِفِ ، سَتَسْقُطُ لَوْ قَرَّرَتْ أَنْ تَكْسِرَ الْخَوْفَ دَاخِلَ النَّفْسِ اتِّجَاهَ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ .
مَا يَجِبُ أَنْ يَعْرِفَهُ كُلُّ إِنْسَانٍ أَنَّ دَاخِلَهُ مَوَاهِبَ وَ قُدُرَاتٍ حَبَاهُ اللَّهُ بِهَا ، وَمِنْ ذَلِكَ الْقُدْرَةُ عَلَى تَعَلُّمِ أَشْيَاءَ كَثِيرَةٍ ، وَ مِنْ تِلْكَ الْمَوَاهِبِ وَ الْقُدُرَاتِ تَتَشَكَّلُ شَخْصِيَّتُكَ ، عَلَى الْإِنْسَانِ أَلَّا يَشُدَّ عَلَى الْقَاعِدَةِ فَيَسِيرَ فِي اتِّجَاهِ خَطِّ سَيْرِهِ مُتَسَلِّحًا بِقُوَّةِ الْعَزِيمَةِ ، فِي تِلْكَ اللَّحَظَاتِ سَتَنْفَجِرُ الْكَثِيرُ مِنْ الْمَوَاهِبِ وَ مِنْهَا مَلِكَةُ الْقِرَاءَةِ وَالْكِتَابَةِ .
فَجَرُبُّ أَنْ تَقْرَأَ جُمْلَةً وَاحِدَةً فِي صَفْحَةِ الْكِتَابِ ، ثُمَّ كَرِّرْ ذَلِكَ مَرَّاتٍ ، فَسَوْفَ تَجِدُ حَلَاوَةً وَ مُتْعَةً لَمْ تَعْرِفْهَا ، سَتَكْتَشِفُ ذَاتَكَ تَنْجَذِبُ نَحْوَ الْقِرَاءَةِ ، تَجْذِبُكَ نَحْوَ الْكِتَابِ فِي رُفُوفِ مَكْتَبَتِكَ ، وَ سَوْفَ تَتَوَلَّدُ بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَلَاقَةُ حُبٍّ أَبَدِيَّةٌ ، فَلَا تَعْجَبْ فَالْمَرْءُ مِنَّا لَمْ تَنْشَأْ مَعَهُ مَلَكَةُ الْقِرَاءَةِ أَوْ الْكِتَابَةِ وَ حُبُّ الْمُطَالَعَةِ ، وَ لَكِنْ بِالتَّعَلُّمِ وَ التَّدْرِيبِ الْمِرَانِ وَ الصَّبْرِ عَلَى تَخَطِّي أَوَّلِ التَّجْرِبَةِ ، امْتَلَكَ أَصْحَابُ صَنْعَةِ الْكَلِمَةِ ، زِمَامَ الْحَرْفِ وَ الْكَلِمَةِ ، فَكُلُّ شَيْءٍ فِي الدُّنْيَا يَبْدَأُ بِالتَّجْرِبَةِ ، وَ بِالتَّجْرِبَةِ نَمْتَلِكُ الْخِبْرَةَ ، الَّتِي تَتَحَوَّلُ فِيمَا بَعْدُ إِلَى إِبْدَاعٍ فَنِّيٍّ .
عَنْ تَجْرِبَتِي كُنْتُ دَائِمًا أُحِبُّ أَنْ أَتَجَاوَزَ مُشْكِلَةَ الْخَوْفِ مِنْ النَّقْدِ الْخَوْفِ مِنْ تَتَبُّعِ الْعَثَرَاتِ وَ رَصْدِ الْأَخْطَاءِ الْعَفْوِيَّةِ الْغَيْرِ مُتَعَمَّدَةٍ ، كُنْتُ أُحَدِّثُ نَفْسِي دُونَ اسْتِشَارَةِ أَحَدٍ أَنْ أَتَوَقَّفَ عَنْ الْكِتَابَةِ ، اتْرُكَ هِوَايَتِي الْمُفَضَّلَةَ الَّتِي سَاعَدَتْنِي لِأَتَجَاوَزَ الْكَثِيرَ مِنْ عَقَبَاتِ حَيَاتِي ، لَكِنَّ إِصْرَارًا دَاخِلِيًّا كَانَ يَمْنَعُنِي ، يَحْمِلُنِي لِأَتَجَاوَزَ أَزْمَتِي لِاِنْتَصِرَ عَلَى الْكَابُوسِ الْمُزْعِجِ .
تَجَاوَزْتُ الْخَجَلَ وَ الْخَوْفَ ، أَنْ أَكْتُبَ خَوَاطِرِي ، أُقَدِّمَ أَرَائِي ، أُعَبِّرُ عَنْ أَفْكَارِي الَّتِي أُؤْمِنُ بِهَا ،
حَبِّيٌّ لِلْقِرَاءَةِ جَعَلَنِي أُقْبِلُ عَلَى الْحَيَاةِ ، تَجْعَلُنِي أَسْبَحُ فِي عَالَمِ الْفِكْرِ ، تَجْعَلْنَنِي أَكْثَرَ نُضْجًا ، تَجْعَلُنِي أَتَقَبَّلُ الْآخَرَ ؛ بَلْ أَتَقَبَّلُ عُيُوبِي ، فَأُصْلِحُهَا دُونَ خَوْفٍ مِنْ أَحَدٍ ، تَجْعَلُنِي أُقَدِّمُ أَرَائِي بِأَدَبٍ وَ جُرْأَةٍ لِأَنِّي أَرَى الِانْزِوَاءَ وَ الْخَجَلَ وَالتَّوَتُّرَ وَ الضَّعْفَ أَمْرَاضً تَحْرِمُنَا لَذَّةَ الِاسْتِمْتَاعِ مِنْ الْقِرَاءَةِ وَ الْبَحْثِ عَنْ نَقْصِنَا الْمَعْرِفِيِّ ، الْفَائِدَةُ الَّتِي يَجِبُ مَعْرِفَتُهَا أَنْ نُرَوِّضَ النَّفْسَ وَنُعَوِّدَهَا عَلَى الْعَادَاتِ الْحَسَنَةِ حَتَّى تَتَهَذَّبَ طِبَاعُنَا .
وَ لَيْسَ ذَلِكَ عَسِيرًا حِينَ أَنْ نَقْبَلَ نَحْوَ مَا نُرِيدُ ، نَسِيرُ نَحْوَ هَدَفِنَا الْمَرْسُومِ بِثِقَةٍ ، نَصْنَعُ التَّغْيِيرَ الْإِيجَابِيَّ الَّذِي يَرْفَعُ قَدْرَنَا وَ قِيمَتَنَا .
قَالَ الله تعالى : ( ( إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ) [ الرَّعْدُ : 11 ]
وسوم: العدد 1102